الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مليار شخص ينامون جائعين كل يوم

مليار شخص ينامون جائعين كل يوم

03.10.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 2/10/2013
‘من سورية الى الكونغو، وصولا الى مناطق الجفاف في الصحراء الكبرى بافريقيا، يرتفع تحدّي الجوع امام العالم’، هذا ما يقوله تعليق لصورة في الموقع الالكتروني لبرنامج غذاء العالم.
‘واحد من كل ثمانية أشخاص في العالم يذهب الى النوم جائعاً’.
هذا ما نستخلصه من تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة قال ان هناك 870 مليون شخص جائع في العالم.
بين تعليق الصورة والتقرير الأممي، يتذكر العربي (الغارق في صراع وجود مع اسرائيل، ونزاعات مهلكة بين أنظمة الاستبداد وشعوبها، واستثمار قوى اقليمية في دماء هذه الأمم وتضحياتها) قدرته على التعاطف مع الآخرين، وهي قدرة أصيبت بضربات موجعة قاربت ان تعطبها.
الجوع، حسب منظمة الفاو الأممية واحد من المخاطر الصحية الأكبر في العالم وهو يقتل عدداً أكبر من ضحايا أمراض الايدز والملاريا والسل مجتمعة، وثلث عدد الأطفال الذين يموتون قبل الخامسة من العمر في البلدان النامية من الجوع.
ليست أرقام المنظمة الدولية هذه واقعة مجرّدة للتأمل الفلسفي بل هي مسألة تخص كل شخص منّا وهي في قلب المغزى الحضاري والسياسي لما يحصل في بلادنا العربية والعالم لأنها، ونقولها مرة أخرى، تحاكم قدراتنا، كأعضاء في الجنس البشري قبل ان نكون عربا او مسلمين يعانون من شتى أنواع الجوع والاضطهاد الحضاري والسياسي والاجتماعي، على التضامن ليس فقط مع أنفسنا، (فبعض بلداننا ضمن قوس الجوع هذا) بل مع البشر عموماً الذين يعانون كما نعاني وأكثر.
حين يضرب مخلب الجوع الأطفال في سنواتهم الأولى فهو يتركهم معرضين لمخاطر الاعاقة العقلية والجسدية والنفسية التي ستؤثر عليهم طوال حياتهم، وتؤثر بالتالي على قدرة مجتمعاتهم على البقاء والحياة والكرامة. وحين نتألم لمعاناة أطفال وعائلات العراق وسورية واليمن وفلسطين، علينا أن نفكر ان هناك عالماً واحداً يجمع آلام البشرية كلها وأن هذه الآلام، مثلها مثل مبدأ الأواني المستطرقة، تنتقل بالضرورة من واحدة لأخرى بحيث يجب، عقلاً ومنطقاً، ان يمتنع تكاره وتحارب هؤلاء الضحايا، فهذا التكاره والتحارب هو الأداة التي تمكّن مضطهديهم ومجوّعيهم من الاستمرار في اضطهادهم وتجويعهم.
يرتبط الجوع بعوامل عديدة أهمها الفقر والنزاعات السياسية والكوارث الطبيعية والأوبئة وتدهور حقوق المرأة ، وهي عوامل متوفرة كثيراً في منطقتنا العربية، ورغم ان الكوارث الطبيعية لا يمكن التحكم في أسبابها، لكن البلدان التي تحترم حقوق المرأة وتعالج الأوبئة والفقر ولا تعاني من النزاعات السياسية، قادرة على التخفيف من آثارها كثيراً.
لذلك فالجوع في المنطقة العربية مرتبط أساساً بضياع البوصلة الحضارية للعرب عموماً، وحينما فتحت الشعوب العربية كوّة للضوء للخروج من صحراء العصر والحداثة، تكالبت قوى الاستبداد عليها، بحيث تمنعها من التفكير مجدداً في الثورة على أوضاعها المتدهورة لحدود لا يتخيلها العقل.
ويبقى السؤال الأساسي، ماذا يمكن أن نفعل؟
رغم الصورة الشديدة القتامة التي يقدمها تقرير الأمم المتحدة فهناك بقع ضوء على خارطة الجوع في العالم تمثلها بلدان مثل البرازيل التي قامت خلال العقد الماضي بانقاص نسبة الجوعى لديها بنسبة الثلث، بحيث صعدت بأكثر من 24 مليون انسان من وهدة الفقر وسوء التغذية.
وما يعنيه ذلك هو ان الحلّ للمشاكل المعقدة للبشر، وعلى رأسها الجوع، يتعلق بالادارة الحكيمة الراشدة للبلاد.
هذا الجواب الذي تتعلق به آمال ملايين العرب.