الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مصلحة بوتين

مصلحة بوتين

24.09.2013
إيزي لبلار



القدس العربي
الاثنين 23/9/2013
‘إن الفشل الذي أصاب الرئيس الامريكي باراك اوباما اثناء الازمة في سورية هو نقطة تحول في الشرق الاوسط. قام اوباما بحيلة دعائية متناقضة ووصف الوضع بأنه انتصار أُحرز بالتهديد بقوة عسكرية امريكية. لكن بوتين في واقع الامر هو الذي أدى دور السياسي الدولي، ومكّن روسيا من أن تقصي الولايات المتحدة في واقع الامر عن دور الزعيمة العالمية.
أظهر بوتين في تخطيطه لاجراءاته في سورية، قدرته على العمل وتقديم السلعة لأجل حليفاته. وقد أحرز هيمنة اقليمية بواسطة حلف سورية مع القوس الشيعية الواسعة التي تشمل ايران وسورية ولبنان، في وقت توجد فيه مصر الآن خارج المعادلة، وتشك الحكومة المصرية في ادارة اوباما لتخليها عن مبارك ودعمها للاخوان المسلمين، وأصبحت كذلك تخضع لتأثيرات روسية.
إن هدف بوتين هو أن يُعاود انشاء حراك عالمي ذي قطبين تكون فيه روسيا القوة المسيطرة. وهو مصمم على زعزعة الولايات المتحدة في كل أمر تقريبا. ولا شك في أنه سيستمر في استغلال الشعور القومي والمشاعر المعادية لامريكا كي يرفع منزلته لدى جمهور ناخبيه المحلي، وهذا توجه تُظهره خطابته الحالية.
من المؤكد أن الرئيس ريغان تقلب في قبره حينما صاغ بوتين كلامه من جديد في نفاق، في مقالة نشرت مؤخرا في صحيفة ‘نيويورك تايمز: ‘كلنا مختلفون، لكن حينما نطلب بركة الرب ينبغي ألا ننسى أن الله قد خلقنا متساوين… علينا أن نكف عن استعمال لغة القوة، وأن نعود الى طريق التسوية الدبلوماسية والسياسية المتحضرة’.
إن هذه التطورات وعلى نحو لا يمكن منعه تُحيي ذكريات تتعلق بدور الاتحاد السوفييتي في الشرق الاوسط في اثناء الحرب الباردة، ومؤامراته المشتركة مع الدول العربية، والحملات الدعائية المعادية للسامية، التي بلغت ذروتها بقرار الامم المتحدة السيئ السمعة الذي سوّى بين الصهيونية والعنصرية.
لكن سيكون من المضلل أن نضع بوتين في نفس الفئة مع قادة امبراطورية الشر. فبوتين بخلاف السوفييت المعادين للسامية لم يُظهر أي كراهية للشعب اليهودي. بالعكس، في اثناء زيارته لاسرائيل عاد وأعلن عن مبلغ فرحه لزيارة الدولة التي تشتمل على أكثر من مليون مواطن يتحدثون الروسية. وحذر كذلك، وإن لم يكن ذلك صادقا، من أن المتمردين السوريين يُعدون لهجوم غاز على اسرائيل.
إن بوتين بالطبع ليس مُحبا كبيرا لليهود، وسيتعاون مع اسرائيل فقط حينما يخدم ذلك أهداف روسيا. وقد استعمل في الماضي الفيتو الروسي في مجلس الامن ودعم الايرانيين، رغم طموحاتهم الذرية. ويتوقع الآن أن يعرض مفاعلا ذريا على رئيس ايران حسن روحاني في لقائهما القريب. لا يجوز لاسرائيل أن تبيح لنفسها الانجذاب الى ألعاب بوتين أو الى داخل التوتر الاقليمي. وعلينا أن نرفض اشارة بوتين التي تقول إن سلاح الاسد الكيميائي هو ردع ضئيل اذا قيس بقوة اسرائيل الذرية، وأن نرفض طلب الاسد أن نتبنى اتفاق السلاح الكيميائي قبل أن تفعل سورية ذلك.
إن الأحداث الناشئة في سورية تؤكد الرسالة الرئيسة وهي أن اسرائيل يمكن أن تعتمد على نفسها فقط. وفي حين يجب علينا أن نحافظ على دعم الشعب الامريكي ومجلس النواب كي نحارب الضغوط السياسية العالمية، ينبغي الاحتراز من أوهام الدعم العسكري الامريكي. ونقول كما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقتبسا من الكتاب المقدس: ‘إن لم أكن أنا لي فمن لي؟’.
اسرائيل اليوم 22/9/2013