الرئيسة \  تقارير  \  مطالب اردوغان والأسد: تصفية سياسية للمعارضة والقضاء على “قسد”

مطالب اردوغان والأسد: تصفية سياسية للمعارضة والقضاء على “قسد”

22.08.2022
منهل باريش


منهل باريش
القدس العربي
الاحد 21/8/2022
من المرجح أن تتطور اللقاءات بين دمشق وأنقرة وتخرج من الغرف الأمنية المغلقة لتتحول إلى لقاءات سياسية في وقت غير قصير.
تستمر صحيفة “Türkiye Gazetesi” المقربة من حزب العدالة والتنمية بنشر ملامح الانعطافة السياسية التركية تجاه النظام السوري، بعد عدة تصريحات سياسية أطلقها وزير الخارجية مولوود تشاووش أوغلو. وقالت الصحيفة، الأربعاء، إن “دمشق تريد أن تصبح جاراً لتركيا بعد 11 عاماً” وحددت مطالب الطرفين بخمسة مقابل خمسة. حيث يشترط النظام السوري لتطبيع العلاقات مع تركيا، تسليم معبر باب الهوى الحدودي (جيلفي غوزو) ومعبر كسب إلى إدارة النظام. والمطلب الثاني هو أن تسلم أنقرة الطريق الواصل بين معبر باب الهوى وطريق حلب-دمشق لسيطرة النظام. ورغم عدم الخوض في التفاصيل إلا أن ذلك يعني تسليم الطريق والبلدات والمدن التي يمر بها الطريق التقليدي والذي يمر بسرمدا وحزانو ومعرتمصرين وإدلب وسرمين وصولا إلى سراقب. وفي المطلب الثاني يشترط النظام تسليم طريق اللاذقية-حلب-الحسكة والمعروف بطريق M4.
ويشدد النظام على ان تقوم تركيا بدعمه في وجه العقوبات الأمريكية وعقوبات الاتحاد الأوروبي التي تشمل رجالات حكومة النظام بشكل عام وهذا يعني ضمنا جنرالات الجيش والأمن المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويربط النظام عملية مكافحة الإرهاب بعودة النفط بشكل كامل إلى سلطته، إضافة لوجوب دعم تركيا له بمجالات الزراعة والبنية التحتية والسدود والمياه وشبكة الطرق. في حين يحدد المطلب الخامس دعم تركيا للنظام سياسيا في مسائل عودته إلى المؤسسات الإقليمية والدولية ومنها منظمة التعاون الإسلامي وممارسة ضغطها على شركائها العرب من أجل استعادة مقعد جامعة الدول العربية.
في مقابل مطالب النظام السوري، طالبت أنقرة بتطهير كامل الأراضي السورية من عناصر حزب العمال الكردستاني وذراعه السورية الممثلة بوحدات حماية الشعب الكردية، والقضاء على تهديد الإرهاب مع حدودها بشكل تام، والتزام النظام بعملية الدمج السياسي والعسكري مع المعارضة بطريقة صحيحة، وتحديد محافظات حمص ودمشق وحلب كمناطق اختبار أولية لعودة اللاجئين وان تشرف أنقرة على عملية العودة في المرحلة الأولى وان تتابع إجراءات ما بعد عودتهم وإسكانهم في مناطقهم. ونصت المطالب التركية على تطبيق مسار جنيف وكتابة دستور جديد وديمقراطي لسوريا وإجراء انتخابات حرة ونزيهة والإفراج عن السجناء السياسيين وخاصة منهم النساء والأطفال والمرضى.
ورغم عدم إشارة الصحيفة المقربة من حزب العدالة والتنمية إلى تفاصيل إضافية، إلا أنها تحدثت عن لقاء الوفدين التركي والسوري من دون تحديد ان يكون اللقاء على المستوى الدبلوماسي أو انحصاره باللقاءات الأمنية المعتادة.
ميدانيا، ارتكبت قوات النظام السوري مجزرة في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، حيث قصف براجمات الصواريخ منطقة سوق الهال القديم، ما أسفر عن مقتل 17 مدنيا بينهم ستة أطفال وإصابة أكثر من 35 بجروح خطيرة. ورجح المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد القتلى بسبب عدد الجرحى الكبير. وأكد أن مصدر القصف هو مواقع قوات النظام في ريف حلب الشمالي، ويأتي القصف بعد أيام من قصف الطيران الحربي التركي موقعا لقوات النظام في عين العرب/كوباني وعلى اعتبار ان النظام لن يتجرأ على التصعيد المباشر مع أنقرة وقصف نقاط الجيش التركي في ريف حلب الشمالي، ينتقم من المدنيين كما جرت العادة، حيث تركز القصف على الأحياء السكنية والسوق الشعبي. والجدير بالذكر أن أغلب القتلى والجرحى هم من النازحين من أرياف إدلب وبالأخص مدينة معرة النعمان.
في السياق، اعترفت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” باستهداف الأراضي التركية ردا على تصعيد الهجمات من قبل القوات التركية على مناطق في شمال وشرقي سوريا.
وأشار المركز الإعلامي لـ “قسد” الخميس، إلى أنها نفذت ثلاث عمليات على الحدود التركية-السورية في مواقع تابعة لمدن أورفا، وغازي عنتاب، وماردين التركية. وأضاف البيان ان العمليات أدت إلى مقتل “سبعة جنود أتراك، بينهم ضابط وعنصر من الاستخبارات، وجرح ثلاثة آخرين” معتبرة أنه يأتي في إطار ما وصفته “حق الرد المشروع”.
في حين أعلنت وزارة الدفاع التركية وفاة جنديين وإصابة ثلاثة آخرين، أحدهم قتل على الفور، الثلاثاء، والآخر بعد يوم متأثرا بقصف من قبل “الإرهابيين” على معبر جيجيكالان الحدودي مع سوريا بولاية شانلي أورفا.
وأتى قصف قسد بعد استهداف الطيران الحربي التركي، الثلاثاء، موقعا عسكريا لقوات النظام في تل جارقلي بعين العرب/كوباني، أقصى شرق محافظة حلب، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة جنود من جيش النظام السوري وإصابة ستة آخرين، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري.
وزاد نشاط الطائرات المسيرة التركية في منطقة شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها “قسد” وقتلت الطائرات بدون طيار ثلاثة عناصر من “قسد” في هجوم استهدف معمل الإسفنج بالقرب من قرية شموكة التابعة لبلدة تل تمر بريف الحسكة الغربي.
وفي إطار التوتر قرب الحدود التركية السورية، دفع الجيش التركي بتعزيزات إلى مناطق عدة في أرياف محافظة حلب، ليل الثلاثاء، من معبر الحمام في عفرين إلى داخل المدينة، ورتل آخر من معبر باب السلامة بريف حلب الشمالي وتمركزت في القاعدة العسكرية التركية قرب مدينة اعزاز.
وصعد الجيش التركي من وتيرة قصفه على المناطق التي تنتشر فيها “قسد” والأخص بالذكر مدينة تل رفعت. كما قصفت فصائل الجيش الوطني السوري المعارض قرى حربل والمديونة وحصية الواقعة في جوار تل رفعت والتي تسيطر عليها “قسد”. وعلى الجهة المقابلة لعفرين قصفت المدفعية التركية عدة مواقع تتبع لـ”قسد” قرى صوغانكة وقنطرة وأبين بناحية شيراوا.
ومع توتر الأوضاع الثلاثاء، نفى وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، البدء بهجوم تركي ضد “قسد” في شمال سوريا، وأتى تصريح الوزير بإطلاق تحذيرات عبر مكبرات الصوت في المساجد، حذرت المواطنين من الخروج من منازلهم بسبب انطلاق العملية العسكرية. واعتبر صويلو إن الإعلان الذي أذيع في مساجد بلدة كاركاميش بشأن شن عملية عسكرية في سوريا “تجاوز الغرض المطلوب” مشيراً إلى أن السلطات لم تفرض حظر تجول في المنطقة.
ومن المرجح أن تتطور اللقاءات بين دمشق وأنقرة وتخرج من الغرف الأمنية المغلقة لتتحول إلى لقاءات سياسية في وقت غير قصير، إلا أن صعوبة الملفات وتعقيداتها بين الجانبين ستحول دون إنجاز في القريب العاجل، إلا أن اردوغان يسعى إلى الاستثمار في الورقة السورية إلى أقصى حد قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام المقبل، ونزعها من يد المعارضة التركية التي جعلتها شغلها الشاغل. في المقابل فإن النظام السوري سيسعى إلى الاستفادة الاقتصادية وفرض سيطرته على المعابر والطرق التي لم ينجح بكسبها في الحرب ضد المعارضة السورية. إلا انه لن يمضي قدما لتسهيل فوز اردوغان بولاية رئاسية جديدة، فهو بالتأكيد يفضل هزيمته ووجود رئيس آخر، يقدم الكثير من التنازلات مقابل ورقة حزب العمال الكردستاني. في نهاية الأمر، ستؤول الأمور إلى تصفية المعارضة السياسية السورية، عبر دمج بضعة أشخاص سياسيين وعسكريين مقربين من أنقرة، يحصلون على مقعد وزاري ومنصب في إدارة هامشية في جيش النظام، لكنه كاف لإعطاء شرعية صورية لعملية الانتقال السياسي والمصالحة السياسية، وبالطبع سيحصل ذلك بالتوازي مع القضاء على “قسد” لإرضاء أنقرة.