الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مكتسبات روسيا في سورية بسبب بطء أميركا

مكتسبات روسيا في سورية بسبب بطء أميركا

21.01.2016
أنجيلا ستينت



الوطن السعودية
الاربعاء 20/1/2016
 فاجأ التدخل الروسي في سورية الأميركيين، مثلما فاجأهم ضم شبه جزيرة القرم في مارس 2014 وهُم في غفلة. ويُظهر هذا التدخل رغبة الرجل القوي في الكرملين، فلاديمير بوتين، بأن يلعب دوراً دولياً لإعادة موقع روسيا في الشرق الأوسط.
فمن خلال الحفاظ على ما تبقى له من حلفاء- بشار الأسد- يرغب بوتين في إبراز الدور الروسي في المنطقة والعالم بشكل عام. ويكمُن سبب بطء واشنطن في الرد على تحركات موسكو في سرية تحركات بوتين السريعة.
ويُشار هنا إلى خطابه في مؤتمر الأمن الذي عُقد في ميونيخ عام 2007 ووجه فيه انتقاداً لأميركا "التي تجاوزت حدودها"، وتعهد باستبدال النظام الدولي بنظام يحترم المصالح الروسية.
وفي عام 2008 جاءت الحرب في جورجيا، التي كانت تعبيراً عن رغبة روسية باستخدام القوة لمنع الجيران التحول نحو الغرب. وعليه، تحتاج الولايات المتحدة لفهم طبيعة الأهداف الروسية في أوكرانيا وسورية أولاً، والبحث عن طرق للتعامل مع بوتين الذي أقام نظاماً سياسياً "شخصانياً" يدور حوله.
وبما أن أي محاولات لعزل روسيا قد لا تنجح، فمن الأفضل للولايات المتحدة التعاون معها في القضايا التي تخدم مصالح الطرفين، مثل الملف النووي الكوري، وأوكرانيا، وسورية، والقطب الشمالي. ولقد سبق التعاون بين الطرفين في مرحلة ما بعد الحرب الباردة: فقد ساعدت روسيا واشنطن في حملة أفغانستان عام 2001، وفي قضايا مكافحة الإرهاب، وتعاونا في عام 2013 للتخلص من أسلحة الأسد الكيميائية. وتجلى التعاون أخيراً في الاتفاق النووي الإيراني، حيث أثنى الرئيس باراك أوباما على الدور الذي لعبه بوتين في تأمين الاتفاق.
ويبدو أن التدخل الروسي في سورية متجذِّر باهتمامات الكرملين حول السُلطة والنفوذ في المنطقة. وعلى هذا، جاء التدخل العسكري في سورية حتى يكون لموسكو قرار حول من سيحكُم سورية في المستقبل. ولهذا يجب النظر للمغامرة السورية على أنها جزء من محاولة تعزيز التأثير الروسي في المنطقة.
وبعيداً عن الظروف المحلية التي دفعت موسكو للتحرك نحو سورية، خاصة تلك المتعلقة بالعقوبات، وصف بوتين مغامرته بأنها محاولة لمكافحة الإرهاب ومن أجل وقف موجات اللاجئين السوريين نحو أوروبا.
ولكن الواقع غير ذلك، فقد زادت الغارات الروسية من معدل الهجرة بنسبة 26 ٪ بحلول نوفمبر 2015. كما أن دعم روسيا للحكومة العلوية قد يترك آثاراً على مواقف المسلمين في روسيا، ويدفع المزيد منهم للانضمام إلى تنظيم داعش.
وعلى العموم، فما كان بوتين يريد تحقيقه من المغامرة في سورية، هو إجبار أميركا على الاعتراف بأهمية روسيا في الشرق الأوسط، ولكننا لا نعرف إن كان هذا الاعتراف نهاية في حد ذاته أم محاولة لبناء عالم متعدد الأقطاب، تشارك فيه الصين وروسيا مع الولايات المتحدة باتخاذ القرارات المهمة.
ويبدو أن بوتين في رغبته للحصول على اعتراف، ربما لم يُفكر بشكل دقيق حول نهاية لعبته العسكرية. وهو تحد يواجه أوباما في آخر أيام ولايته، خاصة وأنه أمام تحد للتعاون مع بوتين لمواجهة تنظيم داعش. ومن دون قوات برية على الأرض، فلن يكون لدى واشنطن الكثير مما تفعله.
وفي الوقت الذي ستواصل فيه واشنطن العمل مع موسكو للتوصل لتسوية سياسية في سورية، فإن التحدي الأكبر أمام الطرفين هو ترتيبات ما بعد بشار الأسد.