الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مصلحة الأردن وقرار تسليح المعارضة السورية

مصلحة الأردن وقرار تسليح المعارضة السورية

16.06.2013
باتر محمد علي وردم

الدستور
الاحد 16/6/2013
لا يوجد نموذج على قضية سياسية-عسكرية حظيت بمعضلة أخلاقية أكبر من الثورة في سوريا وخاصة فيما يتعلق الأمر بالمصلحة الأردنية والتأثيرات التي يمكن أن تتسبب بها اية مخرجات للثورة السورية على الأردن. في البداية لا يستطيع أي إنسان يملك ذرة من الضمير أن يتجاهل حقيقة أن النظام السوري هو اسوأ نظام على وجه الكرة الأرضية حاليا وواحد من اسوأ ما مر عليها في تاريخها. البرودة والوحشية التي أظهرها النظام في البطش بالمتظاهرين ومن ثم كافة سكان بعض المدن وتدمير البنية التحتية والاستهتار وقيمة الحياة الإنسانية وارتكاب الفظائع في قتل النساء والأطفال وهم نائمون يجعل إسقاط هذا النظام أولوية أخلاقية.
ولكن الاشهر الماضية شهدت تحولا جذريا في حالة المعارضة السورية نحو سيطرة تيارات متطرفة ولا تقل سوءا ووحشية عن النظام. لم يعد من الممكن الآن الحديث عن ثورة سلمية تقود إلى دولة ديمقراطية مدنية لجميع السوريين. للأسف الصراع الآن بين نظام طائفي وحشي ومعارضة دينية متطرفة وطائفية ايضا ويساهم الطرفان في هدم كل القيم والاشياء الجميلة في سوريا. المواطن السوري العادي واقع الآن بين نارين فهو يتعرض لقصف النظام والجيش وإجرام الشبيحة وفي المقابل يتعرض لإرهاب التنظيمات المتطرفة وعمليات القتل حسب الهوية أو حسب قرارات “محاكم دينية” سريعة أو عن طريق الخطف والابتزاز واحتلال المنازل والمصالح التجارية وتحويلها إلى قواعد عسكرية.
قرار الولايات المتحدة الأخير بتسليح المعارضة السورية يبدو غامضا وربما يزيد الأمور سوءا في الميدان. لا تعنينا هنا مواقف النفاق الدولي من قبل روسيا والصين وإيران التي تقدم الدعم للنظام السوري وتنزعج من دعم الدول الأخرى المتواضع للمعارضة، ولكن السؤال هو حول نوعية هذه الاسلحة وهل هي قادرة على حسم الصراع لمصلحة المعارضة أم تعطي المعارضة المزيد من التشجيع للعمل العسكري الذي يستنزف الجميع؟
في نفس السياق يبقى السؤال حول مصلحة الأردن في هذا الأمر. ربما أن غالبية الأردنيين يتمنون الإطاحة بنظام الأسد فورا ولكنهم ايضا ليسوا مرتاحين بل رافضين لأي دور أردني في تسليح المعارضة، فنحن نريد سقوط النظام ولكنا لا نريد المشاركة في ذلك لاعتبارات سياسية وربما أخلاقية ايضا.
ربما أن غالبية الأردنيين تتمنى أن تسمع ذات يوم أن الجيش الحر قد تمكن من السيطرة على سوريا والإطاحة بالنظام وأن سوريا اصبحت تعيش في سلام وفي ظل نظام ديمقراطي مستقر وأن اللاجئين السوريين سيعودون إلى ديارهم.
للأسف هذا لن يحدث. ما سيحدث هو إما استمرار الوضع الرهيب الحالي الذي يقضي على اشكال الحياة الطبيعية في سوريا، أو انتصار النظام بدعم معسكر روسيا-الصين-إيران-حزب الله وبالتالي قيامه بتصفية وحشية لخصومه، أو انهيار النظام وسيطرة فئات متطرفة على الأراضي السورية وسيادة الفوضى وجعل سوريا ساحة لتفشي جرثومة التطرف والتكفير. يبقى الخيار الوحيد الإيجابي هو التوصل إلى اتفاقية تهدئة وسلام بين الأطراف المتحاربة وبرعاية دولية وهذا صعب التحقق أو قيام ضباط في الجيش السوري بالقضاء على بشار الاسد وعصابته من خلال انقلاب يسمح بانهاء الحرب وإنشاء نظام انتقالي عسكري يضم قيادات سنية وعلوية ومسيحية وكردية وكافة مكونات الشعب السوري. هذا الحل الحلم لم يتحقق منذ سنتين ولا يبدو قابلا للتحقق الآن.
في خضم كل هذه الأزمة المعقدة نبقى في الأردن نمارس توازنا صعبا من الحياد الإقليمي ونستمع يوميا لنظريات المؤامرة السخيفة حول قيام الأردن بتنفيذ دور عسكري في سوريا. يجب أن ندعم موقف الحياد الإيجابي هذا ولا نسمح بانتشار الفوضى في الأردن وأن يبقى حل الأزمة السورية بيد الفرقاء السوريين أنفسهم.