الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معارضون لا يتفقون!

معارضون لا يتفقون!

19.10.2013
يوسف الكويليت



الرياض
الجمعة 18/10/2013
    عادة في الظروف النضالية الصعبة، والمقاومات الشعبية تبدأ القوى الوطنية توحيد صفوفها والاتجاه إلى الهدف الواحد بتحرير الوطن، أو صد أي هجوم عليه، والنموذج الفيتنامي مضرب مثل عندما هزم الشعب ثلاث قوى عالمية بدأت مع اليابان، ثم فرنسا، فأمريكا وبعد ذلك لم نر انشقاقات في صفوف الحركة الوطنية، أو حالات انقسام بين قياداتها بل جاء الانتصار ليتوج الجميع بالبطولة، وعلى العكس من ذلك الوضع العربي، فعدا الجزائر لا نجد المعارضة تبقي خلافاتها خارج إطار الهدف الأساسي، والنموذج الفلسطيني صورة بارزة بوجود العديد من التنظيمات والقيادات التي تتوزع على جهات عربية ودولية بولاءاتها حتى أصبح الوطن يتناقص كل يوم، ويخفت صوت القضية والتعاطف معها عربياً ودولياً بسبب هذه الحالة المزرية.
انظروا إلى المعارضات العربية التي خرجت حديثاً ضد حكومات الربيع العربي، والنماذج التي تحولت من الإطاحة بتلك الأنظمة إلى نماذج تريد استنساخها، فأصبح لكل فصيل قيادة وشعارات ومطامع في السلطة بدءاً من صانعة هذه الثورات ومفجرتها تونس وكيف جاءت التناقضات حادة ومسيّسة دون اتفاق على موقف، وجارتها ليبيا تتعرض لما هو أخطر حيث يتجه البلد إلى التقسيم بين العديد من التصنيفات الحزبية والقبلية وجميعها يملك السلاح والمليشيات، بينما ثروة النفط وحدها قادرة على تحويل الشعب بملايينه الستة إلى وطن رفاه لو أديرت سياسته بتوافق بين الخصوم، ويحمد لليمن رغم فقره وتعدد قبائله والانتماءات ما بين أقصى اليسار واليمين وامتلاك ملايين قطع السلاح التي تتوزع على العائلات والأفراد، دون أن تخلق أزمة رغم الظروف الصعبة والتدخلات الخارجية في وقت نرى الصور متعاكسة في العراق وسورية.
ففي الأولى شبه حرب أهلية معلنة بين دولة تتخندق داخل قوقعة الطائفة وتعمل على فصل تام بين مكونات الوطن ليأتي رد الفعل مساوياً للفعل وهي نموذج لوطن ضائع تتقاسمه الولاءات والانقسامات، حتى أن الأمل بخروج توافقي يزداد كل يوم إلى اختراق متباعد، والمأساة أنه بعام واحد فاق القتلى نصف مليون إنسان.
في سورية، ومع طول الحرب بين سلطة فاشية تحارب معها إيران وحزب الله ودعم روسي مفتوح، نجد بدايات التآلف الوطني كانت جيدة لأن وضوح الهدف هو الذي وحد الفصائل، غير أن الدائرة بدأت تضيق لتنفجر الخلافات إلى حد تبادل إطلاق النار، وهو الرهان الذي اعتمده النظام، بل إن ظهور وجه القاعدة وقوى إسلامية متطرفة لا تختلف مع طروحاتها، جعل القوى الكبرى تتفق على بقاء الأسد لأن البديل سيكون الأسوأ أسوة بما حدث في أفغانستان ثم العراق، وربما أن "لبننة" الوضع هناك هي الأقرب لحرب ما تزيد على العقد ونصف العقد، ولا يبدو في الأفق حل سواء ما تحاول الأطراف الدولية فرضه، أو من يدعم المعارضة خشية أن تتطور الأحداث لما ينعكس سلباً على الدول الداعمة.
جنيف (٢) سيعقد لكن فشله أقرب من نجاحه حيث المعارضة السورية لا تستطيع أن تتوحد لتمثل دور مؤيديها والعاملين معها، والنظام يعرف كيف يتكلم مسنوداً بدولتين عضوين في مجلس الأمن، وعلى ذلك فالخسارة ستلحق بهذه المعارضة التي تآكلت من داخلها وفسحت المجال بأن ينتصر الأسد وحلفاؤه.