الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معذرة .. لمن يجري تجييش الجيوش ؟

معذرة .. لمن يجري تجييش الجيوش ؟

10.09.2014
عدنان كامل صلاح



المدينة
الثلاثاء 9-9-2014
سيبقى بالطبع السؤال الأهم وهو لماذا يوجد أمريكيون يرغبون في دعم إيران على حساب العرب ؟
معذرة .. لمن يجري تجييش الجيوش ؟توقفوا لحظة من فضلكم ، العالم استنفر لإعلان الحرب وتشكلت تحالفات ووضعت الإستراتيجيات وتوقفت لغة الكلام الناعم ليحل محلها التهديد والوعيد وانطلقت أساطيل العالم متجهة إلى مناطق قريبة من أرض الشام .. وأعلن الناتو يوم الجمعة الماضي في قمته التي عقدت بويلز البريطانية عن إقامة تحالف لمحاربة ( داعش ) من كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا وألمانيا والدنمارك وبولندا بالإضافة إلى تركيا ، وأن العسكريين اتفقوا على إستراتيجية لدعم حلفائهم في العراق وسوريا في حربهم .. بل وأطلق وزير الخارجية الأمريكي تصريحاً على هامش مؤتمر ويلز يقول فيه إن إتاحة الفرصة لداعش بالبقاء " سوف يترك سرطاناً في مكانه ليعود في النهاية لمطاردتنا ".
لنتأمل المنظر ، في منطقتنا ، قليلآً قبل أن نهرول بدون إستراتيجية واضحة خاصة بنا ( نحن العرب وخاصة نحن الخليجيين المستهدفين بشكل رئيسي من داعش وأخواتها ) للمشاركة في التجييش القائم .
(داعش) نبتة شيطانية ظهرت في العراق وسوريا ، وأقامت دولة سمتها ( دولة الخلافة الإسلامية ) . وشعرت بعض أجهزة الإعلام بالحرج من وصفها (بالإسلامية ) فاتجهت لاستعمال مسمى ( تنظيم الدولة ) ، إلا أن وسائل إعلام غربية ومنها ( الوول ستريت جورنال ) فاجأتنا مؤخراً بإطلاق مسمى ( الدولة الإسلامية السنية ) عليها . واتسم أنصار وأعضاء هذا التنظيم بالعنف الأهوج على قاعدة " من اعترض طريقك يجب تصفيته بغض النظر عن دينه أو طائفته " ، وقام الداعشيون بقتل وذبح الآلاف من السنة ، وبضعة من الشيعة والعلويين ، وتباهوا بذلك على وسائل الإعلام المتعددة . ويقول تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أن التنظيم عالي التسليح والتمويل ، وأن دراسة حديثة للولايات المتحدة من سجلات التنظيم الموثقة أظهرت أن أقل من خمسة بالمائة فقط من تمويله يأتي من تبرعات من الخارج ويأتي غالبية التمويل من استحواذ التنظيم على الأموال محلياً ، والاختطاف وطلب الفدية ، وفرض ضرائب على المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم في سوريا والعراق . ومن المعروف أنه استولى على أكثر من(420) مليون دولار نقداً كانت موجودة في بنوك الموصل حين استيلائه عليها في يونيه الماضي بعد هروب الجيش العراقي منها .
وخلال الأيام الماضية ظهر بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق السابق ، ليعلق على أحداث ( داعش) بالقول إن المطلوب نشر القوات الأمريكية في العراق وسوريا لمحاربة هذا التنظيم . وللعلم فإن أول قرار لبريمرعندما احتل العراق إلغاء كافة مؤسسات الدولة العراقية ، بما فيها الجيش وأجهزة الأمن ، وفتح حدود العراق مع إيران على مصراعيها لدخول فرق عسكرية تابعة للتنظيمات العراقية الشيعية قامت إيران بتشكيلها وتدريبها . وقال كولين باول ، وزير الخارجية الأميركي خلال فترة الغزو الأمريكي للعراق ، في مذكراته التي نشرها مؤخراً أن الرئيس الأمريكي بوش ، لم يكن يعلم بهدف بريمر من إلغاء مؤسسات الدولة العراقية ، ولم يأمر بها . وجرى خلال الفترة الأولى للاحتلال جمع أعداد كبيرة من العراقيين في المهجر أكان بأوربا أو إيران أو أمريكا لعقد مؤتمرات معظهما بأوربا لاختيار حكومة يسيطر عليها الشيعة العراقيون ، ويقول رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي في لقاء له مع صحيفة ( الشرق الأوسط ) نشر منذ بضعة أسابيع أن الأمريكيين نصحوا الساسة العراقيين حينها بالذهاب إلى إيران تمهيداً لإقامة حكومتهم .
وأقيمت في بغداد حكومة طائفية استبعدت العراقيين السنة ، وسجنت وقتلت كثيراً منهم ، واكتسبت عداءهم . وشجعت الحكومة الطائفية العراقية مليشيات شيعية كانت متواجدة وجديدة تم إنشاؤها للسيطرة على العديد من أجهزة الدولة والتصرف كذلك خارجها كطبقة حاكمة . وساعدت هذه التصرفات الطائفية على نجاح القاعدة ثم داعش في استقطاب العراقيين السنة وكسب دعمهم .
الآن مع الدعم الأميركي العسكري للحكومة العراقية القائمة حالياً عادت الجماعات الشيعية للظهور بشكل علني في المعارك ضد تنظيم داعش ، وشاركت في القتال الأخير شمال مقاطعة صلاح الدين وظهرت أعداد كبيرة منها في ملابس سوداء وبعضها بملابس عسكرية وحملتهم سيارات جديدة وفرها الأمريكيون للجيش العراقي رفعت عليها أعلام الجماعات الشيعية الإرهابية مثل فيلق بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وكتائب السلام التابعة لمقتدى الصدر .
لذا .. إذا كان هدف تجييش الجيوش مواجهة الإرهاب فلابد من أن يكون واضحاً أن الإرهاب المستهدف لن يكون إرهاب السنة فحسب ، بل كل الجماعات الإرهابية بما فيها حزب الله والحوثيون وكتائب أبو الفضل العباس وعصابات فيلق بدر في العراق وأمثالها ، وإلا فإن الرأي العام السني سيبدأ بالتساؤل ما إذا كان كل ما يجري هو لصالح المستفيد الأكبر من الأحداث الحالية ، أي الدولة الشيعية الإيرانية ، والتي يحد من توسعها في العالم العربي حاجز المذهب وحاجز اللغة ولكن المليشيات الإرهابية تتيح لها الكثير مما تعجز أدواتها الرسمية عن تحقيقه .. وسيبقى بالطبع السؤال الأهم وهو لماذا يوجد أمريكيون يرغبون في دعم إيران على حساب العرب ؟
مطلوب إستراتيجية تقوم على حل شامل للإرهاب في المنطقة حتى لا نفاجأً برد فعل ندعي أننا لم نكن نتوقعه .