الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  مقابلة : خطوات صغيرة باتجاه هيئة حكم انتقالي في سورية؟

مقابلة : خطوات صغيرة باتجاه هيئة حكم انتقالي في سورية؟

10.02.2014
ادوارد بي. دجيرجيان


الضيف: ادوارد بي. دجيرجيان، المدير المؤسس لمعهد جيمس ايه. بيكر الثالث للسياسة العامة، في جامعة رايس.
المحاور: بيرنارد غورتزمان، مستشار التحرير
23كانون الثاني،2014
عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي
في حين تعتبر محادثات جنيف2 في سورية والتي بدأت في سويسرا (تطورات ايجابية،) الا ان احتمالات الخروج "بنتائج هامة في قضايا هامة تتعلق بالانتقال السياسي" هي احتمالات ضعيفة، كما يقول ادوارد بي.دجيرجيان، والذي هو سفير أسبق للولايات المتحدة الى سورية. في الأيام القادمة، يقول دجيرجيان، قد يركز الأطراف محادثاتهم على عمليات محدودة لوقف اطلاق النار، وتبادلات محتملة للسجناء، واساليب البدء بتخفيف "الأمة الانسانية المأساوية." فاذا ما اعتقد كلا الطرفان انهما لا يستطيعان الانتصار عسكريا، فبامكان المحادثات ان تبدأ بتمهيد الطريق باتجاه انتقال سياسي للحكم، وفقا لدجيرجيان.
 
ما هي الفرص لحصول تطورات ايجابية عن محادثات جنيف2، والتي بدأت دونما وجود اشارات على حسن النية؟
ان احتمالات الخروج بأي نتائج هامة في القضايا الأساسية المتعلقة بالانتقال السياسي هي احتملات بعيدة في هذه النقطة، بالنظر الى تباعد كل من النظام السوري والجماعات المعارضة. ومع ذلك، فان مجرد حقيقة ان المؤتمر قد انعقد، وان الحكومة السورية قد تم تمثيلها على مستوى وزير الخارجية في الافتتاح، وان عناصر المعارضة السورية – بمن فيها الائتلاف الوطني السوري – مشاركة كذلك، هي تطورات ايجابية. على الأقل فقد وافقوا على التواجد معا في نفس الغرفة، وان كانوا يتقاذفون التشنيعات البليغة والاتهامات ضد بعضهم البعض. 
ان الهدف من المحادثات التالية سيكون التوسط النسبي للحصول على أي فرصة لتحريك الأجندة للأمام. أعني، سيركز الأطراف على الأرجح على وقف مشروط لاطلاق النار في انحاء محددة في داخل سورية، وتبادل محتمل للسجناء، وما يدعى بممرات المساعدة للبدء بتفريج الأزمة الانسانية المأساوية في البلاد. ويمكن النظر لهذه الاجراءات على انها اجراءات لبناء الثقة والتي يمكنها- وانا أؤكد هنا (يمكنها) – ان تؤدي بالأطراف لأن يبدأوا في وضع هيكل للانتقال السياسي في الفترة القادمة. بالطبع،هناك أيضا الاحتمال الفظيع بأن تنهار المحادثات بالنظر الى كمية الدماء التي تم سفكها وان الثأر لا السعي الى الصلح هو الشعور السائد بين أطراف النزاع.
 
هل يمكن لهذه المحادثات ان تشابه محادثات السلام الفيتنامية والتي بدأت في عام1968ولم تنته الا في عام 1973 – أي، لمدة متطاولة من الزمن – وذلك بسبب عدم الثقة المتبادلة ما بين الأطراف؟
"فقط عندما تبين الحسابات ان النصر العسكري ليس ممكنا، عندها يمكن محاولة التوصل الى حلول تسوية سلمية."
ان هذا لهو تشبيه تاريخي مثير للاهتمام، وهناك الامكانية الحقيقية لكون الصراع السوري قد يستغرق مدة تطول بقدر ما يستمر الطرفان بالاعتقاد بأنهما قد "يفوزان" بالوسائل العسكرية والمقاومة. فقط عندما تبين الحسابات ان النصر العسكري ليس ممكنا عندها يمكن محاولة التوصل الى حلول تسوية الحقيقية.
ان الأزمة السورية التي هي في قلب العالم العربي تماما يمكن لها، اذا ما استمرت لوقت طويل، ان تكون مصدرا لاضطراب اقليمي كبير مهددة سيادة ووحدة أراضي جميع جيران سورية - تركيا، ولبنان، و العراق، والأردن، واسرائيل. بناء على ذلك، فان الدول الاقليمية مشمولة وكذلك المجتمع الدولي، الجميع لديهم مصلحة في ان يتم تحشيد السلام والأمن بحيث يوقف الأزمة، ويضع حدا للقتال، ويشجع ايجاد طريق سياسي للأمام. ان المخاطر هي ببساطة كبيرة جدا لأن تصبح هذه الأزمة مصدرا أكبر لعدم الاستقرار في شرق أوسط مضطرب.   
 
هل هناك أي تسوية قد ترضي جميع الأطراف؟ تبدو حكومة الأسد مصرة على ان بشار لن يتخلى عن السلطة. المعارضة متشظية ولكنها موحدة في المطالبة في ان يتم استبدال نظام الأسد.كيف يمكن لحكومة "انتقالية" ان تتشكل؟ والتي هي، بعد كل شيء احدى الشروط في مفاوضات جنيف2.
كما قلت، في البداية، سيكون من الهام لكلا الطرفين التوصل الى ان أيا منهما لن ينتصر عسكريا وذلك حتى تتبلور حلول تسوية حقيقية. في أفضل أحوال جميع العوالم،واذا ما كان هناك تقدم محدود على طول الخطوط التي أشرت اليها في تلك المحادثات، فان نفس عملية التفاوض تحت صيغة جنيف قد تمكن الأطراف من البدء في مناقشة التقايضات والمقاربات من أجل اطار انتقال سياسي سيشتمل على تسويات قوية.
على سبيل المثال، فقد أشار بشار الأسد باصرار الى ان الانتخابات الرئاسية والمقررة في حزيران 2014 ينبغي التمسك بها. بالطبع، يمكن توقع انه سيقوم بالتلاعب بهذه الانتخابات لو تمكن من ذلك. ولكن لو تم تطوير صيغة جنيف وكانت هناك عملية اصلاحات دستورية وانتخابية تحت رقابة دولية مشددة، فان هذا قد يوفر الفضاء السياسي لممثلي المعارضة والنظام للتنافس على السلطة عبر صناديق الاقتراع.
 
هل ارتكبت الولايات المتحدة خطأ بعدم استخدام القوة العسكرية  لدى استخدام الأسد للسلاح الكيماوي؟ وهل كان يتوجب عليها ان تكون اكثر حسما في سياستها؟ وهل كانت مخطئة في عدم سماحها لايران بالمشاركة في الجلسة الافتتاحية لمحادثات السلام كما كانت ترغب الأمم المتحدة والروس؟
لقد ضيعت الولايات المتحدة فرصة منذ سنتين لتصبح منخرطة بشكل اكثر فعالية في دعم جماعات المعارضة السورية الغير متشددة بدعم سياسي وعسكري أكثر قوة في محاولة لتسوية ارض المعركة والسماح للمعارضة بمواجهة تفوق نظام الأسد العسكري، خصوصا سلاح الجو، والصواريخ، والمدفعية الثقيلة. لربما كنا لنكون في موقع اكثر فعالية اليوم على الأرض في جنيف. وبقول هذا، (فلا بد من توضيح) ان الرئيس أوباما كان على حق في تجنب وجود جنود من الجيش الأمريكي على الأرض في سورية بأي ثمن.. في قضية الأسلحة الكيميائية، ورغم الطريق المربك الذي وصلنا عبره، فان النتيجة النهائية هي ايجابية وانه لانجاز حقيقي ان تقوم سورية بتفكيك ترسانتها من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الخطيرة.
 
لقد عرفت الرئيس بشار الأسد. هل تفاجأت بالقسوة  التي انقلبت فيها سياسته في مواجهة الحرب الأهلية الطويلة؟ أم أنها بطريقة ما رمز لدعمه لعائلته وإرثه؟
لقد قابلت الرئيس بشار الأسد ثلاث مرات، وقد كان هناك الكثير من الأمل عندما تسلم السلطة في عام ال2000، على انه سيصبح مصلحا بسبب شبابه، وثقافته الغربية، اضافة الى زوجته، وتصريحاته الأولى. في احدى اللقاءات ، والتي حدثت قبل سنوات من الربيع العربي،سألته عن السبب في عدم حدوث تقدم ذي شأن في سير الأمور في سورية. وقد كانت اجابته بأنه ينبغي اعداد الشعب لاجراء اصلاحات بنيوية، ولذلك فانه كان قد شرع في "اصلاحات ادارية" لتمهيد الطريق.
ولقد تبين ان هذا الوضع لم يكن سوى تملص مكشوف.  وعندما وصل الربيع العربي الى سورية في عام 2011، أصبح واضحا بشكل مؤلم ان كلماته لم تتطابق قط مع أفعاله. وقد ظن الكثير من المراقبين انه سيتقدم دعوة شباب الشعب السوري للاصلاح، على نحو ما فعل الملك محمد الخامس ملك المغرب. بدلا من ذلك، فقد استمع الى العصبة الحاكمة وواجه المتظاهرين السلميين بقوة سلاح الجيش السوري والجهاز الأمني، بنفس تملؤها مشاعر الاستعلاء، مشعلا نا الحرب الأهلية والطائفية في سورية. والبقية هي تاريخ مؤلم.