الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معضلة المعادلة السورية: شرعا يجب الحجر على كل من يبدد أموال الأمة

معضلة المعادلة السورية: شرعا يجب الحجر على كل من يبدد أموال الأمة

11.09.2013
أ. د. علي الهيل



القدس العربي
10/9//2013
كيف يمكن أن يكون حرق الأطفال في سورية خطراً على الأمن القومي الأمريكي وخطراً على الأمن القومي الفرنسي والعالمي، وربما خطراً أيضاً على المجرات والكواكب الأخرى خارج كوكب الأرض، ولا يكون حرق أطفال فلسطين على يد إسرائيل بضوء أخضرأمريكي وأوروبي وفرنسي (بنسب متفاوتة) خطراً على الأمن القومي الأمريكي، وغيره من الأمن القومي الأرضي والأمن القومي للكواكب الأخرى المكتشفة وغير المكتشفة.
أمريكا منذ نشأتها تقود القبح الأخلاقي ضد الأمريكيين الأصليين وفيتنام ولاووس والكوريتين ودول أمريكا اللاتينية واليابان والعراق وأفغانستان
وفلسطين. ليس فقط كيميائي بشار، رغم كل قبحه الأخلاقي، وصمة عار على ضمير الإنسانية. الفوسفور الأبيض والـنــابالم والقنابل العنقودية التي استعــــملتها إسرائيل على الأطفال في فلســطين ولبنان ومصر والأردن وسورية، أكبر وصمة عار على ضمير الإنسانية على مر التاريخ، لا يستطيع أوباما أن يراه بفعل التنويم المغناطيسي للإيباك .
أوباما يربي أطفال أمريكا على الكذب منذ أول يوم وصل فيه الى الحكم، وعد بحل الدولتين ولم ينفذ، ووعد بوقف الاستيطان ولم ينفذ، فهو يكذب ويصدق كذبه. استعمال إسرائيل للنابالم والقنابل العنقودية والفوسفورالأبيض على أطفال لبنان وفلسطين وغيرهما أشد بشاعةً من كيميائي بشار، ومع ذلك لم تتحرك أمريكا.
منذ نشأتها حطمت الولايات المتحدة الأمريكية كل المثل الإنسانية ولم تدافع عنها، كما يدعي أوباما. أما إذا لم تضرب أمريكا الأسد فإن أمريكا ستفقد صدقيتها في العالم، فإن أمريكا أصلاً لا صدقية لها في العالم ضربت أم لم تضرب. إنْ ضربت فسياسة بلا أخلاق ولا قيم ولا مثل، تضرب سياسة مماثلة لها بلا أخلاق ولا قيم ولا مثل و’نار تاكل حطب’، كما تقول لي أمي دائماً.
تلك انعكاسات خطب الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته أو وزير خارجية الإيباك لا فرق (فكلاهما وافق الإيباك على ترشحهما كغيرهما) تمهيداً لشن ضربة سريعة محدودة على سورية، على غرار ‘ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب’.
على افتراض أن (مافيا الأسد) حبيبة إسرائيل في الخفاء على الأقل وحريصة على أمنها، كما صرح رامي مخلوف ابن خالة الأسد، وبما أن إسرائيل حبيبة أمريكا في العلن وفي غير العلن ‘ فحبيبٌ إلى قلبي حبيبُ حبيبي’ .
حتى تاريخ كتابتي للموضوع (3 أيلول – سبتمبر) لم تقع الضربة ولكن: إذا (وإذا ظرفٌ لِما يُستقبل من الزمان) ضربت أمريكا (مؤسسة المافيا الأسدية) في دمشق – كما يبدو من التحركات المكثفة سياسيا والمناورات البحرية النشيطة عسكريا – فهل يمكن القول إذن، إن إسرائيل ليست صديقة أو حليفة غير معلنة لنظام الأسد، وانه لهذا السبب يُعزى عدم تعرضه لها في (الجولان( المحتل منذ نكسة 67، أو عدم الإيعاز (لحزب الله) مثلاً على الأقل (بالتحركش) بها باعتبار أن أمريكا صديقة إسرائيل الأولى، وحتى ما قبل الأولى وحليفتها الأهم على مستوى العالم، وبالتالي هل يمكن اعتبار حزب الله وإيران عدوين لإسرائيل، على عكس ما يشاع وما يروج له الكثير من السنة العرب؟ وهل في الخلاصة يمكن أن نتوقع من الأسد سيناريو ‘عليّ وعلى أعدائي؟’ وهل يمكن كذلك من هذه الخلاصة استنتاج أن اقتناعات أو قناعات العرب السنة قد خابت أو خُيبت؟ أم أن أمريكا ـ حسب كتاب ميرشيمار ووولت قد أمرتها (الإيباك- وهي أي أمريكا مجرد عبد مأمور وفقا للكتاب) بأن تقوم بحريتها وليست طائراتها، لا بطيار ولا بدون طيار، حسب البراديم اليمني أو الباكستاني، بتوجيه دغدغة مقلقة فحسب، لكي لا تُحرج أكثر أمام شعبها ومجموعات الضغط الحقوقية، نتيجة المذابح المرتكبة افتراضا من النظام الأسدي، لاسيما أن الشعب الأمريكي أو عددا كبيرا منه مقتنع أو مضلَّل بأن أمريكا هي أم الديمقراطيات المستقرة و(أنها الكاوبوي – نسخة كلينت إيستوود – من أجل حفنة من الدولارات) التي تدخل ‘القرية الظالم أهلها’ وتبدأ في تنظيفها، وأن (الإيباك) طمأنت إسرائيل على صديقها الأسدي المفترض. ولو أن (الإيباك) ارتأت أن في مصلحة إسرائيل إصدار الأمر لمجلس الأمن الدولي (افتراضا) ولعضوه الأقوى والأهم والوحيد الذي ‘يرجع إليه الأمر كله’ وهو أمريكا، لفرض حظر على طيران الأسد الحربي (وهو يكاد يكون السبب الوحيد في إطالة أجله) لَما ترددت في فعل ذلك ،بيْدَ أن إجراءً كهذا لن يكون في مصلحة إسرائيل، أو كما يبدو للكثيرين على الأقل .
تلكمُ عناصر المعضلة في سورية، يضاف إليها دول خليجية غنية معينة تستميت في صرف نظر المجتمع الدولي عن القبح الأخلاقي للسيسي ودعمت قبحه اللامتناهي بـ12 مليار دولار في مصر، بالتركيزعلى القبح الأخلاقي للأسد كما نعته (جون كيري – وزير خارجية أمريكا)، بينما قتل وجرح الآلاف في مصر، وما حدث على مدى أكثر من ستة عقود ضد الفلسطينيين على يد إسرائيل التي حرقت أطفال فلسطين بالكيميائي والفوسفور الأبيض وكل الأسلحة المحرمة دوليا، والتي عرضت على شاشات تلفزات الدنيا أكثر بكثير من مذابح الأطفال في سورية، ما هي إلا ملاحم من الجمال لا علاقة لها بالقبح الأخلاقي، حسب المنظور المكيافيلي الإيباكي الأمريكي الغربي .ولماَّ كانت (الإيباك) حسب ـ ميرشيمار ووولت- تتحكم في أمريكا على الأقل في ما يتعلق بقراراتها تجاه العالم العربي والإسلامي (بدرجات متفاوتة) من أجل إسرائيل، وإسرائيل فحسب، فإن (الإيباك) تتحكم بحلفاء أمريكا والغرب عموماً في العالمين العربي الإسلامي، ودول محددة في الخليج العربي ليست استثناءً بطبيعة الحال .
لم يفاجئني بل قززني تصريح رئيس الاستخبارات السعودية لـ’وول ستريت جورنال’ الأسبوع الماضي بأن قطر لا تشكل دولة فقط، لأن قطر لم تنضم لجوقة دعم القبح الأخلاقي للسيسي بـ12 مليار دولار لملء جيوب القتلة، وفضلت عوضاً عن ذلك أن تستمر في شحن الغاز القطري خدمة للشعب المصري، وليس للمعتدين على شرعيته الدستورية. بنص الكتاب والسنة يُحرم دعم الانقلاب العسكري وكل ما تمخض ويتمخض عنه، ولا حتى بدولار واحد. وعليه فإن كل من يبدد أموال الأمة لإعانة الظالم على المظلوم يجب بالضرورة الحجر عليه لأنه سفيه والسفيه يُحجر عليه شرعاً .