الرئيسة \  تقارير  \  معاريف .. بلينكن : مهما اختلفنا .. ستبقى إسرائيل حليفنا الأهم في الشرق الأوسط

معاريف .. بلينكن : مهما اختلفنا .. ستبقى إسرائيل حليفنا الأهم في الشرق الأوسط

15.12.2022
زلمان شوفال

معاريف .. بلينكن : مهما اختلفنا .. ستبقى إسرائيل حليفنا الأهم في الشرق الأوسط
القدس العربي
بقلم: زلمان شوفال
 معاريف 13/12/2022
الاربعاء 14/12/2022
في كتابه “روما والقدس” كتب موشيه هاس بأن روما والكاثوليكية، المركز الروحاني “للإمبراطورية الرومانية المقدسة”، القوة العظمى المسيطرة في ذاك الوقت، أرادت القضاء على اليهودية. بالمقابل، حين يكتب كتاب “واشنطن والقدس” يوماً ما، سيروى فيه بالتأكيد عن أمريكا، القوة العظمى السائدة في العصر الحديث التي لعبت دوراً مهماً في تجدد شعب إسرائيل في بلاده. بدأ الآن فصل جديد بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء نتنياهو، وثمة تاريخ طويل من العلاقات، إيجابي ومحب في معظمه، من الطرفين، لكن ليس دائماً. كان الفصل الأول من الصيغة الحالية خطاب وزير الخارجية أنتوني بلينكن مؤخراً في مؤتمر منظمة جي. ستريت؛ فقد أثنى على الانتخابات الديمقراطية في إسرائيل، وهنأ نتنياهو بانتصاره، وشدد على أن أهمية العلاقات بين أمريكا وإسرائيل لا صلة لها باللون السياسي لحكومتها.
ووقف على نحو خاص عند أهمية الدعم الأمريكي لأمن دولة إسرائيل، وذلك لأنه “لا سلام بدون إسرائيل قوية وآمنة”، وعليه، فإن “التزام الولايات المتحدة بأمنها مقدس ولم يسبق أن كان قوياً مثلما هو الآن”. كما ذكر بلينكن معارضة الإدارة لـ BDS وللتمييز بحق إسرائيل في المحافل الدولية بما فيها الأمم المتحدة. ثمة من عجب لقرار وزير الخارجية الأمريكي إلقاء خطابه بالذات في مناسبة لمنظمة هي بشكل عام معادية لمواقف إسرائيل وليست فقط في عهد نتنياهو، لكن يبدو أنه عمل بقصد كي يضع مسار الحزب الديمقراطي في مكانه، الذي يدعو إلى اتخاذ سياسة أكثر تحفظاً تجاه إسرائيل، بما في ذلك في شؤون الأمن. صحيح أن بلينكن كرر الأقوال العادية في موضوع حق الدولتين، والحاجة إلى خطوات دفع السلام وتحسين وضع الفلسطينيين، لكن هذا ربما لم يرح سامعيه خائبي الأمل.
على أي حال، مع أن الموضوع الفلسطيني ليس في مقدمة مواضيع السياسة الخارجية لدى الإدارة مثل الصين وروسيا وأوكرانيا ومشاكل الطاقة، فمن الخطأ أن نستخلص بأن الميول الأساسية لإدارة بايدن في الموضوع الفلسطيني ستكون ضريبة لفظية فقط أو سقوطه عن جدول الأعمال. بالعكس، في المسألة الفلسطينية مادة متفجرة قد تثقل على احتمال التوصل إلى تفاهمات في مواضيع حيوية أخرى، وعلى رأسها إيران. وبالفعل، إيران موضوع ذو طاقة كامنة لخلافات شديدة مستمرة منذ عهد الرئيس أوباما وكلمة رئيس الوزراء نتنياهو أمام الكونغرس. صحيح أن واشنطن تتعامل الآن مع إمكانية استئناف الاتفاق النووي بتشاؤم ظاهر، لكن لا ضمانة بألا تعود إلى ذلك، وفي هذه الحالة سيتعين على إسرائيل برئاسة نتنياهو أن تتخذ قرارات صعبة في هذا الاتجاه أو ذاك. في الأيام الأخيرة، سمعت أصوات مسؤولة، في واشنطن وربما في إسرائيل بالذات، حذرت الحكومة الجديدة من مغبة اتخاذ خطوات لضم “المناطق” [الضفة الغربية] أو تغيير الوضع الراهن في الحرم، وإن كانت هذه المواضيع على أي حال ليست على جدول أعمال نتنياهو.
السياسة الخارجية والداخلية متداخلتان سواء في الولايات المتحدة أم في إسرائيل. اليسار في الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب فاز في الانتخابات الأخيرة بعلاوة بضعة مندوبين، ويمكن الافتراض بأنه سيستغل تفوقه النسبي لانتزاع إنجازات من الإدارة، بما في ذلك في موضوع إسرائيل. العلاقة بين أمريكا وإسرائيل تشمل كل المواضيع ذات الصلة تقريباً بحياة الدولتين، وهذا بالنسبة لإسرائيل يتعلق أيضاً بوضع يهود أمريكا وبموجة اللاسامية المستشرية. وثمة موضوع آخر لا يحظى إجمالاً باهتمام كبير في إسرائيل، لكنه يبعث على القلق في واشنطن يتعلق بالعلاقات المتوثقة، خصوصاً في الاقتصاد والتكنولوجيا بين إسرائيل والصين. ولا ترى الولايات المتحدة في هذا موضوع منافسة اقتصادية أو تكنولوجية فحسب، بل تراه موضوع خصومة استراتيجية وجغرافية سياسية، وإن إسرائيل رغم فضائل العلاقات مع الصين، لا يمكنها الوقوف جانباً دون أن تعرّض علاقاتها مع حليفها الأساس للخطر.
علاقات إسرائيل مع أمريكا متنوعة ومتفرعة بحجوم غير مسبوقة، لكنها قد تتعرض للأزمات التي يمكن حلها مثلما في الماضي، بدبلوماسية إسرائيلية حكيمة واستعداد من الطرفين للحلول الوسط، أو إيجاد مبررات مقنعة لتأجيلها إلى موعد آخر.
نشر في الولايات المتحدة مؤخراً كتاب المؤرخ وولتر راسل ميت، “طيف الحلف بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومستقبل الشعب اليهودي”. وتقول نظريته بأن هذا الحلف ليس مستقراً فقط، بل إن دعم أمريكا لإسرائيل منذ 40 سنة يخدم المصلحة الأمريكية أيضاً؛ وهو زعم يحظى بالمناسبة بالإسناد أيضاً من مصادر أخرى مع الأخذ بالحسبان أن إسرائيل ومكانتها في الواقع الشرق أوسطي الحالي، حتى عقب اتفاقات إبراهيم، وفي ضوء الجوانب الأمنية والتكنولوجية المنسوبة لها، هي الحليف الأكثر استقراراً لأمريكا في المنطقة.