الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مغامراته الأخيرة تدخله في نفق مظلم.."حزب الله"... كلفة باهظة لدعم الأسد

مغامراته الأخيرة تدخله في نفق مظلم.."حزب الله"... كلفة باهظة لدعم الأسد

06.06.2013
لافداي موريس

الاتحاد
الخميس 6-6-2013
بدأ المكان يضيق في المقبرة التي يدفن فيها «حزب الله» قتلاه الذين سقطوا في المعارك بسوريا، في شهادة واضحة على الكلفة الباهظة التي يدفعها لرهن مصيره بالنظام السوري والرئيس بشار الأسد، وفي مجازفة لا يستطيع تحمل خسارتها، فلأول مرة ينتشر مقاتلو «حزب الله» خارج الحدود اللبنانية فيما وصفه زعيم الحزب، بأنها «مرحلة جديدة» للحركة.
وباتخاذ قرار الانخراط في الصراع السوري والاصطفاف إلى جانب النظام، يكون «حزب الله» قد حول تركيزه من مقاتلة إسرائيل إلى محاربة مسلمين في سوريا. ورغم الحماس الذي يبدو واضحاً على أنصار الحزب المخلصين لخوض المعركة مع حديث البعض عن لوائح انتظار للانضمام إلى القتال مع قوات الأسد، يتساءل بعض المراقبين عن قدرة الحزب على مواصلته احتكار تأييد شيعة لبنان، فيما الحزب يغرق أكثر في أتون حرب طويلة ومستنزفة، جاراً لبنان الهش معه لحرب هو في غنى عنها.
ولا شك أن قرار الحزب الذي يعتبر من حلفاء إيران وسوريا في المنطقة بإرسال الآلاف من رجاله إلى سوريا، يمثل مغامرة خطرة ترمي إلى استمرار هذا المحور وبقائه على قيد الحياة، لا سيما وأن سوريا كانت على الدوام، بفضل موقعها الجغرافي، ممراً لإمدادات الأسلحة الإيرانية المتدفقة على الحزب، فيما شكل التحالف مع سوريا من الناحية السياسية غطاء يدفع عنه تهمة الارتهان لإيران والعمل كوكيل لها في المنطقة.
وإن كانت المهمة الجديدة للحزب تضعه وجهاً لوجه ضد المعارضة السورية ذات التكوين السنُي في غالبيتها ما يضفي على الصراع بعداً طائفياً خطيراً.
ومنذ أن أعلن نصر الله دعمه الصريح لنظام الأسد في 25 مايو المنصرم، بدأت تطفو على السطح مشاهد يومية تقريباً عن تسرب الحرب في سوريا إلى لبنان، ففي يوم الإثنين الماضي تعرض شيخ سني معروف بدعمه لـ«حزب الله» لعملية إطلاق نار كانت تستهدف حياته بمدينة صيدا الجنوبية، وقبل ذلك بيوم اشتبك مقاتلون تابعون للحزب وعناصر من الثوار السوريين في منطقة البقاع اللبنانية بالقرب من بعلبك، وهي المواجهات الأولى التي تجري فوق الأراضي اللبنانية منذ اندلاع الصراع في سوريا قبل عامين. لكن وحتى هذه اللحظة لا يبدو أن شعبية «حزب الله» في أوساط أنصاره التقليديين قد لحقها أي تأثير.
ففي مقبرة «روضة الشهيدين» بالضاحية الجنوبية لبيروت يتم دفن عناصر الحزب الذين سقطوا في سوريا تحت بلاط الأرض بإحدى الغرف جنباً إلى جنب مع الذين سقطوا في الحرب ضد إسرائيل.
وإلى جانب أحد المقابر المفتوحة التي تنتظر من سيدفن فيها جلس «علي فاضل» على كرسي بلاستيكي إلى جانب قبر أخيه، فيما كانت زوجته، تتلو القرآن، حيث قال «ليس الأمر مؤلماً فالجميع يتطلع للشهادة، وكل ما يطلبه نصر الله نجيب بنعم، نحن لا نجادله».
ويذكر أن «حزب الله»، الذي يحظى بتقدير وسط أنصاره تأسس عام 1982 بهدف واضح هو مقاومة إسرائيل، التي كانت تحتل آنذاك جنوب لبنان.
وحتى بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب في عام 2000، واصل «حزب الله» حملته ضد إسرائيل، ومع مرور السنوات تطور الحزب إلى حركة سياسية قوية تملك ذراعاً عسكرية يقال إنها أقوى وأفضل تسليحاً حتى من الجيش اللبناني، إلا أن مغامرته الأخيرة في سوريا تدخله نفقاً مظلماً فيما الحزب معتاد على الحروب الدفاعية.
وفي هذا السياق، يقول «نديم شهادي»، المحلل بالمعهد الملكي للدراسات الدولية بلندن، «يعتمد بقاء حزب الله على دعمه للحصان الرابح، وهو قدر أن الحصان الرابح سيكون الأسد». وقد تطور خطاب الحزب في الشهور الأخيرة من محاربة العدو الصهيوني إلى الهجوم على «التكفيريين» من المتشددين السُنة الذين يقول نصر الله إنهم يشكلون المعارضة السورية، وبأنهم يتلقون الدعم من إسرائيل والولايات المتحدة.
لكن العديد من المراقبين يرون بأن الحجة التي يبني عليها «نصر الله» تبريره للقتال في سوريا، وهي محاربة خطط إسرائيل في المنطقة لا تبدو منطقية. ويضيف الخبير «شهادي» أن الحزب «ربما يقلل من شأن تسامح مؤديه، فالرواية التي يستند إليها الحزب يصعب ابتلاعها»، بيد أن التحديات أمام الحزب تبقى كثيرة، فالمهمة التي تكلف بها «حزب الله» داخل سوريا قد تطول على الأرجح، وهو ما عبر عنه قائد كبير في الحزب رفض الكشف عن اسمه قائلاً «لقد بنى الحزب تقديراته بأنه سيستمر في سوريا لفترة طويلة، قد تمتد لعام»، وفيما سعى الحزب في البداية إلى التقليل من أهمية الإشاعات التي ذاعت في البداية عن مشاركته في القتال إلى جانب نظام الأسد، إلا أنه وبعد تدخله بقوة لحماية القرى الشيعية داخل سوريا، وفي بلدة القصير الاستراتيجية خلال العام الماضي بات من الصعب إخفاء منظر الجثامين وهي تصل إلى لبنان، لا سيما بعد معركة القصير، التي انخرط فيها الحزب بقوة قبل أسبوعين.
وعن المصاعب التي سيواجهها عناصر الحزب في سوريا يقول «إيميل حكيم»، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالبحرين «سيمثل البقاء لفترة طويلة في سوريا مشكلة كبيرة بالنسبة للحزب، لا سيما فيما يتعلق بالإمدادات والعمليات وحتى الصورة السياسية». فلكي يحافظ الحزب على سمعته كقوة معتبرة، لا بد من تحقيق إنجازات عسكرية في الميدان، وخاصة في القصير، بعدما وعد نصر الله أنصاره بالنصر بهذا الوعد سيسعى الحزب إلى الوفاء به، حسب محمد عبيد أحد المحللين الذي تربطه علاقات بـ«حزب الله»، «حتى لو كلف الأمر سقوط ألف رجل، فلو خسر الحزب معركته سيكون ذلك ضربة قوية تقصم ظهره».