الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معركة دمشق الغامضة

معركة دمشق الغامضة

06.04.2013
د.باسم الطويسي

الغد الاردنية
السبت 6/4/2013
تذهب العمليات العسكرية في سورية نحو المزيد من الحشد والإعداد لمعركة يروج أنها فاصلة، تقع على أبوب دمشق وفي مركز المدينة، وتحسم الصراع المستمر منذ عامين. وتذهب تقديرات إلى أن هذه المعركة ستحتدم بداية الصيف المقبل، بينما تذهب تقديرات أخرى إلى أنه إن وقعت المعركة فلا أحد يستطيع أن يجزم بشأن إلى متى ستستمر، ولا من سيحسمها. لذا، لا يوجد تقدير استراتيجي راشد يستطيع تأكيد نتيجة المعركة؛ فهناك غموض متزايد يلف ميزان القوى على الأرض، وغموض أكثر يلف المواقف الدولية وتطورها.
الولايات المتحدة دعت مؤخرا رعاياها إلى عدم السفر إلى لبنان، الأمر الذي فُسر بالخوف من القادم، وأن الصراع السوري مرشح لعبور الحدود وتجاوزها. وارتبط ذلك بتسريبات حول تقديرات استخبارية غربية، تقول إنه كلما طال أمد الصراع والمواجهة في سورية،  زادت قوة ونفوذ القوى الدينية المتطرفة، عمل ذلك على إخلاء الجبهات والمواقع القيادية من المعتدلين وزاد من تفرقهم. وقد تذهب قوى دولية إلى معركة تحريك، تقود إلى تسوية سياسية خاطفة.
علينا أن نأخذ على محمل الجد أن المواقف الدولية حيال مستقبل الحسم في سورية في ورطة حقيقية. فتمدد القوى الدينية المتطرفة، يشكل في هذه الأثناء أعظم هدية تقدم للنظام السوري. وعمليا، يدفع هذا التقدم بالقوى الدولية إلى إجراء مراجعات قاسية لمواقفها على الأرض، وهو الأمر الذي يبدو أكثر وضوحا حتى في المقاربة الإسرائيلية للأزمة والحرب السورية. فعلى الرغم من أن التقدير الإسرائيلي كان يعجل برحيل الأسد، والذي يعني إضعاف محور إيران-حزب الله وبداية تفكك الجبهة الشرقية وفتح الطريق أمام تحولات تاريخية في مكانة إسرائيل ودورها، إلا أن المواقف الإسرائيلية خضعت هي الأخرى لمراجعة، تأخذ بعين الاعتبار اليوم التالي لانهيار الدولة المركزية في دمشق، ووقوع سورية في أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة، وأن تصبح "القاعدة" على حدود الدولة العبرية. وهنا نلاحظ كيف أدى توسع العمليات العسكرية بالقرب من الجولان، إلى تحذيرات وتهديدات إسرائيلية جادة؛ فقيادة الجيش الإسرائيلي لا ترغب في الدخول في مواجهة عسكرية على الحدود مع سورية. لذا، فالزحف نحو دمشق يشكل في هذه اللحظات مطلبا دوليا؛ إما لحسم مبكر للصراع، أو لتحريك المواقف من أجل الإسراع في الحسم السياسي، في حين أن لا أحد في المجتمع الدولي على استعداد لأن يقدم شيئا وصولا إلى هذه النتيجة.
تأتي هذه التطورات مع تسريب معلومات تقول إن الجيش الحر قام الأسبوع الماضي بتسليم واشنطن وثيقة تسمى "خطة معركة دمشق". وفي هذا الوقت، تردد أن تقارير الاستخبارات الفرنسية دفعت باريس إلى تجميد توريدات الأسلحة الى المعارضة؛ ومصدر التحذير أن بعض الأسلحة الفرنسية التي وصلت سورية هي اليوم بيد الجماعات المتطرفة.
التقديرات الاستراتيجية على الأرض تذهب إلى أن الجماعات الدينية تنقسم إلى أربع مجموعات أساسية، تتجاوز في تعدادها 65 ألف مقاتل، ومعظمها يتلقى التمويل والتسليح من السعودية ودول الخليج بشكل رسمي، أو من قبل أثرياء خليجيين، بينما أكثر جماعة تطرفا وخطورة، وهي "جبهة النصرة"، فإنها الأقل عددا، ولا يتجاوز عدد أعضائها 6 آلاف مقاتل، فيما يصل عدد الجيش الحر إلى 50 ألف مقاتل منتشرين في معظم البلاد.
يبدو أن معركة دمشق مرغوبة من الجميع، ولكن لا أحد على المستوى الدولي على استعداد للمغامرة بالدفع نحوها. ويبدو أن المعركة المنتظرة قد لا تعني نهاية الصراع وحسمه، بل صفحة مؤلمة جديدة.