الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معاناة أطباء الظل في سورية

معاناة أطباء الظل في سورية

26.06.2016
بن تايوب


الوطن السعودية
السبت 25/6/2016
أكدت لجنة شكلتها الأمم المتحدة أن قوات النظام السوري تستهدف عمدا العاملين في المجال الطبي لخدمة مصالحها العسكرية، وتمنع العلاج عن المصابين. وطبقا لمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"،  فعلى مدار 5 أعوام، استهدف النظام السوري العاملين في المجال الصحي، بالقصف والاغتيال، والتعذيب حتى الموت، منهم من احترق داخل سيارة الإسعاف، ومنهم من قُتل خلال معالجته المرضى.
يُعاني ملايين المواطنين في جميع أنحاء سورية من نقص الرعاية الصحية. فحلب التي زخرت بآلاف الأطباء في الماضي، أدَّت الأحداث إلى ترك 95% منهم البلاد. وأخيرا، أُعلن موت طبيب الأطفال الأخير في حلب، وطبيب أمراض القلب الأخير في حماة. ليس ذلك فقط، بل إن وزارة الصحة السورية تمنع قوافل الأمم المتحدة الطبية من توصيل الأدوية، والإمدادات الجراحية إلى المناطق المُحاصرة، انتهاكات للقانون الإنساني الدولي "يدينها بشدة" مجلس الأمن، في حين يدعم أربعة من خمسة أعضاء دائمين بالأمم المتحدة تحالفات تهدم المستشفيات في سورية واليمن والسودان.
لكن أطباء الظل، بالتعاون مع منظمات دولية غير حكومية، تمكنوا من إنشاء شبكات من المستشفيات السرية في الداخل السوري، مجهَّزة بكاميرات تنقل الوضع في وحدات العناية المركزة، كي يتابع أطباء الخارج المرضى خلال "سكايب"، ويوجهوا الفنيين والأطباء قليلي الخبرة إلى الطريقة المُثلى للعلاج، وفقا للإمكانات المتاحة.  جهَّز جرّاح بمستشفى جامعة حلب عددا من البيوت الآمنة لإجراء العمليات الجراحية، وجنّد 7 من تلاميذه في الخفاء عن طريق زميل له يدعى نور، لتنشأ مجموعة "نور الحياة".
تلتقط هذه المجموعة التلاميذ المصابين من الشوارع، وتنقلهم إلى أحد البيوت الآمنة، لعلاجهم بالإسعافات الأولية التي تعلموها عن طريق سكايب، على يد أستاذهم الذي بقيت هويته سرا حتى اليوم، متخذا في البداية اسم "د. وايت"، ثم يغادرون المكان قبل أن يصل الأستاذ، ليقوم بعمله.
في صيف 2012، اختطفت قوات الأمن "نور" وقتلته، إضافة إلى 3 من تلاميذ د. وايت، عُثر على جثثهم المتفحمة، ليغير د. وايت اسمه الحركي إلى الاسم الذي يستعمله حتى يومنا هذا "عبدالعزيز".
تمثلت المشكلة الكُبرى في نقص التدريب اللازم للأطباء، والتمريض، والتقنيين للتعامل مع الإصابات، خصوصا مع النقص الحاد في الإمكانات. لكن أطباء غربيين تطوعوا بالذهاب إلى الداخل السوري، ومعالجة الحالات، وتدريب العاملين في المستشفيات على طب مناطق النزاعات. أحد أهم هؤلاء الأطباء هو ديفيد نوت، الجراح البريطاني والعضو بمنظمة "أطباء بلا حدود".
ينقل ديفيد نوت خبرته التي اكتسبها من سفره إلى مناطق النزاعات مثل سراييفو، وأفغانستان، وسيراليون، إلى الأطباء والتقنيين السوريين، بهدف إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح.
ما زال ديفيد نوت يُقدّم الاستشارات للأطباء السوريين في مستشفى "إم (1)"، حتى بعد مغادرته حلب. وأنشأ، مع زوجته "إيلي"، مؤسسة لتدريب "أطباء الظل" في مناطق الحرب. وما زالت القوات السورية تقصف المستشفيات في حلب بالبراميل المتفجرة، وهدمت بعضها بالفعل فوق رؤوس الأطباء والمرضى.
سجلت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" 365 هجوما ضد المنشآت الطبية السورية، 90% منها نفذته القوات الحكومية السورية والروسية، كثير منها نُفّذ على مرتين، فبعد 20 دقيقة أو نحوها، تعود المروحيات، أو الطائرات النفاثة، لتقتل فريق الإنقاذ.