الرئيسة \  تقارير  \  مقال في فورين بوليسي: ترحيب أوروبا باللاجئين من أوكرانيا لن يدوم طويلا

مقال في فورين بوليسي: ترحيب أوروبا باللاجئين من أوكرانيا لن يدوم طويلا

22.03.2022
الجزيرة


الجزيرة
الاثنين 21/3/2022
نشرت مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية مقالا  يتوقع أن ينحسر الترحيب الأوروبي باللاجئين القادمين من أوكرانيا إذا طال أمد الحرب، ويقول إن التمييز الذي يقف وراء العداء للهجرة لا يقتصر على القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط.
واستعرض المقال -الذي كتبه محمد إدريس أحمد المحاضر في الصحافة الرقمية بجامعة ستيرلنغ الأسكتلندية- مظاهر الترحيب الأوروبي باللاجئين الأوكرانيين، قائلا إن الناس في ألمانيا ينتظرون في محطات القطارات ليعرضوا على الأوكرانيين البقاء في منازلهم؛ وفي رومانيا، يقود القرويون سياراتهم إلى الحدود لنقل اللاجئين إلى بر الأمان؛ وفي بولندا، تترك الأمهات عربات الأطفال في محطات القطار للأوكرانيين الذين قد يحتاجون إليها من أجل أطفالهم.
لا سوابق للترحيب الأوروبي
وعلق بأن هذه المشاهد تظهر الإنسانية في أفضل حالاتها، مشيرا إلى أنه ليس لدى الأوروبيين سوابق في الذاكرة الحديثة لمثل هذا الترحيب، باستثناء في خريف عام 2015، عندما تحرك ضمير أوروبا لفترة وجيزة بعد أن انتشرت صور الطفل السوري آلان الكردي البالغ من العمر 3 سنوات، والذي جُرف جسده الميت على أحد الشواطئ التركية بعد إخفاق عائلته في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
وفي الأيام اللاحقة، تعهد العديد من القادة الأوروبيين بقبول عدد كبير من اللاجئين. كما ألهمت صورة هذا الطفل المتطوعين من جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة للإسراع إلى الجزر اليونانية لمساعدة اللاجئين الذين كانوا يصلون على شكل موجات.
وقال الكاتب إن هذا التعاطف المتدفق لم يدم طويلا بعد الهجمات المتعددة لتنظيم الدولة الإسلامية بباريس في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام (2015)، حيث عادت المواقف الأوروبية إلى مناهضة الهجرة.
انقلاب التعاطف الأوروبي تجاه اللاجئين
وبينما استمر النشطاء الملتزمون وعمال الإغاثة، واستمر بعض الصحفيين في تقديم تغطية متعاطفة، فإن مواقف الدول الأوروبية قد تشددت، وأصبحت تجرّم التعاطف نفسه، وتتهم الأشخاص الذين كانوا يساعدون اللاجئين في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط ​​بـ "الاتجار بالبشر" و"المساعدة في الهجرة غير الشرعية".
وأكد إدريس أن العرق والألفة النسبية للثقافة هما عاملان في التعاطف الذي تلقاه الأوكرانيون أكثر من القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن الهوية ليست شيئا ثابتا، إذ لم تكن المسيحية والبياض دائما ضامنين لكرم الضيافة. ففي بريطانيا، لم تفعل العيون الزرقاء والشعر الأشقر سوى القليل لحماية البولنديين من العنصرية في العقد الأول من القرن الـ21. وفي عام 2010، تحول تركيز كراهية الأجانب إلى الرومانيين والبلغاريين.
ووفق الكاتب لم يُعامل السلاف (سكان روسيا وشرق ووسط أوروبا وآسيا الوسطى)، دائما على أنهم "بيض" في الغرب. في الواقع، وعد الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني بحماية الغرب الأبيض من السلاف. وحتى في الولايات المتحدة، كان الإيطاليون يتعرضون للتمييز على أنهم "متوحشون" و"أغراب". وفي المملكة المتحدة، استمرت المشاعر المعادية لأيرلندا منذ أيام شكسبير وحتى الوقت الحاضر، ولم تهدأ إلا بإبرام اتفاقية الجمعة العظيمة في 1998. وقال الكاتب إن هذه التصنيفات تعتمد على عدد لا يحصى من العوامل الأخرى.
الوقت عامل حاسم
وأشار إلى أن الوقت عامل حاسم أيضا في قضية اللاجئين، إذ إن تطور الوضع في أوكرانيا وتكشف الأزمة الإنسانية بسرعة كبيرة، دفعا الأوروبيين للتصرف بدافع إنساني دون تدخل التمييز أو الأيديولوجيا، وعاملوا اللاجئين الأوكرانيين كلاجئين.
ثم عاد ليقول إذا لم تجد هذه الأزمة حلا سريعا ولم يتمكن الأوكرانيون من العودة إلى ديارهم، فسيرى الناس كيف يمكن تخفيض الأوروبيين مرتبة الأوكرانيين من لاجئين إلى مجرد "مهاجرين". وإذا حدث ذلك، فمن المرجح ألا يوفر لون بشرتهم حماية لهم.
التسليح هو الآخر مهم
وقال إن الدول الغربية تبذل في الوقت الحالي قصارى جهدها لضمان عدم حدوث مثل هذا الوضع. فعلى عكس السوريين، زودت أوروبا الأوكرانيين ببعض الوسائل للدفاع عن أنفسهم، وإن لم تكن كافية لتحمل الإجراءات الأكثر قسوة للجيش الروسي. وأشار التقرير إلى أن هذه مسألة ذات أهمية أكبر بكثير من الشهامة التي تظهر تجاه اللاجئين.
وختم إدريس تقريره بالقول إن المساعدة الحقيقية الدائمة التي يمكن أن يقدمها الغرب هي منع الناس من أن يصبحوا لاجئين في المقام الأول، والخطوة الأولى الحاسمة في هذا الصدد هي إعادة الأمل، إما بحماية الناس من العدوان العسكري أو بمنحهم الوسائل لمقاومته. وأخيرا تفعل أوروبا ذلك في أوكرانيا، لأن الحرب هذه المرة على أعتابها، لكن لو أنها أعطت السوريين الوسائل للدفاع عن أنفسهم عام 2012، فمن الممكن أن يكون قد تم ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأن تنجو أوكرانيا من "غزوه" الحالي.
المصدر : فورين بوليسي