الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معارك شرسة جنوب إدلب… مقتل العشرات والنظام يسيطر على 10 قرى

معارك شرسة جنوب إدلب… مقتل العشرات والنظام يسيطر على 10 قرى

22.12.2019
هبة محمد


القدس العربي
السبت 21/12/2019
دمشق – "القدس العربي": في إطار الحملة العسكرية الرابعة التي يقودها الحلف الروسي السوري، على منطقة خفض التصعيد الأخيرة شمال غربي سوريا، وضمن مساعيه الحثيثة للوصول إلى معرة النعمان جنوبي إدلب والسيطرة على الطريق الدولي الذي يربط بين مدن الشمال السوري، مستفيداً من صمت الضامن التركي، قتل 16 مدنياً وأصيب 45 آخرون، أمس بقصف حربي ومروحي لقوات النظامين على ريف إدلب.
وكثفت الطائرات غاراتها على مدينة معرة النعمان واستهدفتها بالصواريخ والبراميل المتفجرة، ما دفع الأهالي للخروج بمظاهرات حاشدة عند معبر باب الهوى الحدودي، تنديداً بالصمت التركي، لكن اللافت في ذلك، تصدي تنظيم جبهة النصرة "هيئة تحرير الشام" للتظاهرة، واعتقال ناشطين وصحافيين، وسط إطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع باتجاه المدنيين.
وقتل أكثر من 80 مقاتلاً من قوات النظام والفصائل المقاتلة في اشتباكات مستمرة بين الطرفين خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة.
وتدور منذ الخميس اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة وفصائل مقاتلة أبرزها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) من جهة ثانية في محيط مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، حسب المرصد.
 
تكتيكات تقليدية
 
وأوقعت المعارك المستمرة، وفق المرصد، 30 قتيلاً في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها، مقابل 51 من مقاتلي الفصائل، غالبيتهم من هيئة تحرير الشام ومجموعات متحالفة معها. وكانت حصيلة أولية للمرصد أفادت عن مقتل أكثر من ستين من الطرفين.
مدير الدفاع المدني في سوريا قال لـ "القدس العربي" ان فرقه وثقت الجمعة استهداف 25 منطقة بـ 61 غارة جوية، 29 منها بفعل الطيران الحربي الروسي، ونحو 90 برميلاً متفجراً، وصاروخاً من راجمات أرضية وصواريخ ثقيلة نوع أرض – أرض، إضافة إلى 28 قذيفة مدفعية، سقط جميعهم فوق رؤوس المدنيين.
وشمل القصف، حسب مصطفى الحاج يوسف، مدينة سراقب وبلدات جرجناز وتلمنس والغدفة والهلبة ومرديخ وأبو مكي وتل الشيح وأم جلال وصهيان بريف إدلب الشرقي، ومدينة معرة النعمان وخان السبل والتح وبزابور وفركيا وبينين وحنتوتين وسرجة ودير سنبل والبارة ومعرزاف ومنطف بريف إدلب الجنوبي، بالإضافة إلى بلدات بداما والناجية والكندة بريف إدلب الغربي.
 
مظاهرات منددة بالصمت التركي على وجود نازحين على الحدود… و"النصرة" تطلق الرصاص عليهم
 
مدير وحدة الدراسات لدى مركز جسور للدراسات عبيدة فارس، رأى ان النظام السوري يسعى إلى الوصول إلى معرّة النعمان، عبر استراتيجية عسكرية تقليدية، إذ تحاول قوات النظام السوري الوصول إلى معرة النعمان جنوبي إدلب والسيطرة عليها، بما يؤدي بطبيعة الحال لتطويق نقطة المراقبة التركية في تل صرمان أو معر حطاط أَو كليهما، مستفيدة من غياب أي ردّ فعل من جانب تركيا حين محاصرة نقطة مورك، وكذلك عدم تقويض العملية السياسية في أستانة إثر انهيار وقف إطلاق النار حين بدأ الاجتياح البري في أيار/ مايو 2019 في إطار الحملة العسكرية الثالثة.
وأوضح فارس لـ "القدس العربي"، ان قوات النظام السوري وروسيا تتبع سياسة الأرض المحروقة التي تهدف لقطع خطوط الإمداد العسكرية، وبثّ الذعر بين السكان المحليين للضغط على فصائل المعارضة وتركيا.
ثانياً، القضم البطيء، في ظل صعوبة سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة العازلة دفعة واحدة، وهذا ما يُفسر إعلان روسيا لهدنة أحادية الجانب في نهاية آب/ أغسطس 2019، فمن العسير تحمّل التكاليف البشرية والعسكرية والاقتصادية للمعركة دون إعادة ترتيب الأوراق مجدداً، وثالثاً، السيطرة على التلال الحاكمة لتسهيل انهيار دفاعات فصائل المعارضة، وفي حال تعذّر الوصول إلى تلك المرتفعات تبادر قوات النظام السوري لفتح محور أو محاور مشاغلة في مناطق سهليّة.
رابعاً الاعتماد على أسلوب (التطويق) أو فكي الكماشة في السيطرة على مساحات واسعة لتقليل التكلفة المفترضة، فمن المتوقّع أن تصل قوات النظام السوري إلى معرّة النعمان عبر محورين الأوّل يمتد إمّا شمال أو جنوب نقطة المراقبة في تل الصرمان والثاني إما غرب أو شرق نقطة المراقبة في معر حطاط.
وخامسًا، الاعتماد على الهجمات الليليّة من أجل تحقيق خرق في دفاعات فصائل المعارضة، حيث أثبتت الحملة العسكرية الثالثة صعوبة ذلك خلال العمليات القتالية في وضح النهار، إضافة إلى تفتيت واستنزاف القوّة الدفاعية لفصائل المعارضة، عبر تنفيذ ضربات متكررة وعنيفة ينفّذها النسق الهجومي الأول المكوّن غالباً من مجموعات المصالحات والميليشيات غير الاحترافية، لحين تنفيذ الهجوم الثاني عبر الأنساق الأخرى والتي قد تكون القوات الخاصة الروسية إحداها إلى جانب الميليشيات الإيرانية غير المحلية مثل حزب الله وفاطميون وغيرهم.
 
الوضع الميداني
 
وتواصل قوات النظام تقدمها على حساب فصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية، حيث انتزعت السيطرة على نحو 10 قرى جنوب شرقي إدلب حسب المرصد السوري لحقوق الانسان، الذي اكد استمرار المعارك على محاور عدة بالقطاع الجنوبي الشرقي من الريف الإدلبي، بين قوات النظام والميليشيات الداعمة لها من جهة، والفصائل ومجموعات جهادية من جهة أخرى، حيث تمكنت قوات النظام بإسناد جوي وبري مكثف من قضم مزيد من المناطق وهي "أم جلال وأم التوينة والخريبة والربيعة والشعرة وبرنان وسحال والفرجة وأبو حبة".
وأمام ما تقدم، فسّر المعارض السياسي وائل الخالدي ان ما يجري على الأرض، وهو وفق اتفاق تركي – روسي، "لضمان تسليم طريق دمشق- حلب، المعروف بـ إم 5، لموسكو، وحمايته من قبل الفصائل، كضمانة لبقائها، وشراكتها بمداخل المعابر، تمهيداً لدمجها لاحقاً بالفيلق السادس".
وحسب رؤية المتحدث، فإن الولايات المتحدة وافقت على عدم التدخل في هذا الاتفاق الروسي – التركي، ورفضت التخلي عن منابع النفط، ومصادر المياه والطاقة كلها، لذلك نراها انسحبت من منبج لفتح طريق "التهجير"، ولكنها لم تنسحب من "منبج المفيدة"، أي السد والمياه.
 
النصرة
 
واعتقلت هيئة تحرير الشام مجموعة نشطاء وصحافيين، لعدة ساعات، وذلك أثناء تغطيتهم المظاهرة المنددة بالصمت التركي، حيث أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع لتفريق جموع المتظاهرين عند معبر باب الهوى الحدودي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عناصر أمنية تابعة لـ "هيئة تحرير الشام" اعتقلت 4 نشطاء إعلاميين أثناء تغطيتهم المظاهرة الحاشدة المناهضة للحكومة التركية عند معبر باب الهوى الحدودي، حيث تمكنت هيئة تحرير الشام من تفريق المتظاهرين من خلال إطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع.
كما شهدت المظاهرة عبارات مناوئة لتحرير الشام رددها المتظاهرون بعد الممارسات التي نفذها عناصر الهيئة من إطلاق رصاص والاعتداء بالضرب فضلاً عن الاعتقالات التعسفية.
وأغلقت "هيئة تحرير الشام" الطرقات المؤدية إلى معبر باب الهوى من خلال وضع كتل إسمنتية ونشر عشرات العناصر من الأمنيين الملثمين، حيث حاول المتظاهرون الوصول إلى البوابة لمطالبة الضامن التركي بالتحرك لوقف العمليات العسكرية التي تشهدها مناطق ريف إدلب.