الرئيسة \  مشاركات  \  من أطفال كرم الزيتون إلى أطفال النبك...رسالة إلى ثوار حمص

من أطفال كرم الزيتون إلى أطفال النبك...رسالة إلى ثوار حمص

11.12.2013
وليد فارس



هاهما عامان كاملان مضيا على عمر مجزرة كرم الزيتون, المجزرة التي ذبح فيها أكثر من ثمانية عشر طفلاً من أطفال الحي, هاهي الكرة تعيد نفسها على بعد مائة كيلو متر جنوباً في مدينة النبك.
ولا ينسى الإنسان ماحصل بينهما من مجازر, مجازرَ شككت العالم في انتماء مرتكبيها للبشرية, فما مجزرة الحولة ولا العدوية في حمص ببعيدة عن ذاكرتنا, مجازر تلو المجازر تعطي للعاقل مزيداً من الإثباتات, أن مرتكبيها حيوانات متكلمة على هيئة بشرية.
لقد أطلق الثوار كلمتهم في حرية ينشدونها, ولو تخلوا عن تلك الكلمات لأتتهم الدنيا بين أيديهم, ولما حصل ما حصل ولما قامت الدنيا فوق رؤسهم ولم تقعد, كل هذا يحدث أمام مجتمع دولي نكتشف يوماً بعد يوم أنه صامت مشلول أمام جرائم النظام, ومتتبع فطن لهفوات الثوار وأخطائهم.
تمسك النظام بإجرامه ووجوده, كذب وافتراء, قتل واغتصاب وذبح, رشاويٍ دولية وإعطيات لكل من يحاول أن يقف في طريقه, دعم إقليمي على أساس طائفي بغطاء الممانعة والمقاومة, وأي شيء وبدون حدود في سبيل وجوده وبقاءه.
يحاول النظام أن يفعل أي شيء في سبيل تمكينه, يحاور, يتقدم, يتراجع, لكنه يبقى متعطشاً للدماء, وتبقى رائحة أطفالنا تفوح أمامه, كما تفوح رائحة الدم لفريسة ذئب جائع يترقب بسكون.
لا يمكن أن يستوي بنظر عاقل من أطلق كلمته وحافظ عليها, بل ودفع في سبيلها دماً ومالاً وروحاً وصداقة وأهلاً وأحبةً, مع من باع في سبيل بقاءه أهله وأرضه وسلاحه وقراره وكشف عن وجهه الحقيقي, لا يمكن أن يكونا طرفان أبداً ولا يمكن أن يستوي الضبع الخبيث النتن, مع الإنسان الذي ينشد حقاً تقره الدنيا كلها.
إن الحر لا يغتسل في ماء نهر مرتين, وإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين, وإن العاقل من اتعظ من مواقف أخرى يشاهدها فكيف بمواقف مرة عليه, وإن الخائن لا أمان له ولا عهد, والمجرم لا كلمة له ولا وعد:
لكنما أصنامنا بشرُ، الغدر منهم خائفٌ حذرُ
والمكرُ يشكو الضعف إن مكروا، فالحرب أغنية يجن بلحنها الوترُ، والسلم مختصرُ.
فاجمعوا أمركم وتوكلوا على من لا يخذلكم واعلموا أن السيف بعد الله هو ملجأكم وأن الكلاب الضالة والذئاب المتوحشة لا راد لها إلا الرصاص.
حمص المحاصرة, 10-12-2013