الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مصير الأسد مفتاح الحل

مصير الأسد مفتاح الحل

03.04.2016
د. رياض نعسان أغا


الاتحاد
السبت 2-4-2016
وصلت المفاوضات في جولتها الثانية إلى طريق شبه مسدود، وأحكمت روسيا سده حين أعلنت أن لافروف أقنع كيري بعدم بحث مستقبل الأسد، ولم ينف كيري ذلك، وربما يخطط الطرفان لأن تكون الوسيلة الوحيدة لتقرير مستقبل الأسد هي الانتخابات الرئاسية في نهاية المرحلة الانتقالية، ويومها يقال للشعب السوري "احتكم إلى صناديق الاقتراع واهزم خصمك إن استطعت"، وسيفاجأ الشعب المشرد الغائب بأنه هو الذي هُزم!
والسماح للأسد بترشيح نفسه لعبة ذكية لإعادة تأهيله ولتقديمه للعالم كأنه يملك شعبية كاسحة، وربما تستعاد التمثيلية الهزلية في الانتخابات الأخيرة التي نافس الأسد فيها شخصين مواليين له!
والأسد وأعوانه يملكون خبرات واسعة في إدارة الانتخابات، فضلاً عن التهديد الخفي لكل من يجرؤ على أن يكتب (لا) في مناطق نفوذه، وحين يستشعر مناصروه خطراً سيفتعلون من المشكلات ما يجعل الانتخابات دامية.
وروسيا التي انسحبت سياسياً ولم تنسحب عسكرياً تدير سوريا من موسكو، وتخطط لجعل الأسد المحارب الأكبر للإرهاب، وقد وضحت أهداف الهدنة بتمكين الأسد لدحر "داعش" وسيأتي دور "النصرة" بعدها، وهكذا يستعيد الأسد سيطرته على المناطق التي خرجت عن سلطته، وقد تم تقييد "الجيش الحر" بالاتفاقية ثم بتجفيف مصادر دعمه أو تقليل حجمها، ولن يستطيع أحد انتقاد الأسد حين يحارب الإرهاب، رغم أن تحرير تدمر بالمعونة الروسية جاء موضع ريبة لكثيرين استغربوا أن تترك قوات "داعش" تمضي نحو 150 كم وأكثر في البادية دون أن يلاحقها أحد! وبعيداً عن الصلة بين التطرف الديني وبين خطة النظام بدفع معتقليه سابقاً لتشكيل تنظيمات متطرفة لتصوير الصراع كأنه دولة شرعية تواجه إرهاباً، فإن هذا الهدف فشل حين عادت المظاهرات الشعبية تملأ الساحات السورية رافعة شعارات الديمقراطية، وحين تعرّف العالم إلى ممثلي المعارضة المعتدلين عبر مؤتمر الرياض.
لقد بات مثيراً موقف المجتمع الدولي من منظمات إرهابية استثناها من حملته، مثل "حزب الله" والميليشيات العراقية والإيرانية الشيعية، مع أنها تحمل رايات وشعارات دينية ثأرية مغرقة في التطرف. ومع قناعتنا بأن الإرهاب لا دين له ولا مذهب، فإننا نستغرب أن يكون هناك إرهاب جيد وآخر سيء.
لقد خرق النظام الهدنة مئات المرات، وقصف حتى قبل يومين مساجد في غوطة دمشق، وهو يعتدي على حرمات المسلمين، وهو يؤهل نفسه بدعم روسي للاستمرار في الحكم، ليصفي كل من عارضه، ويعيد صناعة دولة أمنية عسكرية عصية على طلاب الحرية والكرامة، وقد بات مرتاحاً لهجرة ونزوح نصف الشعب، وهو يهجِّر البقية بالترويع والتجويع والحصار والقمع كي يصبح المسلمون السنة أقلية في البلاد، وربما يكون هذا امتحاناً للمجتمع الدولي الذي يقلق على مستقبل الأقليات، فهل سيشمل هؤلاء بقلقه واهتمامه؟
لقد وقفنا ضد الطائفية ودعونا إلى أن تكون المواطنة وحدها معيار الانتماء الوطني، لكن روسيا التي أعلن وزير خارجيتها يوماً بأنه لن يسمح للسنة بالوصول إلى الحكم في سوريا باستمرار الصراع والغرق الطويل في بحار الدم، وإعلان موسكو الأخير بألا يبحث مصير الأسد في المفاوضات يعني فشلها، بينما العالم كله يعرف أن رحيل الأسد هو مفتاح الحل للقضية السورية.