مغير اللعبة السوري

فورين بوليسي 14/12/2013
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
بداية هذا الأسبوع, وجهت لي الفورين بوليسي دعوة للمشاركة في محاضرة بعنوان "لعبة السلام" في سوريا التي استضافتها بالاشتراك مع معهد الولايات المتحدة للسلام والتي كانت تهدف إلى البحث عن طرق مناسبة لإيجاد حل سياسي للحرب هناك. بعد أن قطعت عهدا على نفسي أن لا أكتب عن سوريا بسبب عدم وجود أي شيء لقوله حتى الأمل البعيد, فكرت أنه يتوجب علي على الأقل أن أرى ما إذا كان الآخرون أقل يأسا مما أنا عليه. لا يوجد مثل هذا الحظ, الأغلبية, 45% من المشاركين – معظمهم ليسوا مثلي, خبراء فعليين- اتفقوا على أنه لا يوجد أي احتمال لحل يمكن أن يرضي المخاوف التي يحملها المتمردون. مع ذلك, فإن الممارسة أجبرتنا على أن ننظر فيما إذا كان هناك احتمالات ضئيلة تستحق أن نكتشفها.
مشرف الجلسة, الرئيس التنفيذي للفورين بوليسي دافيد روثكوبف, قدم عرضا مختصرا أوجز فيه رأينا الجماعي حيث قال إنه لا يوجد أي احتمال لإنهاء حالة الجمود القاسية دون تدخل دبلوماسي (أو عسكري) قوي من قبل لاعبين خارجيين, ولكن جميع اللاعبين الخارجيين وجدوا أن بإمكانهم التعايش مع الوضع الراهن. لهذا السبب, فإن القياس الأكثر مقاربة للحرب الأهلية الطائفية في سوريا – لبنان في السبعينات والثمانينات والبلقان في التسعينات- لا تنطبق على هذه الحالة, لأنه في تلك الحالات فإن اللاعبين الخارجيين (سوريا في المقام الأول والولايات المتحدة والناتو في المقام الثاني) وجدوا أن العنف يمثل تهديدا غير مقبول ضد مصالحهم.
تنامي قوة النظام لا يعطي الداعمين الرئيسيين, روسيا وإيران, أي سبب لتقديم تنازلات. الدول السنية التي تدعم المتمردين, خصوصا السعودية وقطر وتركيا لا يشعرون بالرضا عن الوضع الحالي, ولكنهم غير قادرين على القيام بأي شيء لتغيير توزان القوة الحالي على الأرض. والولايات المتحدة أيضا, يبدو أنها راضية بالتعايش مع الوضع الراهن. لنأخذ نظرة فقط على خطاب الرئيس باراك أوباما الأسبوع الماضي في معهد بروكنغز. بالكاد أتى أوباما على ذكر سوريا, وعندما ذكرها, ذكرها فقط من أجل التعبير عن الرضا على التقدم الذي تشهده عملية التخلص من الأسلحة الكيماوية. هذا بطبيعة الحال أمر جيد دون أي شك, ولكنه لم يكن حتى ضمن أهداف الإدارة في سوريا قبل أن تتدخل روسيا في القضية كوسيلة لإحباط الهجوم الأمريكي.
المسئولون السابقون والحاليون في الإدارة الذين تحدثوا هذا الأسبوع في مؤتمر الفورين بوليسي – نائب مستشار الأمن القومي أنثوني بلنكن, ومستشار الأمن القومي السابق توم دونيليون, ووزير الخارجية جون كيري- جميعهم وصفوا اتفاق الأسلحة على أنه تقدم دبلوماسي كبير. وفي حين لم يبين أي منهم أن الصفقة تتطلب تعاون نظام الأسد وبالتالي كيف يمكن أن تقود إلى إضعاف النظام – لسبب بسيط وهو أنها لا يمكن أن تفعل ذلك. فإنني لا أشك أن مسئولي البيت الأبيض يشعرون بالعذاب من المعاناة التي تجري في سوريا, ولكنهم أسرى لقراراتهم السابقة.
علاوة على ذلك, فإن استراتيجية البيت الأبيض في بناء مجموعات متمردة معتدلة بحيث لا يكون أمام النظام أي خيار سوى التوصل إلى اتفاق معهم أصبحت استراتيجية غير صالحة. هذه المجوعات, التي أضعفت نتيجة للقتال الداخلي وغياب الدعم المستمر, أصبحت غير قادرة على الدفاع عن المستودعات التي تخزن فيها المساعدات الأمريكية غير الفتاكة في مواجهة هجوم شنته الجبهة الإسلامية بداية هذا الأسبوع. الولايات المتحدة ردت من جانبها بقطع المساعدات غير الفتاكة, وبالتالي المزيد من تهميش هذه الجماعات. كانت الإدارة تأمل أنه وخلال اللقاء المزمع في جينف 2 الشهر القادم بأن يتمكن المتمردون تقديم لائحة شاملة من القادة السوريين ليكونوا بدائل عن أسرة الأسد. هذا السيناريو, غير المعقول, يبدو أقل احتمالا مع تشظي قوات المعارضة وتفكك قيادتهم الهشة.
إذا لم ينتج عن جينف 2 حلا مفاجئا للمشاكل, فإن بإمكاننا أن ننسى الحل السياسي على المدى القصير. وهذا يطرح سؤالا حول الأمور التي يمكن أن تثير غضب الروس أو الإيرانيين حيال الوضع الراهن. ولكن من ناحية أخرى, فإنها ما يمكن أن يحول سوريا إلى حالة أقرب إلى لبنان والبوسنة – أماكن تبدو مخيفة بالمقارنة مع أي مكان آخر عدا سوريا؟
المشاركون في مؤتمر "لعبة السلام", الذين يحالون التنقيب عن أي بصيص من الأمل, يتكهنون بأن حصول تقدم في المحادثات النووية مع إيران يمكن أن يؤدي إلى تحولات كبيرة في المنطقة, مع المزيد من التعاون من قبل إيران التي يمكن أن تفكر في إعادة التفكير في دعمها للأسد وتفكيرا براغماتيا من قبل السعودية للحوار مع الإيرانيين حول تخفيف التوتر بين السنة الشيعة. ولكن حتى مع موقف أقل عدائية فإن إيران لن تتخلى عن سياستها الخارجية الثورية في أي وقت قريب. أنثوني بلنكن رد على سؤال حول هذا الموضوع بقوله :" لا أضع الكثير من الإيجابية في الجواب, ولكن علينا أن نختبر ذلك". كما أضاف أن أية محاولة أمريكية لإضافة قضايا إقليمية على المحادثات النووية تخاطر بخسارة أمريكا لشركائها في المفاوضات.
ذكر بلنكن الكثير من التطورات السلبية الأخرى, من بينها تشديد قبضة الجهاديين الأجانب على المدن والبلدات الرئيسة شمال سوريا والتي بدأت, كما قال "تسيطر على عقول الأطراف الفاعلة خارج سوريا". الروس, كما قال بلنكن "لديهم مصالح كبيرة في تجنب ظهور سوريا متطرفة". إذا توصل الروس إلى أن استمرار وجود الأسد لن يؤدي إلى استعادة الاستقرار بل على العكس تماما إلى فراغ سوف تملؤه القاعدة, ربما سوف يكونوا أكثر ميلا إلى التخلي عن حاكم سوريا.
طرحت هذه النظرية على مسئول على دراية وتعاطف مع موقف الروس في المؤتمر فقال :"سمعت هذا أيضا. ولكنه لم يكن يتحدث عن روسيا ولكن عن السعودية وقطر". إن مسئولية صعود المتطرفين, كما قال, لا تقع على الأسد ولكن على دعم الخليج لهؤلاء المتطرفين.
باختصار لا تعولوا على روسيا أكثر من تعويلكم على إيران. لدى واشنطن على كل حال رافعة مع السعوديين. مسئولو الإدارة يقولون أن السعوديين بدأوا بالاعتراف بأن التمرد خرج عن سيطرتهم. ولهذا فإن الولايات المتحدة ربما تكون قادرة على اقناع السعودية وقطر وقف دعم الدولة للمتطرفين (على الرغم من أن التدفق الأكبر للتمويل و القادم من مصادر خاصة سوف يكون من الصعب إيقافه). وربما تكون تركيا مستعدة لمنع دخول الجهاديين الأجانب عبر حدودها الجنوبية الشرقية إلى سوريا. وإذا كان أحد مئات الجهاديين الغربيين في سوريا يستعد للقيام بهجوم إرهابي في الولايات المتحدة أو أوروبا, حيث ترى الإدارة أنه أمر لا مفر منه, سوف يبدأ الغرب بالنظر إلى سوريا على أنها جبهة جديدة في الحرب على القاعدة وليست كابوسا لحقوق الإنسان. وكما أن التخلص من الأسلحة الكيماوية حققت هدف وضع حد لوحشية الأسد, فإن ديناميكية الحرب على الإرهاب ربما تحل مكان ذلك قريبا.
مثل هذا التطور سوف يشكل انتصارا في واقع الأمر لصالح الأسد. لطالما وصف الرئيس السوري الصراع بأنه حرب بين العلمانيين والمتطرفين. الأمر لم يكن كذلك في البداية, ولكن الآن وبفضل قراره الغريب بإطلاق سراح المئات من المتطرفين من سجونه عام 2012, فإن الأمر كذلك. وبهذا فإن الأسد يصبح أقل الشرين, ليس فقط بالنسبة للغرب ولكن بالنسبة للعديد من السوريين, الذين يكرهون ويخافون من المجاهدين أكثر من النظام. قادة التمرد والناشطين الذين تحدثت معهم عندما كنت في المنطقة الحدودية في أكتوبر أخبروني أن السلفيين شكلوا الجبهة الإسلامية من أجل مواجهة النفوذ المتصاعد للأجانب الذين تجمعوا تحت راية دولة العراق والشام الإسلامية, التي تشعر بسعادة في تدمير سوريا باسم حربهم المقدسة لاستعادة الخلافة الإسلامية.
القوة المتصاعدة لدولة والعراق الشام هو التطور الذي سوف يغير معالم التحالفات القائمة. ليس هناك أي مكان في العالم سيطرت فيه القاعدة على مناطق مكتظة بالسكان سوى هنا. ربما يجب على الولايات المتحدة أن تصنع قضية مشتركة مع السلفيين. وربما توافق الدول الخليجية على العمل مع المتمردين المعتدلين والقيادة السياسية. بعض الكتائب المعتدلة ربما تصنع قضية مشتركة حتى مع النظام. إنه مغير اللعبة في سوريا. ولكن هناك لعبة واحدة لن تتغير أبدا: جرائم الأسد الوحشية ضد شعبه. لا شيء سوى الاستسلام, سوف يضع حدا لذلك.

The Syrian Game-Changer
BY James Traub
DECEMBER 14, 2013
Earlier this week, Foreign Policy invited me to participate in its Syria "PeaceGame," a role-playing exercise co-hosted with the U.S. Institute of Peace and designed to look for ways to bring a political solution to the war. Having vowed some while ago to stop writing about Syria for lack of anything even remotely hopeful to say, I thought I should at least see if others were less despairing than I was. No such luck: The overwhelming majority of the 45 participants -- many of them, unlike me, actual experts -- agreed that there was no meaningful prospect of a solution which would satisfy the most basic concerns of the rebels. Nevertheless, the exercise forced us to contemplate whatever tiny openings might be worth exploring.
Our moderator, FP CEO David Rothkopf, offered a crisp summation of our collective view: There was no prospect of ending the savage stalemate without forceful diplomatic (or military) intervention by outside actors, but all of the external players had found that they could live quite well with the status quo. For this reason, the most obvious analogies to Syria's sectarian civil war -- Lebanon in the 1970s and 1980s, the Balkans in the 1990s -- do not apply, because in those cases an outsider (Syria in the first instance, the United States and NATO in the second) ultimately concluded that the violence represented an unacceptable threat to their interests.
The regime's growing strength gives its chief backers, Russia and Iran, no reason to push for concessions. The Sunni states who support the rebels, chiefly Saudi Arabia, Qatar, and Turkey, are deeply unhappy with the current state of affairs, but unable or unwilling to do anything likely to tip the current balance of forces. And the United States, too, seems quite content to live with the status quo. Just take a look at President Barack Obama's speech last week at Brookings. Obama barely bothered to mention Syria, and he did so only to express satisfaction at the progress of the effort to remove chemical weapons. This is, of course, an unambiguously good thing, but it was never even among the administration's objectives in Syria before the Russians seized on the issue as a means to forestall an America attack.
The current and former senior Administration officials who spoke this week at an FP conference -- Deputy National Security Advisor Antony Blinken, former National Security Advisor Tom Donilon, Secretary of State John Kerry -- all described the weapons deal as a fundamental diplomatic breakthrough. Yet none explained how a transaction requiring the cooperation of the Assad regime could ultimately lead to the weakening of the regime -- for the simple reason that it can't. I don't doubt that White House officials are agonized over the suffering in Syria, but they are also prisoners of their past decisions.
What's more, the White House strategy of building up moderate rebel groups so that the Syrian regime will have no choice but to reach a deal with them has now become hopelessly threadbare. Those groups, enfeebled both by infighting and by the absence of consistent support, were unable to defend their own storehouse of American-donated non-lethal goods against an attack by the rival Islamist Front earlier this week. The United States responded by cutting off non-lethal aid, thus deepening the group's marginalization. The administration had hoped that at the planned meeting of Geneva II next month, the rebels could present an inclusive slate of Syrian leaders as an alternative to the Assad clan. That scenario, never plausible, now looks less likely than the splintering of rebel forces and the disintegration of their very shaky leadership.
If Geneva is not to deliver some miraculous deus ex machina, then we can forget about a political solution in the short term. This forces the question of what more remote events might upset Russian or Iranian satisfaction with the status quo. Put otherwise, what could turn Syria into something more like Lebanon or Bosnia -- places that seem dreadful compared to anywhere, save Syria?
The participants in the PeaceGame, prospecting for sources of hope, speculated that a breakthrough on nuclear talks with Iran might produce tectonic shifts in the region, with a more cooperative Iran prepared to rethink its support for Assad and a more pragmatic Saudi Arabia prepared to talk to the Iranians about deescalating tensions between Sunnis and Shiites. But even a less implacably hostile Iran is not going to be abandoning its revolutionary foreign policy anytime soon. Antony Blinken responded to a question on the subject by saying, "I don't put a lot of stock into a positive answer, but we should test it." He added that any American attempt to add regional issues to the nuclear talks risked losing America's negotiating partners.
Blinken mentioned a much more negative development, the ever-tightening grip of foreign jihadists over the major towns and cities of northern Syria which had, he said, "begun to concentrate the minds of critical actors outside of Syria." The Russians, Blinken suggested, "have a profound interest in avoiding the emergence of an extremist Syria." If the Russians conclude that Assad's continued presence is leading, not to restored stability, but to a vacuum that al Qaeda will fill, perhaps they'll be more inclined to dump Syria's ruler.
I ran this theory past an official at the conference who was familiar with and sympathetic to the Russian position. "I heard that too," he said. "But he wasn't talking about Russia; he was talking about Saudi Arabia and Qatar." Responsibility for the rise of extremists, he said, lies not with Assad but with the Gulf support for those extremists.
In short, don't count on Russia any more than on Iran. Washington does, however, have leverage with the Saudis. Administration officials say that the Saudis have begun to acknowledge that the rebellion has slipped from their control. The United States thus may be able to persuade Saudi Arabia and Qatar to end state support for extremists (though the far larger flow of private funds will be harder to choke off). Turkey may be prepared to do more to prevent foreign jihadists from crossing its southeastern border into Syria. And if one of the hundreds of Western jihadists now in Syria perpetrates a terrorist attack in the United States or Europe, as the administration now considers almost inevitable, the West will begin looking at Syria less as a human rights nightmare than as a new front in the war on al Qaeda. Just as eliminating chemical weapons has supplanted the goal of ending Assad's brutality, so the dynamic of the war on terror may soon supplant both.
Such a development would, in fact, constitute Assad's supreme triumph. Syria's strongman has always described the conflict as a war between secularism and extremism. It wasn't at first; but now, thanks in part to his cynical decision to release hardened extremists from jail in 2012, it is. Assad could thus become the lesser of two evils -- not only for the West but for many Syrians, who loathe and fear the holy warriors even more than they do the regime. Rebel leaders and activists I spoke to when I was in the border area in October told me that Salafists had formed the Islamist Front in order to counter the growing influence of the foreigners gathered under the banner of the Islamic States of Iraq and Syria, who were quite happy to destroy Syria in the name of their eschatological crusade to restore the caliphate.
The growing strength of ISIS is the development most likely to scramble existing alignments. Nowhere else in the world has al Qaeda gained control over a heavily populated, urbanized space. The United States may have to make common cause with the Salafists. The Gulf states may agree to work with the moderate rebels' military and political command. Some moderate brigades may even make common cause with the regime. It's a game-changer. But there's one game it won't change: Assad's monstrous crimes against his own people. Nothing, save surrender, is likely to put that to an end.
http://www.foreignpolicy.com/articles/2013/12/13/the_syrian_game_changer_peacegame#sthash.h2W2XIaI.dpbs