الرئيسة \  تقارير  \  معاريف: كيف نوقف بوتين؟

معاريف: كيف نوقف بوتين؟

12.03.2022
افرايم غانور


بقلم: افرايم غانور
الغد الاردنية
الخميس 10/3/2022
يقف العالم بلا وسيلة أمام رئيس روسيا فلاديمير بوتين. فهو يخدع الجميع، يواصل المس بالمدنيين، يشدد الحصار ويدمر المدن في أوكرانيا ويتصرف أساسا وكأن “رب البيت جن جنونه”.
هذا الجنون كان ينبغي إيقافه في مهده بطريقتين. في التنازل له – إعطاؤه شيء من طموحاته الكبرى ومنحه إحساسا بمراعاته وبأنه مهم. او اجتثاث هذا التهديد منذ مراحله الأولية، بنصب قوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” أمامه، مع تحذير بأن كل عدوان روسي سيرد عليه الناتو ودول أوروبا. ولكن لما كان أي من هاتين الإمكانيتين لم تطرح على بوتين، فإنه فسر هذا كضوء أخضر لتدهور الوضع وغزو أوكرانيا، مثلما فعل في العام 2014 حين غزا وضم شبه جزيرة القرم.
المشكلة الكبرى هي أن بوتين محاط بعصبة من “الامعات”. حول طاولته الطويلة لا يوجد حتى ولا “ولي” واحد يوقفه ويسأله إلى أين يدهور روسيا والعالم؟ بوتين، الذي لم يتوقع ردا عسكريا وسياسيا كهذا من جانب أوكرانيا، ولا رد اقتصادي كهذا من الأميركيين والأوروبيين، رفع هذا الغزو مرحلة أخرى، مثابة “ما لا يتحقق بالقوة، يتحقق بمزيد من القوة”. عندما بدأت العقوبات الاقتصادية تضرب وتدهور الروبل، أضاف أيضا “سأريكم من هو بوتين وما هو قادر عليه”.
إن عزل روسيا يصبح محفزا لنزواته، فيما يرى بوتين بأن لا مشكلة له في ذلك وأنه بهذه الطريقة لن يوقفه أحد عن تحقيق أهدافه. حتى لو كان الثمن باهظا وأليما لكل روسي، بمن فيهم أرباب المال المقربون منه.
وفي هذه الأثناء، فإنه يقف على بندين. من جهة يتحدث عن وقف النار، الحوار والمحادثات لتحقيق تسوية، بل ويدعو إليه رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت. ومن جهة أخرى يواصل الجيش الروسي تشديد الحصار على مدن أوكرانيا وتفاقم الوضع الإنساني هناك، ما يدل على أن بوتين بعيد عن الحلول الوسط والتنازلات.
رغم أصوات الاحتجاج، الضائقة والقلق في روسيا، يبقى في مواقفه المصممة ويحرص على عرض مواقف متصلبة لا تترك أملا لملايين الأوكرانيين، الذين تحول نحو 2 مليون منهم حتى الآن إلى لاجئين.
ومن هنا إلى الاستنتاج (وتحذير إلى جانبه: السطور الآتية ليست لطيبي النفوس الذين لا بد سيقولون أنها تحريض على الإرهاب والعنف ولا مكان لها في العالم المتنور): وبالفعل، لما كان بوتين يفهم بالأساس لغة القوة فإن السبيل الوحيد لوقفه هو استخدام سلاحه.
لأجل وقف هذا الجنون من جانب بوتين ينبغي للأوكرانيين أن ينفذوا عددا من العمليات الاستعراضية الكبرى في موسكو وفي سان بطرسبورغ تتسبب بهزة وقلق في روسيا. وعلى العمليات أن تأتي متسلسلة. أي قبل أن تنتعش في موسكو من عملية كبيرة في منطقة الكرملين، في غداة عملية كبرى في جادة نفسكي في سان بطرسبورغ.
عمليات كهذه فقط يمكنها أن تهز الحياة في قلب روسيا قريبا من البيت. فقط عمليات كهذه ستجعل بوتين يشم رائحة بارود الحريق، وأن يفهم أن في موسكو أيضا يمكن للناس أن يعيشوا بخوف وبقلق على حياتهم – مثلما في كييف – وأن روسيا ليست محصنة من استخدام القوة والإرهاب ضدها. عمليات كهذه ستزيد أيضا الضغط والنقد على بوتين من الداخل، حين يترافق هذا مع القلق والخوف. هنا بالطبع يطرح السؤال هل الأوكرانيون قادرون على أن ينفذوا هذه المهمة التي بوسعها أن تغير الوضع وتوقف جنون بوتين؟.