الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  مقابلة مع فريدريك سي. هوف

مقابلة مع فريدريك سي. هوف

25.01.2014
فريدريك سي. هوف


16- كانون الثاني-2014
عن المجلس الأمريكي للشؤون الخارجية
الضيف: فريدريك سي. هوف، ضيف مقيم في المجلس الأطلسي التابع لمركز رفيق الحريري لشؤون الشرق الأوسط.
المحاور: بيرنارد غورتزمان، مستشار التحرير
من المقرر ان يبدأ مؤتمر جنيف الثاني حول سورية في 22 كانون الثاني في سويسرا وذلك ما إذا وافقت الأطراف المعارضة للرئيس بشار الأسد على الحضور. ان الغاية من المؤتمر هي التفاوض على "انشاء كيان حكم انتقالي،"كما يقول فريدريك سي.هوف، والذي هو مستشار سابق لوزارة الخارجية في الشؤون السورية. ولكن حكومة الأسد لم تعط أي إشارة على أنها ستوافق على الحكومة الانتقالية، وفقا لهوف،كما أن الأطراف الاسلاموية الأكثر تطرفا ترفض حضور المؤتمر.لو انعقد المؤتمر فعلا، فإن أفضل ما يمكن أن يصدر عنه هو موافقة الأسد على منح حرية وصول كاملة الى البلاد للوكالات الانسانية التابعة للأمم المتحدة لتقديم الغذاء والامدادات الطبية، كما يقول هوف.  
  
أحد الأسئلة المطروحة عن المؤتمر هو ما إذا كانت ستتم دعوة إيران. فروسيا اضافة الى مسؤولين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة يريدون حضور الإيرانيين، بما أنهم من الداعمين ارئيسيين عسكريا لسورية؛ ولكن الولايات المتحدة لا ترغب في حضورهم. ما الذي سيحدث؟
من الناحية الفنية ما يزال ممكنا للايرانيين ان يحصلوا على دعوة اذا ما اصدروا بيانا يعلنون فيه قبولهم لكل مقررات جنيف1،البيان الختامي في 30- حزيران – 2012، وايعازه بانتقال سياسي للسلطة.الأمر الذي سيصحح الأمور في نظر الولايات المتحدة.  الأخضر الإبراهيمي والذي هو مبعوث الأمم المتحدة الى سورية، يتخذ موقفا بأنه ما لم يكن هناك اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا الى دعوة طرف بعينه، فانه لا يجد نفسه مخولا باصدار دعوة. هذا هو الشرط  كما صاغه جون كيري (وزير الخارجية الأمريكي).
 
بمعنى آخر، بامكان ايران ان تكون حاضرة في جنيف في اي حدث. والدعوة هي خاصة بجلسة الافتتاح في (22كانون الثاني) في مونترو. أما المؤتمر نفسه فسينعقد ثانية بعد يومين في جنيف تحت رئاسة  الابراهيمي. وسيضم هذا المؤتمر ثلاث أطراف وحسب: الابراهيمي، مع فريقه؛ ووفد من المعارضة السورية؛ ووفد من نظام الرئيس السوري بشار الأسد. الا أنه، من المرجح تماما، ان تحتفظ معظم الدول الثلاثين المدعوة الى حفل الافتتاح بنوع من الوفود في جنيف، حتى ان كان السبب الوحيد لذلك الحصول على موقع مستمع.
 
لن يجلسوا حول الطاولة.
لن يجلسوا حول الطاولة. ولذلك، فاذا ما أرادت ايران ان يكون لها تأثير على المجريات، فبامكانها ان ترسل وفدا لها الى جنيف كذلك. يمكن لها ان ترسل اناسا الى جنيف حيث يستطيعون الانخراط في حوارات مع الولايات المتحدة وأطراف اخرى حول جوانب مختلفة من هذه القضية.
ما هي القضايا (التي ستتم مناقشتها)؟
الهدف الكلي من المؤتمر هو التوصل الى اتفاقية متفاوض عليها من أجا تحقيق انتقال سياسي – وانشاء كيان حكم انتقالي. لا يخفى أنه لا يوجد سبب لعقد هذا المؤتمر. فالهدف هو تنفيذ جنيف1، والذي تم توقيعه في 30 حزيران،2012. هناك مجموعة من القضايا الاضافية التي من المرجح ان تتم مناقشتها. من وجهة نظر موسكو، فان هذه القضايا الاضافية – مثل وقف اطلاق النار، والنقاشات الدائرة حول وحدة الأراضي السورية ، والسيادة، والقضايا المشابهة – هي القضايا الجوهرية. لا تريد موسكو للحوار ان يتعمق كثيرا في قضايا الانتقال السياسي، لأن هذا الحوار وهذا الموضوع الذي سيضع موكله في ظرف عسير
 
بكلمات أخرى، فهو لا يريد مناقشة  موضوع انكفاء نظام الأسد.
هذا صحيح. وهي تعلم ان موكلها لا يريد مناقشة الموضوع. لقد وضح وزير المعلوماتية السوري ان سلطات، وشخص، وصلاحيات الرئيس بشار الأسد لن يتم وضعها للنقاش في جنيف.
من الذي سيمثل المعارضة؟ فهناك الكثير من من جماعات المعارضة.
 نعم ، هناك. فوفقا ل (أصدقاء الشعب السوري) – وخصوصا  الجماعة الأساسية، جماعة ائتلاف الدول، المدعوة (لندن الاحد عشر) – وفد المعارضة الذي سيقوده الائتلاف الوطني السوري، والذي يتخذ من اسطنبول مقرا له حاليا.  سيضم الوفد كذلك اناسا ليسوا على الأرجح أعضاء فيه.
ماذا عن الجماعات الاسلاموية والجهادية المختلفة التي تقاتل في سورية؟
هناك تراوح في الآراء في داخل هذه الجماعات كذلك. فمن جهة، لدينا منظمة (آي .إس.آي.إس) (امارة العراق والشام الاسلامية)، واتباع القاعدة، والتي تقف بثبات ضد جنيف وضد  اي ائتلاف. تقع (امارة العراق والشام الاسلامية) تحت بعض الضغوط العسكرية.
بلدة الرقة (التي تقع في شمال سورية الأوسط) والتي هي منطقة كبيرة نوعا ما، والتي سيطرت عليها (امارة العراق والشام الاسلامية)، واغلقتها، وجهزتها بالذخيرةوالمؤن، وملأتها بالبراميل. لقد كانوا يحاولون فرض مفهومهم للحكم على الرقة، والذي هو مفهوم بدائي جدا – بحيث ان تعبير "قروسطي" (تعبير يشار به الى القرون الوسطى) (المترجم) يضفي عليه تطورا اكثر بكثير مما هو عليه. كنتيجة لذلك، فقد تعدت حدودها، ونفرت العديد من الناس، لذلك فان هناك نوعا من الاتحاد ما بين عناصر (الجيش السوري الحر) الأكثر اعتدالا والعناصر الاسلامية الأخرى والتي تجمعت معا في محاولة لاخراج (امارة العراق والشام الاسلامية) من الصورة.
لدي شك كبير في ان (الائتلاف الوطني السوري) يحاول ان يأخذ في الحسبانرؤى        تلك الجماعات الاسلامية التي لديها على الأقل التزام  بحل سوري من نوع ما. ان لدى (امارة العراق والشام الاسلامية) مقاربة كمقاربة القاعدة (انشاء امارة تتعدى الحدود الوطنية). وقد وضحت جماعة (امارة العراق والشام الاسلامية) ان اولويتها الاولى ليست مقاتلة النظام، بل انشاء نموذجها الخاص من الحكم في مناطق بامكانها ان تهيمن على داخل سورية والعراق.  
انت لا تتوقع منهم حتى ان تكون لديهم الرغبة بالمجيء الى جنيف.
ان الناس في جماعة (امارة العراق والشام الاسلامية) لن يكون لديهم اي شيء على الاطلاق ليأتوا الى جنيف. لقد عبر بعض القادة الاسلامويون من غير القاعدة عن بعض العدائية تجاه فكرة المفاوضات في جنيف. وقد انتقد بعضهم الائتلاف الوطني لمجرد التفكير في هذه الامكانية. ما فهمته هو ان حوارا جاريا ما بين بعض من هؤلاء الزعماء وزعماء الائتلاف الوطني. وعلى الأقل فإن بعض الناس في الادارة الأمريكية يعتقدون  ان هناك امكانية لأن يمنح العديد من الزعماء الاسلامويون  موافقتهم للائتلاف الوطني المشارك في هذه المفاوضات.
اذا ما كان هناك على الأقل ما يشبه وقف اطلاق النار، فسيكون هذا انجازا كبيرا.
سيكون بالفعل. (هناك) انجاز ينبغي ان يسبق ذلك وسيعني أكثر بكثير للناس في المجلس ستكون قبول الحكومة السورية بمنح حق الوكالات الانسانية التابعة للأمم المتحدة وموظفيها بالذهاب الى أي مكان يريدون.
وهل هذا ممكن الآن؟
في الوقت الحالي فانهم لا يستطيعون الذهاب حتى الى المناطق الغير متنازع عليها والواقعة تحت سيطرة الثوار، لأن قوانين اللعبة لدى الأمم المتحدة هي انك اذا ما أردت الذهاب للعمل في داخل أي جزء من الدولة (س) على سبيل المثال، فسيكون عليك الحصول على اذن صريح من حكومة الدولة (س).
"اذا ما كان النظام سيمنح نوعا من الاذن الشامل والذي دعاه اليه رئيس مجلس الأمن منذ عدة أسابيع، فسيكون ذلك بمثابة هدنة انسانية."
لذا، فطالما انه ليس لديكم الاذن من نظام الأسد، فلن يكون بامكانكم العمل حتى، لايصال الاغاثة الانسانية الى المناطق التي تبعد، لنقل، ستمئة الى ثمانمئة ميل خلف حدود سيطرة النظام. هذه مشكلة الضواحي الدمشقية، وحلب، وريف حلب اجمالا، والى المنطقة الشرقية، حيث تريد الأمم المتحدة ان تدخل. فاذا ما كان النظام سيمنح اذنا شاملا من النوع الذي دعا إليه رئيس مجلس الأمن منذ عدة اسابيع خلت، فان ذلك سيكون بمثابة هدنة انسانية، لأن من غير المرجح ان يستمر النظام بشن هجماته بالمدفعية، والصواريخ الجوية التي تلقيها الطاائرات، والصواريخ الموجهة، على مناطق مأهولة بكثافة اذا ما علم او اشتبه في وجود موظفين تابعين للأمم المتحدة في هذه المناطق يقومون بتوصيل مساعدات انسانية. والسبب في أهمية ذلك، الى جانب ايقاف الخسارة الانسانية التي لا يصدق والتي تحدث في تلك المناطق، أننا اذا أردنا الحصول على أي شيء في جنيف يشابه حوارا ديبلوماسيا عمليا او حتى خلاقا، فيجب ان يكون لدينا ظروف تدعم ذلك فعليا على الأرض.   
لقد كنت انتقاديا للغاية عندما قررت ادارة اوباما فجأة عدم استخدام القوة العسكرية للرد على استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.  فهل كان بامكان الولايات المتحدة لو استخدمت القوة العسكرية ولو على اسس محدودة، هل كان بامكانها ان تحقق نوعا من وقف اطلاق النار وان تدخل المزيد من المساعدة الانسانية في ذلك الوقت؟
لقد كان شعوري باننا لو قمنا بأي تحرك عسكري – والذي كان ليكون القيام بضربات جوية تحديدا – غالبا بأسلحة ثابتة؛ ودون انزال جنود على الأرض – والتركيز غالبا على طائرات النظام وبنيتها التحتية الداعمة، وعلى مدفعية النظام، وعلى صواريخ النظام المحمولة والموجهة. الى درجة ان حملة (عسكرية)، لنقل، لمدة أسبوع، كانت تسببت بهزمة لهذه الأنظمة، وكانت اما ازالت، اوحدت الى درجة كبيرة من، او خفضت من قدرة النظام على توجيه نيران واسعة النطاق على مناطق مأهولة. وهي احدى الأمور التي تحدث في سورية بشكل روتيني وتتسبب بهذه الكارثة الانسانية أكثر من أي شيء آخر، لذا نعم، لقد تم تضييع فرصة.  
ما حدث، ويمكنك وضع هذا في اللائحة الطويلة للعواقب الغير مقصودة في سورية، ما حدث ان تهديد شن هجوم كهذا تمت مبادلته باتفاقية الأسلحة الكيميائية. ان اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية هي في ذاتها امر جيد. واراحة الأسد من هذا السلاح هو أمر جيد لشعب سورية، ولشعوب الدول المجاورة. ولكن النتيجة الغير مقصودة هو ان الأسد فهم هذا الاجراء على أنه يستطيع ان يفعل ما يشاء بالمناطق المأهولة طالما انه لا يفعل ذلك بالسلاح الكيميائي. وهذا هو السبب في حدوث هذه الشناعة، عشية مؤتمر جنيف.
 
عندما انطلقت الثورة السورية في ال2011‘ هل كنت لتظن أنها كانت ستستمر كل هذه المدة؟
لقد خشيت من البداية،من أنه اذا لم يتم اقناع النظام بالعدول عن استخدام الأسلحة الفتاكة ضد المتظاهرين المسالمين، فان هذا الأمر سينتشر بسرعة انتشار الفيروس عبر سورية وفي النهاية سيجبر الناس المعارضون للنظام على حمل السلاح، للدفاع عن انفسهم بداية، وثانيا، بهدف تنفيذ عمليات في مسعى منهم لاسقاط النظام. وبالنظر الى ان على نظام الأسد الاعتماد في الغالب على وحدات عسكرية واستخباراتية متخصصة تتألف بدرجة كبيرة من أقليات، وغالبا من العلويين، فان خوفي الأكبر كان من أن يؤدي الرد المميت في النهاية الى مواجهة طائفية على نحو واسع. وعندما يكون لديك هذا النوع من المواجهة، سواء أكانت طائفية أم عرقية، فانك تصل بشكل يكاد يكون حتميا الى موضع حيث اذا لم يتم ايقاف ذلك، فانه يكون هناك نتائج تتسق تماما مع نتائج الابادة الجماعية. أما اذا كانت الابادة الجماعية بحد ذاتها حاضرة في ذهن المرتكب، فهو  ما لا اعلمه. بعبارة أخرى‘ هل يتم قتل المسلمين السنة لأنهم هم من هم؟ أم ان الأمر ببساطة عملية قصف على مناطق مأهولة بالسكان أملا في القبض على اثنين او ثلاثة من الجنود الثائرين؟ هذا هو بيت القصيد.