الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ملاحظات حول مشاركة بعض اللاجئين في مهزلة الانتخابات 

ملاحظات حول مشاركة بعض اللاجئين في مهزلة الانتخابات 

27.05.2021
نجاتي طيّارة


سوريا تي في 
الاربعاء 26/5/2021 
انتشرت شائعات عديدة حول أرتال اللاجئين السوريين ومسيراتهم المحتشدة من أجل التصويت في سفارات النظام السوري في لبنان ودول الجوار وأوروبا. 
والصحيح أن ذلك لم يحدث كرتل إلا في لبنان، وقد منع إجراء ذلك (أي ما سمي بالتصويت على الانتخاب) بقرار حكومي معلن في كل من تركيا وألمانيا، أما في فرنسا، فقد صدرت مذكرة، قبيل ليل 20 أيار، من قبل الخارجية الفرنسية بعدم منع الانتخاب داخل المركز الثقافي السوري الذي يقوم بأعمال القنصلية السورية، بحجة أنه لاسيادة للدولة الفرنسية على داخل المركز ، وفي الوقت نفسه تم السماح لمظاهرة صغيرة بالتجمهر ضد جريان الانتخاب. 
وكان عدد المصوتين ضئيلا وفق روايات عديدة، وذلك تعبيرا عن لعبة باسم الديمقراطية الفرنسية وتزييفها لدى السلطة الرئاسية، التي تجاوزت القرارات الدولية المتمسكة بالحل السياسي وملحقاته الدستورية، كمقدمة لاغنى عنها لشرعية أي مسار سوري كالانتخابات الرئاسية أو غيرها. 
وفق قوانين اللجوء الأوروبية، لايستطيع اللاجىء السوري الذهاب إلى أي مركز أو سفارة سورية والتعامل معها، لأن ذلك يسقط حقه في اللجوء فورا، كونه طلب ذلك لحمايته من سلطات بلده أصلا. ولذلك لم يصوت أي لاجىء سوري في فرنسا بالتأكيد، ومن هنا كان محقا سمير جعجع زعيم القوات اللبنانية، عندما طالب بإعادة اللاجئء السوري المصوت إلى بلده، بالرغم من الوضع المغيب للجوء السوريين في لبنان، كما يلي. 
- في لبنان لايتمتع اللاجئون السوريون بحقوق اللجوء الكاملة وفق القانون الدولي أو الأوروبي، بل يتلقون الفتات من دعم منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة فقط، وقد تعرضوا وما زالوا يتعرضون لكل أنواع التعسف والظلم من قبل أنصار حزب الله والسلطة اللبنانية المدعومة من النظام السوري، ومن قبل بعض العنصريين اللبنانيين الجدد. 
لذلك، فإن إخوتنا من اللاجئين السوريين في لبنان هم حاليا بين نارين، نار النظام الذي دمّر حياتهم وأرزاقهم وبيوتهم ودفعهم إلى الرحيل وتحمل عذابات الغربة المرة، ونار الإقامة في مخيمات اللجوء، كعرسال وغيرها، متحملين زمهرير الشتاء وثلوجه، وحر الصيف وجمره، تحت أسقف التوتياء والتنك وبين جدران الخفّان الهش، التي تعرضت للهدم والاعتداء مرارا من قبل رؤساء البلديات اللبنانية العنصرية وزعرانها المشهورين. 
لذلك علينا ألا نستغرب اندفاع بعض اللاجئين إلى السفارة للمشاركة بالتصويت، طلبا لشيء من الأمان، وتحقيقا لحلم العودة الذي قد ينقذ أطفالهم ونساءهم من مذلة مستمرة، بالرغم من أنهم سيكونون كالمستجير بالرمضاء من النار، لأن شروط عودتهم غير مضمونة الأمان، ولن تتوفر لهم شروط الحياة الكريمة، في ظل النظام نفسه الذي اضطرهم إلى الهجرة، وفي ظل حلفائه الذين أوغلوا في تعزيز طغيانه. 
- كان الهجوم على رتل مسيرة المؤيدين المحتشدين للتصويت في السفارة السورية في بيروت، وتحطيم سياراتهم وإيقاع الأذى ببعضهم، عملا خاطئا في رأيي، وينتمي إلى سلوك شبيحة الأسد وعصاباته السورية والإيرانية المعروفة نفسها. فممارسة العنف تلك، لاتنتمي إلى أخلاق الثورة السلمية التي قمنا بها ونطمح إلى تجديدها، كما لا تنتمي إلى أية سمة ديمقراطية معروفة. إنها عمل مدان بكل المقاييس، وبدلا منها كان الأفضل على من قام بذلك التفكير ، أوالبحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت معظم أولئك السوريين للذهاب إلى التصويت، بغض النظر عن إمكانية عمالة بعضهم وفسادهم أصلا. 
فلربما يدركون حينذاك أن حركة الثورة والمعارضة لم تقدم لهم بديلا عن ذلك، ولم تتمكن من توفير أية مساعدة لهم، بما يضمن لهم ولعائلاتهم العيش الحر والكريم، وتلك إحدى أهم مسؤولياتها المفترضة، إذا كانت تدعي مسؤولية ما عن شعبها. 
- من لم يعرف تعسف النظام السوري ووحشية أجهزته الأمنية والعسكرية، ومن لم يختبر عمليات التحشيد ومسيرات التأييد المنظمة والموزعة بالدور على المحافظات السورية، لن يفهم أو يقدّر كيف تمت إعادة تكريس العبودية، وتركيع سوريي الداخل، بخاصة في ظل ظروف الغلاء الفاحش الجديدة، وفقدان سبل الحياة الكريمة إلا لمن ناله حظ أو تقرب من حواشي السلطة وفسادها. 
وفي هذا السياق ربما يتذكّر بعض العارفين الطُرفة الكاريكاتورية والمُهينة التالية: 
في إحدى بيعات المجرم الأب، فوجىء أهالي حمص بعودة قيادة فرع الحزب الحاكم بحمص (ومحافظها ومسؤوليها بالجملة) للقيام بدبكة ثانية، بعد عدة ساعات من دبكتهم الأولى، وقد حدثت هذه العودة نظرا لعدم رضا مراكز السلطة في دمشق عن فيلم التصوير الأول، وعندما سألنا عن سبب ذلك مستغربين إعادة دبكة المسؤولين بالجملة وتصويرها التلفزيوني، وكأنهم كانوا يكررون بروفة التمثيلية، قال لنا أحد المطلعين المقربين: ياعمي صحيح هم دبكوا لكن ما نخّوا، ولذلك طُلب منهم تكرار الدبكة جيدا وتوضيح النخّ!! 
هذا ما كان مطلوبا من مسؤولي وحواشي النظام، فما بال المساكين من الناس؟! لذلك، فلنرحم إخوتنا من اللاجئين المعتّرين على وجه هذه الأرض البائسة، لعلنا ننال رحمة من في السماء على الأقل.