الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مع دخول الإنتفاضة عامها الرابع المرأة السورية تواصل التضحية.تهرب السلاح وتقاتل وتنقل الرسائل

مع دخول الإنتفاضة عامها الرابع المرأة السورية تواصل التضحية.تهرب السلاح وتقاتل وتنقل الرسائل

08.03.2014
إبراهيم درويش


القدس العربي
الجمعة 7/3/2014
لندن ـ ‘القدس العربي’ التطورات الأخيرة بين دول الخليج وقطر ستؤثر قطعا على دعم الثورة السورية، فالخلاف الذي خرج للعلن بعد جلسة عاصفة يوم الثلاثاء لدول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض نتج عنه إعلان كل من السعودية والبحرين والإمارات سحب سفرائها من الدوحة. وهو تطور لافت للإنتباه ويشي بأزمة عميقة لدول المنظومة هذه التي ولدت في الثمانينات إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية.
وكما يقول سايمون هندرسون فقد كان نجح المجلس في توحيد دول الخليج الست وأبقاها خارج الصراع ذاك، وحافظ المجلس في أوج قوته على مصالح الدول النفطية والأمنية.
لكن المجلس لم يخل من توترات داخلية طفت أخيرا بين عمان وقطر من جهة وبقية الدول وتتعلق بالموقف من إيران ومن الثورات العربية. وفي الوقت الذي لم تستدع فيه الكويت سفيرها، لأن أميرها كان يأمل بالتوسط بين مصر وقطر قبل انعقاد القمة العربية في الكويت هذا الشهر.
ويرى هندرسون مدير برنامج الخليج والطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن الخلاف العلني يعتبر انتكاسة للسياسة الأمريكية، وسيزيد بندا إلى زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما هذا الشهر للرياض التي كان يأمل أن يطمئن السعوديين حول سوريا وإيران. وسيضطر البيت الأبيض على ما يقول لإضافة المتاعب الخليجية لبنود المحادثات.
ويشير إلى أن المسؤولين الأمريكيين ربما عرفوا بالخلاف قبل خروجه العلني ذلك أن الرئيس أوباما تحدث هاتفيا مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد الإماراتي، وبحسب بيان فقد تبادلا القضايا الإقليمية والتحديات الأمنية المشتركة.
ومع أن الخلاف الجديد مع قطر مرتبط كما يقول بالربيع العربي، ودعم الإسلاميين، خاصة الإخوان المسلمين إلا أن إيران التي تتقاسم معها قطر أكبر حقل غاز طبيعي في العالم تعتبر من أسباب النزاع.
ويرى تقرير في صحيفة ‘دايلي تلغراف’ أن الخلافات لن تؤدي للقطيعة بين قطر ودول الخليج إلا أنه سيؤثر بالتأكيد على طرق دعم المعارضة السورية، خاصة أن كلا منهما يدعم طرفا في المعارضة السورية. وكانت الولايات المتحدة والدول الغربية قد عبرتا عن أملهما بتعاون مشترك بين الدولتين في القضية السورية.
ويأتي الخلاف وسط تغييرات في الملف السوري من ناحية اللاعبين فيه أمريكيا وسعوديا ووعود الدعم، وتقدم للقوات الحكومية المدعومة من حزب الله في منطقة القلمون.
وتركز السعودية في الفترة الأخيرة على ما يطلق عليها الجبهة الجنوبية لإيصال المساعدات للمقاتلين، ويأمل قادة الجماعات أن يؤدي تغيير في قيادة الجيش الحر لإنعاش الجبهة وزيادة الضغط على النظام السوري.
 
حملة الربيع
 
وفي هذا السياق تشير مراسلة مجلة ‘نيوزويك’ الأمريكية جانين دي جيوفاني إلى إن المقاتلين يعدون لحملة الربيع التي يأملون أن تقودهم نحو العاصمة دمشق وفي هذه الحملة تقول إنهم بحاجة لكل جهد سواء كانوا من الرجال أوالنساء.
وفي هذا التقرير تتحدث عن دور المرأة السورية في الإنتفاضة المسلحة، مشيرة إلى أنه في الشهر الماضي نشرت بعض الصحف اللبنانية تقريرا عن قيام قوات الأمن اللبنانية بالقاء القبض على امرأة سورية ‘أم جمال’ في بلد النبي شيت في سهل البقاع، جنوب لبنان. وبحسب التقارير الصحافية فقد تم اعتقال أم جمال بتهمة التعاون مع جبهة النصرة لأهل الشام والتي ترتبط بتنظيم ‘القاعدة’، وتعتبر من الجماعات القوية في الساحة السورية، وأعلنت في الفترة الأخيرة مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات نفذها ناشطون تابعون لها في لبنان. واعترفت أم جمال أثناء التحقيقات بأنها كانت تحاول تجنيد فتيات ‘للقيام بأعمال تخريبية’، وبعد اعتقالها بأيام نفذت النصرة عملية انتحارية على حاجز حدودي قرب بلدة الهرمل القريبة من سوريا.
وتشير مجلة ‘نيوزويك’ التي تحدثت عن المقاتلات في الثورة السورية إلى أن أعدادهن ليست دقيقة، وهذا نابع من كون الجماعات المسلحة غير متماسكة وهي عبارة عن فصائل متنافسة فيما بينها كل طرف يتلقى دعما من جهة.
ولم تنس المجلة الإشارة أيضا إلى ذكرى العام الثالث من الثورة التي ستحل هذا العام، بدون أية بارقة على نهاية الحرب، خاصة بعد فشل مؤتمر جنيف 2 ولم تتوقف المعاناة الإنسانية على الرغم من تمرير مجلس الأمن قرار 2139 الذي دعى كافة الأطراف إلى تسهيل مرور المواد الإغاثية للمناطق المحاصرة. ومع دخول الثورة عامها الرابع وحديث الناشطين عن ‘حملة الربيع التي سيحاول المقاتلون فيها الزحف نحو العاصمة دمشق والسيطرة عليها، فهناك حاجة لمقاتلين كثر سواء من الرجال أوالنساء، وهناك أعداد من الأجانب تم تجنيدهم لهذا الغرض، فقد أصبح طرفي النزاع خاصة النظام يعتمد على المقاتلين الأجانب القادمين من لبنان والعراق وإيران. وبحسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان فعدد النساء المقاتلات في الحرب السورية يصل إلى 5.000 امرأة.
ولا يعرف عدد المقاتلات الأجنبيات- المتطوعات مع أن تقارير غربية تتحدث باستمرار عن سفر فتيات للجبهة السورية لنقل الدعم، أوالزاوج من المقاتلين الجهاديين أو المغامرة مثلما يفعل بعض الشباب الأوروبي.
وأخبار سفر البنات الغربيات عادة ما تهم الصحف الشعبية ففي كانون الثاني/يناير قالت صحيفة ‘دايلي ميل’ أن الأمن البريطاني ألقى القبض على فتاتين وهما تحاولان تهريب أموال والسفر للمشاركة في الجهاد.
وتنقل جيوفاني عن لينا الخطيب، مديرة مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت قولها ‘منذ مدة بدأت جبهة النصرة بالإعتماد على النساء لنقل المتفجرات من سوريا إلى لبنان’ ذلك أن النساء عادة ما لا يجلبن انتباه قوات الأمن على الحدود أو في المناطق المحافظة ومناطق سيطرة حزب الله التي تعتبر هدفا لجبهة النصرة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعتمد فيها جماعات مرتبطة بالقاعدة على النساء ولكنها في الحالة السورية تعتبر تطورا جديدا في الحرب التي بدأت تنتقل آثارها إلى لبنان.
وتقول الخطيب إن ذلك يظهر محاولات النصرة لمواصلة دعم حملتها الساعية لوضع ضغوط على حزب الله من أجل إجباره على وقف دعمه لنظام بشار الأسد.
دوافع القتال
 
وتتساءل كاتبة التقرير جانين دي جيوفاني ما الذي يدفع النساء نحو ساحة القتال؟ وتنقل عن شادي حميد من معهد بروكينغز قوله إن ‘الحرب هي المكان التي يتساوى فيه الجميع، ففي حركات التحرير والمقاومة عادة ما تلعب المرأة دورا مهما ‘فقد تكون في ساحة القتال أو تقوم بنقل الدعم اللوجيستي، أومراسلة أوتمارس دور المجند للحرب، وعادة ما تأخذ الحرب أولوية على دور المرأة التقليدي والذي يعتبر مهما بالنسبة لجماعات تقليدية مثل النصرة’.
ومن هنا فدور المرأة السورية في الحرب لا يختلف عن دور زميلاتها في حروب أخرى، وتنقل هنا عن رفيف الجويجاتي، عضو وفد المعارضة في محادثات جنيف-2 قولها إن المرأة السورية حملت السلاح منذ بداية الإنتفاضة أي في عام 2011 ‘وكانت المرأة تعمل في أكثر من مجال خلال الثورة، من الإعتصامات، للتظاهرات وتقديم الدعم الإغاثي للقتال على الجبهات’.
وتقول جيوفاني إن نساء سوريات عرفن بقيادة تظاهرات مثل الممثلة فدوى سليمان التي قادت تظاهرة ضد النظام في حمص، إلا أن هناك نساء قمن بتهريب السلاح تحت لباسهن. وفي بداية العام الحالي أكد قيادي في الجيش الحر أن النساء يقمن بتشكيل كتيبة خاصة لهن. وفي مدينة حلب تلعب مقاتلات كرديات دورا في أمن المناطق وتلقين تدريبا على القنص والعمليات القتالية.
ونقلت عن مقاتلة قولها ‘لا ننظر لأنفسنا كنساء من ناحية الذكورة والأنوثة’، ولكن ‘ننظر لأنفسنا كمقاتلات من أجل وطننا’.
 
الخوف من النصرة
 
وهذا لا ينفي وجود مخاوف من أيديولوجية جبهة النصرة التي تدعو لإقامة دولة إسلامية وهي بهذا تختلف عن أهداف الجماعات الأخرى، ففي حالة انتصار الجبهة وحصولها على مناطق نفوذ واسعة في سوريا ‘فستختفي المرأة، وسيطلب منها تغطية الجسم من الرأس للقدم مثل ما حدث في أفغانستان، ولن يسمح لها بالخروج من البيت أو إرسال أبنائها وبناتها إلى لمدارس.
هذا الموقف يفسر على ما يبدو بحث الجبهة عن متطوعات أجنبيات في لبنان ومن الدول الأخرى، وحتى وقت قريب كانت تركيا تعتبر المعبر الرئيسي للمقاتلين والمتطوعات إلى سوريا. وبحسب ستفين إمرسون، المدير التنفيذي لمشروع التحقيق عن الإرهاب فإن التقارير التي تتحدث عن عمليات جمع أموال في لبنان لصالح جبهة النصرة ‘تثير دهشة’ الإستخبارات الأمريكية، وأضاف ‘ المال والسلاح والمقاتلون هم ثلاثة أشياء يعتمد عليها كل طرف للبقاء في الأهلية السورية’.
ويقول إن ‘الأسد لا يعاني من نقص من هذه الأشياء وهذا يعود لحزب الله وإيران’ فمن السهولة دخول سوريا من لبنان.
ويعلق أن ‘اعتقال امرأة تقوم بجمع المال لصالح النصرة يؤكد بحث الجماعة عن طريقة غير تقليدية وأكثر دهاء للحصول على أموال جهادية’.
وبنفس السياق تقاتل النساء إلى جانب الأسد حيث يعتمد النظام عليهن من أجل حراسة وإدارة نقاط التفتيش والحواجز.
 
الحرب والأنثى
 
وتشير جيوفاني إلى أن جذور ‘تأنيث’ الحرب تعود إلى دول أمريكا اللاتينية وآسيا والشرق الأوسط ومناطق أوروبا حيث اعتمدت الأحزاب السياسية الثورية على المرأة للقيام بعدد من المهام.
وعملت المرأة في مجال الإستخبارات ولحمل الرسائل والقتال وللقيام بمهام انتحارية. ووجدت القيادة الشيشانية أن المرأة أفعل في الفتل من الرجال، فقد ركز الفريق الأمني الذي كلف بتأمين الحماية للألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي الروسية على ما أطلق عليه ‘الأرامل السود’ اللواتي قتل أزواجهن أثناء الحرب الشيشانية والراغبات بالإنتقام.
وكما لعبت النساء دورا كقناصات في البوسنة والشيشان، وبقدرة أحسن من الرجال.
وفي الستينيات من القرن الماضي جندت الحركات الراديكالية الأمريكية مثل ‘الفهود السود’ و’ويذرمين’ النساء وكذا حركة ‘الألوية الحمراء’ الإيطالية وحركة ‘ايوسكادي تا اسكاتسونا’ في الباسك الإسبانية وبادرمانيهوف الألمانية.
وبحسب كارالا كاننيغهام من مؤسسة ‘راند’ الأمريكية التي قامت بالبحث في الظاهرة فالمرأة المقاتلة أو الإرهابية هي بمثابة ‘ امرأة غير مرئية’.
وتقول إن المرأة لعبت دورا مهما في ‘ربع العمليات القتالية التي جرت في مصر والعراق وإسرائيل ولبنان والشيشان وسريلانكا والمغرب وفلسطين.
وتقول ‘حسب أبحاثي ففي منتصف عام 2008 نفذت المرأة 21 عملية إنتحارية في الأسواق العراقية ومناطق أخرى يسيطر عليها الشيعة’. و ‘أظهرت الأبحاث الأخرى أنه منذ عام 2002 نفذت النساء في سريلانكا وتركيا والشيشان نسبة 50 من العمليات الإنتحارية’. وقد أدت مشاركة النساء الكبيرة إلى إلهام الكثيرات ومنهن الفلسطينية آيات الأخرس بنت الثامنة عشرة من العمر، وطالبة المدرسة التي فجرت نفسها في سوبر ماركت في القدس قبل عدة سنين.
ومثلها مثل بقية المقاتلات اللواتي نفذن عمليات فقد اندفعت بنت مخيم الدهيشة بدافع وطني واحتجاجا على ظروف القهر والإضطهاد التي يمارسها الجيش الإسرائيلي حيث قامت في 29-3- 2002 بعملية انتحارية في متجر ‘كريات هايوفيل’ في القدس الغربية.
وفي الشهر الماضي أعادت قوات الإحتلال رفات الشهيدة الأخرس بعد سنوات من الرفض ومطالب متكررة من منظمات حقوق الإنسان حيث كان باستطاعة عائلتها عقد جنازة مناسبة لها بعد سنوات طويلة.