الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  مقابلة : توقعات العالم 2014

مقابلة : توقعات العالم 2014

25.01.2014
جيمس ام. ليندسي


الضيف: جيمس ام. ليندسي، نائب الرئيس الأول
المحاور: بيرنارد غورتزمان، مستشار التحرير
27كانون أول،2013
بالرغم من أن سياسة "محور" الى آسيا كانت احدى مبادرات ادارة اوباما الهامة في السياسة الخارجية، فان الشرق الأوسط يستمر في تطلب اهتمام كبير. ستكون "الأولوية الأولى" للعام القادم القيام باتفاقية مؤقتة ثابتة لستة أشهر ما بين ايران ومجموعة الخمسة +1 (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا،وروسيا، والصين، وألمانيا) وذلك للحد من تخصيب إيران النووي في مقابل تخفيض العقوبات، كما يقول جيمس ام. ليندسي. من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي. كما يقول ان ذلك لن يكون سهل التحقق.ووفقا لليندسي فان تداعيات الصراع المستمر في سورية، انسانيا، وسياسيا واقليميا – ستهيمن كذلك على الأجندة. في الوقت عينه، يعبر ليندسي عن قلقه من ان يخلق نطاق الدفاع الجوي الصيني الجديد تصعيدا عسكريا عرضيا او غير مقصود في بحر شرق الصين.
 
عندما ننظر قدما الى الى العام الفائت، والذي هو ال2013، فقد قلت ان القضية الكبرى كانت الشرق الأوسط – أكثرها الحاحا المشاكل في سورية، تليها نشاطات إيران النووية. ويبدو أن الوضع في سورية قد ساء، ولكن هناك احتمالية لوجود حل مع إيران. هل تحب أن توضح ؟
يستمر الشرق الأوسط بتقديم عدد كبير من التحديات امام إدارة أوباما. وتبدو القضايا الى درجة كبيرة كما كانت عليهفي ال2013، ولكن التفاصيل قد تغيرت شيئا ما. لنتحدث عن الأخبار الجيدة أولا. فبوجود اتفاقية جنيف المؤقتة التي توصل اليها مع ايران في تشرين الثاني، فان لدى الادارة الفرصة لعقد اتفاقية أوسع حول انهاء أو وضع قيود مشددة علىبرنامج إيران النووي. وستكون أولوية ادارة اوباما الأولى في ال2014القيام بنقلة تحويل الاتفاقية المؤقتة  الى اتفاقية شاملة. ولكن القيام بهذا لن يكون سهلا، بل قد يثبت كونه مستحيلا.
وقد تكون النتيجة الأكثر حتمالية هي أن يقوم الطرفان بركل العبوة الى أسفل الطريق باعادة تجديد الاتفاقية المؤقتة. 
 
سيغلب على المفاوضات قضية نوع العقوبات التي ستصدر عن الكونغرس. فالعديد من أعضاء الكونغرس ليسوا راضين عن الاتفاقية المؤقتة، أو يعتقدون أنهم يستطيعون منح الادارة قوة تفاوض إضافية  بفرض عقوبات جديدة أكثر قوة على إيران. وسنرى كيف سيؤثر ذلك على مسار المفاوضات.
لدى اسرائيل اهتمام كبير في ذلك.
إن لدى اسرائيل اهتماما كبيرا بنتاج ذلك، كما لدى السعودية العربية. فكلا البلدين يريان مخاطر كبيرة في تحسن العلاقات ما بين واشنطن وطهران. لذلك فان ادارة اوباما ستستشعر الكثير من الضغط سياسيا وديبلوماسيا من قبل اثنين من حلفائها في المنطقة. ولكن لنبق مستحضرين في الذهن أن الحوارمع إيران هو ليس ببساطة حوار ما بين الولايات المتحدة وإيران، بل ما بين مجموعة (بي خمسة+ 1)-الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن إضافة الى ألمانيا- من جهة،وإيران من جهة أخرى. لذلك سيكون على إدارة أوباما موازنة الكثير من الضغوط المختلفة، والمخاوف، والمصالح خلال محاولتها للتوصل الى اتفاقية. وستكون تلك مفاوضات صعبة.
وماذا عن الصراع السوري وتفشيه؟
تواجه سورية في المدى المنظور أزمة انسانية كبيرة. حيث ان حوالي 2,3مليون سوري هم الآن لاجئون قاموا بعبور الحدود الى دول مجاورة وهؤلاء يمثلون 10%من مجموع السكان.
يبدو ان ادارة الأسد قد احكمت سيطرتها على أجزاء من سورية.والجيش السوري الحر، والذي كان أثيرا لدى الغرب، قد خسر أمام جماعات الثوار ذات التفكير الاسلاموي.تواجه سورية في المدى المنظور أزمة انسانية هائلة. حيث أن ما يقرب من 2.3مليون سوري هم الآن لاجئون عبروا الحدود الى الدول المجاورة. أي ما يشكل 10% من مجموع السكان. بينما تم تشريد ما نسبته 30% -40% من الشعب السوري داخليا. ومن المرجح ان يواجهوا ظروفا بالغة الصعوبة بينما نتوغل في فصل الشتاء.فهناك نقص في الوقود، والطعام، والدواء.
 
 
 
عدا عن ذلك، هناك مسألة الآثار الاهتزازية لاستمرارية القتال  في سورية على الدول المجاورة.لقد بدأنا برؤية استشعار لبنان لضغط القتال عندما تحرك حزب الله لمساعدة حكومة الأسد، مما رفع احتمالية امتداد الحرب عبر الحدود آخذة صبغةطائفية يتواجه فيها الشيعة مع أهل السنة. وقد يكون لهذا تشعبات مقلقة للمنطقة الأوسع.
بالنظر الى الأردن، فقد كانت هناك قلق مبكر حول كونه سيناضل للتعامل مع تدفق اللاجئين، وحول أن الضغوطات الناتجة قد تفاقم من الانقسامات الموجودة في المجتمع الأردني. لقد قامت الحكومة الأردنية  حتى الآن بعمل مقبول في ادارتها لقضية اللاجئين. ومع ذلك، فما تزال هناك دوما امكانية ان يخلق حجم المشكلة، وصعوبة توفير حاجات المواطنين الأردنيين واللاجئين، أن يخلق ذلك مشاكل سياسية، وقلقلة استقرار الحكومة الأردنية.
بالنظر الى شرق سورية،لدينا العراق، والذي لديه ضغوطاته الداخلية والتي فاقمها تدفق اللاجئين والمقاتلين القادمين من سورية. اننا نرى تصعيدا في العنف الطائفي في الوقت الذي يقترب فيه العراق من موعد الانتخابات هذا الربيع. ان هناك قلق من ان مستوى العنف في العراق قد يقفز الى ما هو أعلى مما رأيناه في ال2006-2007، والذي دفع بجورج دبليو. بوش في حينها ليأمر بمدد من الجنود الأمريكيين والتي تمكنت من استعادة النظام. لن يكون هناك رد أمريكي على العنف في العراق في ال2014. والسؤال هو ما اذا كان العراقيون سيحتوون الأزمة وكيف سيفعلون ذلك.
تدعو الأمم المتحدة الى عقد مؤتمر جديد في 22 كانون الثاني في مونتركس، في سويسرا. هل سيكون ممكنا الخروج بأي شيء من المؤتمر، والذي يفترض أن يضم جميع جماعات المعارضة وحكومة الأسد؟
ان احتمالات التوصل الى تسوية متفاوض عليها للأزمة السورية ضعيفة. فحكومة الأسد تسيطر على أجزاء واسعة من البلاد، ولذلك فانها لا تستشعر أي ضغط يدفعها الى التفاوض مع معارضيها. ان المعارضة منقسمة. فقد كان هناك صراع فيما بين الفصائل المختلفة. ويبدو ان الأحزاب الاثيرة لدى الغرب آخذة في فقدان تأثيرها. ويبدو ان الحكومة في المنفى ذات تأثير ضعيف على العديد من الثوار المقاتلين، وخصوصا اولئك الذين ينتمون الى جماعات اسلاموية مختلفة. لذلك فإن الحصيلة الأكثر ترجيحا هي استمرار القتال، مع خسائر مؤسفة في الأرواح، والتقسيمالغير رسمي لسورية الى اراض واقعة تحت سيطرة الحكومة  واراض واقعة تحت سيطرة الثوار. لقد توفي ما يقدر ب125ألف سوري في القتال في الثلاثة والثلاثين شهرا الفائتة في الحرب الأهلية، وفي الوقت الراهن فان الخسائر اليومية في الأرواح أعلى من الخسائر في العراقعندما بلغ العنف الطائفي ذروته في ال2006-2007. إنه وضع مرعب، ولكن ليس هناك على الأرجح حل ديبلوماسي فعال، ومن الواضح ان لا الولايات المتحدة ولا أي دولة كبرى أخرى لديها مصلحة أو رغبة في ان تصبح متورطة عسكريا بوضع جنود لها على الأرض في سورية.
بالحديث عن الجنود على الأرض، كيف يبدو المستقبل أمام أفغانستان، والى أين سيتم سحب الجنود الأمريكيين بشكل كامل اذا لم يوقع الرئيس كرزاي اتفاقية بابقائهم هناك بعد ال2014؟
ان مستقبل أفغانستان سيعتمد على ما اذا كانت حكومة كرزاي ستوافق على اتفاقية تبقي على أساسها ببعض الجنود على الأقل في البلاد. فاذا لم يتم التوصل الى اتفاقية في أوائل ال2014، فان الولايات المتحدة ستقوم على الأرجح بسحب قواتها بشكل كامل. عند هذه المرحلة، فسيتم امتحان قوة الحكومة- وهي الآن حكومة كرزاي ولكنها سرعان ما سيتم إدارتها من قبل الرئيس الجديد الذي سيتم اختياره في الانتخابات المقررة في ال2014- ان حركة الطالبان قوية في الجزء الجنوبي من البلاد. وهي لم تتخلى عن رؤيتها لعودة الى السلطة، لذا فان مستقبل افغانستان قد يكون مريعا.
لنتحدث عن محور إدارة أوباما إلى آسيا،والذي طغى عليه الانشغال بالشرق الأوسط وإيران معظم السنة.
" خلال زيارته مؤخرا الى الصين لم يطالب نائب الرئيس بايدن بإبطال ال(إيه دي آي زد) (تحديد منطقة الدفاع الجوي) ولكنه وضح حقيقة أن الصينيين كانوا يثيرون التوترات ويخلقون احتمال حصول مواجهة لن تكون في صالح أحد."
لقد ارتفعت التوترات في بحر شرق الصين بشكل حاد في الأسابيع القليلة الماضية كرد على اعلان الصين ل(تحديد نطاق دفاع جوي) والذي يغطي مناطق تدعي اليابان أنها تابعة لها. ما يجدر ذكره أن الصين قد قامت بانشاء هذا النطاق دون تنويه مسبق لا لليابان ولا للولايات المتحدة. لذا فقد فسرت واشنطن وطوكيو- وهو أمر  مفهوم- الاعلان كفعل عدائي. لقد دفعت واشنطن خاصة بيجين للتفكير مليا بما فعلته.ولم يطالب نائب الرئيس بايدن خلال زيارته مؤخرا الى الصين، لم يطالب بازالة (نطاق الدفاع الجوي)، ولكنهوضح حقيقة أن الصينيين كانوا يثيرون التوترات ويخلقون احتمالية حصول مواجهة لن تكون في صالح أحد.
القلق الحقيقي في بحر شرق الصين ليس من كونه من المحتمل أن نرى أحد الطرفين أو الآخر يقوم بالتصعيد بشكل متعمد الى استخدام القوة العسكرية. ان القلق الأكبر هو من امكانية حصول تصعيد عرضي أو غير مقصود.ما هو لدينا الآن هو قوة عسكرية صينية ويابانية تعمل في مناطق متقاربة جدا. وهناك احتمالية لتصادم الطائرات أو السفن.وليس لدى الصين واليابان اساليب مطورة جيدا للتعامل مع الأزمات في المكان،لذا فان حدث تصادم ما فقد لا يكون  زعماء كلا البلدين قادرين على التواصل على الهاتف بسرعةوحل الأمور قبل ان يتم تصعيدها.
 
إلى أين ترى العلاقات الأمريكية الروسية متجهة؟  فقد بدا أنها كانت تمر بفترات سخونة وبرودة أثناء إدارة أوباما.
من الانصاف القول أن واشنطن وموسكو ليستا على توافق. ان قرار البيت الأبيض بعد إرسال أي مسؤولين من ذوي الرتب العالية الى ألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية  كان يقصد به بشكل واضح إرسال رسالة تنم عن عدم رضا الولايات المتحدة عن السياسات الروسية في عدد كبير من القضايا – على سبيل الذكر، قضايا قوانينها الكريهة ضد المثليين، وقرارها بمنح حق اللجوء المؤقت لادوارد سنودين، واستمرارية دعمها لحكم الأسد في سورية. هذا الزجر قد يمض بوتين ولكن من غير المحتمل أن يقنعه بتغيير السياسات الروسية.
أوكرانيا قد تصبح شرارة اشتعال في الأسابيع الستة القادمة. فقد وضح بوتين أنه سيتحرك بقوة للابقاء على أوكرانيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة مرتبطة بشكل وثيق بموسكو. قد يكون لدى الأوكرانيين العاديين خططا أخرى، مما قد يزود الولايات المتحدة وأوروبا بخيارات صعبة في ال2014 حيال ما اذا كان عليهم تقديم المساعدة والكيفية التي ينبغي تقديمها بها. عنصر التعقيد بالنسبة للبيت الأبيض هو أنه يريد من روسيا أن تتعاون في قضايا حرجة مثل إيران وسورية. اجمالا، فإن اجتماع قمة مجموعة الثمانية السنوي الأربعين، والذي ستستضيفه روسيا في حزيران، قد ينقلب ليصبح شأنا مثيرا للتوتر.
في تموز، قام الجيش المصري بإزاحة رئيس البلاد المنتخب، محمد مرسي. ولم يعد أحد يعول حقيقة على الربيع العربي ليقود إلى تحقيق الديمقراطيات في الشرق الأوسط.
لا.الأمريكيون، وبسبب الخبرة التاريخية، يميلون لأن يكونوا متفائلين حول ما يمكن للثورات أن تحققه و حول السرعة التي يمكن أن تحققها بها. ولكن إذا ما نظرت إلى الثورات في أجزاء كثيرة من العالم، فإن عاقبتها لا تكون حسنة غالبا، أو أنها تستغرق وقتا حتى تصبح عاقبتها حسنة.لنفكر فقط، على سبيل المثال، بالثورة الفرنسية والمسار الذي سارته. لذلك، ليس من المفاجىء  أن يكون أحد التحديات الآتية أمام واشنطن هو كيفية تجنب القيام ببعض الأخطاء عينها التي ارتكبتها الإدارات قبل الانتفاضة العربية، وذلك بالانحياز إلى حكومات ثبت كونها غير شعبية بشكل كبير.إنه خيار صعب، وهو أوضح ما يكون في حالة العلاقات الأمريكية مع مصر. لقد كان لدينا ما يعتبر بوضوح انقلابا؛ حيث تمت الاطاحة برئيس منتخب. وقد كان هناك الكثير من الجدل حول سبب كون هذا الانقلاب ضروريا وحول ما إذا كان في صالح الديمقراطية المصرية.ومع ذلك، فإن هذا يشكل تحديا حقيقيا للسياسة الخارجية الأمريكية والتي جادلت من أجل أهمية المحافظة على الديمقراطية، وقد وجد كثير من الناس عصيا على فهمهم كيف يكون علينا تقويض الديمقراطية في سبيل تطويرها. لذا فإن هذا سيكون تحديا لإدارة أوباما وللدول الأوروبية التي حاولت الترويج للديمقراطية وحقوق الانسان في الشرق الأوسط.