الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مليارات لمصر وجهاديون لسوريا

مليارات لمصر وجهاديون لسوريا

17.07.2013
موناليزا فريحة

النهار
الاربعاء 17/7/2013
على هامش التحولات المصرية المتسارعة والحرب السورية المتمادية، ثمة مفارقتان لافتتان تعكسان وجها من صراع عربي - عربي قديم على النفوذ يكاد لا يخمد حتى يستعر من جديد.
بعد أقل من 48 ساعة من عزل الرئيس الاخواني محمد مرسي، أمطرت السعودية والامارات والكويت السلطات المصرية الجديدة بـ12 مليار دولار. بالنسبة إلى القاهرة، ليس مبلغ كهذا، أيا يكن شكله (هبات أو قروض أو ودائع) الا طوق نجاة لدولة غرقت في أزمة اقتصادية خانقة طوال سنتين ونصف سنة من اللاستقرار السياسي. فمع سوء الادارة الاخوانية والعثرات الاقتصادية، لم ينجح مرسي في البقاء في السلطة سنة وبضعة ايام الا نتيجة المليارات الثمانية التي وضعتها قطر، الداعم الرئيسي لـ"الاخوان" في تصرفه. وها هي الدول الخليجية الثلاث تعوم خلفه بمليارات جديدة تعتقه من التبعية للامارة الصغيرة، لكنها ايضا تحرره من شروط صندوق النقد الدولي وقد تقلل الحافز لديه لاجراء اصلاحات مؤلمة ولكن ضرورية تطالب بها المؤسسة المالية الدولية لوضع البلاد على طريق النمو الاقتصادي الصحيح. وبهذه الخلفية، يخشى الا تؤدي المليارات الجديدة، شأن سابقاتها، غرضها المرجو، فلا تكون إلا مجرد شراء للوقت والنفوذ على حساب مستقبل مصر.
قبل مصر كانت سوريا ولا تزال ساحة لهذا الصراع الذي زاد أزمتها تفاقما وجعلها عصية على كل الحلول. ويأتي اقرار "طالبان" باكستان بأن إرسالها مقاتلين إلى سوريا جاء بناء على طلب من "الأصدقاء العرب" ليؤكد أن قطر الجديدة ماضية في سياستها مشاكسة السعودية ومصرة على ضمان نفوذها في بلاد قد لا يبقى فيها شيء للتنافس عليه.
تتعدد ساحات التنافس العربي - العربي على سوريا، من الليالي الاسطنبولية الطويلة التي تركت "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" بلا رئيس اشهرا طويلة، الى شراء ولاء الفصائل المتنافسة داخل المعارضات المسلحة والذي زاد العداء في ما بينها. غير أن هذا التنافس بدأ ينعكس اقتتالا على الارض يهدد بتقويض الثورة السورية كلها. فوقت تكتسب قوات النظام زخما وتحرز تقدما في مناطق المعارضة، تتواجه المجموعات المعارضة في ادلب وتتنازع السيطرة على اللاذقية،وتتبارى في تفسير الاسلام والشريعة، محولة المناطق الخاضعة لسيطرتها مسرحاً لشريعة الغاب.
لا ينقص مصر مليارات تنقلها من وصاية الى أخرى. وآخر ما ينقص سوريا طالبانيون ينضمون الى قاطعي الرؤوس وآكلي الاكباد وخاطفي رجال الدين. ما، ومَنْ، تفتقر اليه وإليهم هذه وتلك زعماء حقيقيون للمعارضة يردون الثورتين الى مساريهما ويحصنون بلديهما حيال أي تدخلات، قبل أن تجر الثورات بعضها بعضا في مصر وتتفلت الحرب السورية من كل عقال.