الرئيسة \  تقارير  \  معهد واشنطن :"المحرقة كانت قصة عربية أيضاً": إحياء ذكرى "الهولوكوست" في العالم العربي

معهد واشنطن :"المحرقة كانت قصة عربية أيضاً": إحياء ذكرى "الهولوكوست" في العالم العربي

31.01.2022
روبرت ساتلوف


الاحد 30/1/2022
روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن منذ عام 1993. ونظراً لكونه خبيراً في السياسات العربية والإسلامية بالإضافة إلى سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، فقد كان للدكتور ساتلوف العديد من الكتابات والخطابات حول عملية السلام العربي الإسرائيلي، والتحدي الذي يمثله الإسلاميون تجاه النمو الديمقراطي في المنطقة، والحاجة إلى دبلوماسية عامة تتميز بالجرأة والابتكار بالنسبة للعرب والمسلمين.
تحليل موجز
المدير التنفيذي لمعهد واشنطن يتحدث عن موجة إحياء ذكرى "الهولوكوست" هذا العام في المنطقة، بما في ذلك تصريحاته في برنامجين بارزين في مصر والإمارات العربية المتحدة.
بالنسبة لي، يشكل هذا الحدث تتويجاً لعشرين عاماً من الجهد. فقبل عشرين عاماً، انتقلتُ مع زوجتي الراحلة وأولادي من واشنطن العاصمة إلى المغرب وبدأتُ المغامرة التي شاهدتموها في هذا الفيلم. كان ذلك بعد خمسة أشهر من هجمات 11 سبتمبر وكان معظم الأمريكيين ينتقلون غرباً، ولكننا كنا ننتقل شرقاً. كانت تجربة لا تنسى.
سافرتُ في مهمة - لمعرفة ما حدث بالفعل في البلدان العربية خلال السنوات الثلاث التي سيطرت فيها ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية، وفرنسا الفيشية على شمال إفريقيا.
سافرتُ ومعي فكرة - أنه خلال تلك السنوات ، كانت هناك قصص مفقودة عن العرب الذين أنَقَذوا اليهود من الاضطهاد والموت.
وسافرتُ على أمل - أن تفتح تلك القصص المُفْعَمة بالأمل، إلى جانب الصورة الكاملة للأدوار المختلفة التي لعبها العرب خلال ذلك الوقت العصيب - أن تفتح الباب أمام حوار صادق وصريح مع العرب حول "الهولوكوست"، وذلك لأنه فقط من خلال نقاش صادق وصريح -  كالحوار الذي نجريه اليوم - يمكننا تلبية الشرط المطلوب الذي حددته الأمم المتحدة لهذه المناسبة: أن نتذكر ما حدث وأن نُعيد الالتزام بالوعد "لن يتكرر ذلك أبداً".
كما ترون، تعلّمتُ أن "الهولوكوست" كانت قصة عربية أيضاً. عندما أقولُ ذلك، دعوني أوضّح - لا أعني أن العرب يتحمّلون مسؤولية "الهولوكوست". هذا قول زائف وخاطئ - إنه افتراء. النازيون مسؤولون، إلى جانب المتعاونين معهم وشركائهم.
ما أعنيه هو أن القصة اللتي كان موقعها الأساسي في أوروبا حدثت أيضاً في أراضي عربية - قوانين عنصرية، مصادرة ممتلكات، أعمال قسرية، احتجاز رهائن، طرد ونفي، وإعدامات. و أنه، تماماً كما هو الحال في أوروبا، لعب الناس العاديون في الأراضي العربية أدواراً - ساعدَ عدد معين منهم المضطَهدين، وراقبَ عدد أكبر من الهامش، وخاطرَتْ مجموعة صغيرة بحياتها لحماية اليهود. في الواقع، بناءً على  البحث الذي قمت به حينها، كانت نسبة المُنْقِذين مقارنة بإجمالي عدد اليهود الذين قُتلوا في الأراضي العربية هي نفسها تقريباً - لا أكثر ولا أقل - مما كانت عليه بين الأوروبيين.
لماذا نعتبر ذلك مهماً؟  نحن نعلم أن الدرس الأساسي للمحرقة عالمي - أن الإبادة الجماعية يمكن أن تحدث في أي مكان، وأننا بحاجة إلى التحرك مبكراً ضد الكراهية والتعصّب قبل أن تصبحان مصدراً للعنف والإرهاب. أنا أؤمن بأن هذه  الروايات مهمة لأنها تُظهر أن التاريخ الذي يستند إليها هو عالمي أيضا من عدة جوانب.
[في القاهرة]
فكّروا في مصر - بلد عظيم له تاريخ غني وكامل. أحد فصول ذلك التاريخ هو معركة العَلَميْن، واحدة من أكثر اللحظات الحاسمة في الحرب العالمية الثانية. نعلم الآن، إنها لحظة كانت تعني الفرق بين الحياة والموت لعشرات الآلاف من اليهود المصريين.
[في أبو ظبي]
 فكّروا في الإمارات - دولة شابة احتفلت من قريب بالذكرى الخمسين على تأسيسها. لكن بلدكم الآن عضو في "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" ويشارك بعضاً من أقدم بلدان العالم نفس الالتزام العميق الذي اسْتَنْهَضَ  قادة  المنظمة منذ تأسيسها على أنقاض الحرب العالمية و "الهولوكوست".
يمكننا جميعاً أن نتعلم من  فظاعة المأساة وشرها،  كما يمكننا أن نتعلم مما رافقها من شجاعة وإيمان وأمل. ومعاً، يُمكننا العمل على الوفاء بوعد "لن يتكرر ذلك أبداً".
روبرت ساتلوف هو رئيس كرسي "هوارد پ. بركويتس" في معهد واشنطن والمدير التنفيذي للمعهد.