الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من إجل إبقاء سوريا مستعمرة إيرانية!

من إجل إبقاء سوريا مستعمرة إيرانية!

15.05.2013
خيرالله خيرالله
المستقبل

خيرالله خيرالله
المستقبل
الاربعاء 15 /5/2013
مرّة اخرى، يأخذ "حزب الله" الايراني لبنان الى المجهول. يفعل ذلك لاسباب لا علاقة لها بمصلحة لبنان واللبنانيين. ما نشهده في الواقع هو تنفيذ لأمر عمليات ايراني عائد اساسا الى الرغبة في ابقاء سوريا مستعمرة تدار من طهران. يتمّ ذلك بغض النظر عن كلفة مثل هذا القرار، وهي كلفة يتحمّلها السوريون واللبنانيون في الدرجة الاولى. ما لا يمكن تجاهله أن النظام في ايران يعتبر أنه يمتلك درجة من الذكاء والدهاء تسمح له بشن كلّ المعارك التي يريدها باجساد اللبنانيين والسوريين والعراقيين والفلسطينيين...وكلّ من يمكن وضع اليد عليه، على غرار ما هو حاصل مع "حزب الله".
من هو حريص فعلا على سوريا والسوريين، لا يتحدّث كما فعل قبل أيّام السيّد حسن نصرالله الامين العام لـ"حزب الله" عن الخوف من سقوط سوريا. هل من حضيض تسقط اليه سوريا اكثر من الحضيض الذي يجسّده النظام القائم بكلّ ما مثّله وما لا يزال يمثّله؟
لعلّ أسوأ ما في كلام نصرالله تجاهله لوجود ثورة شعبية حقيقية في سوريا تجاوز عمرها السنتين. هذه ثورة شعب يريد استعادة حريته وكرامته في الدرجة الاولى، في حين أن النظام القائم لا شرعية له نظرا الى انه نتاج انقلاب عسكري نفّذه حزب البعث في العام 1963 من القرن الماضي.
تحوّل النظام تدريجا الى نظام عسكري بشكل كامل، لا علاقة له بالبعث، وهو في الاصل حزب علماني. بدأ ذلك اثر ابعاد القياديين المدنيين، الذين ينتمون الى الجيل المؤسس لحزب، عن أي موقع قيادي حقيقي في 1966. اصبح النظام بعد ذلك، نظاما طائفيا يتحكّم به الضباط العلويون الكبار ( حافظ الاسد وصلاح جديد ومحمد عمران) وصولا الى وضع الاسد الأب يده على كل مفاتيح السلطة في العام 1970.
جاء التحوّل الاخير في السنة 2000 مع وفاة الرئيس حافظ الاسد وتوريث نجله بشّار. اصبح النظام عائليا ودخلت فيه ايران الى سوريا ومنها الى لبنان بقوة اكبر، علما أنه لا يمكن تجاهل أن حافظ الاسد وضع الاسس للحلف الايراني- السوري من منطلق مذهبي قبل أي شيء آخر في ضوء حاجة العلويين الى غطاء شيعي.
هذا هو النظام الذي يخوض "حزب الله" معركته. انها معركة خاسرة سلفا مهما خرج نصرالله بشعارات لا هدف منها سوى المتاجرة بفلسطين والفلسطينيين وبالقدس والاماكن المقدّسة فيها...من أجل نصرة النظام السوري!
لو كان النظام السوري حريصا بالفعل على الفلسطينيين، لما وضع في وجههم كلّ العراقيل التي حالت الى اليوم دون التوصل الى تسوية معقولة تسمح لهم بأن يكونوا على الخريطة الجغرافية للمنطقة. كان النظام السوري دوما ضد قيام دولة فلسطينية مستقلة بحدود العام 1967 وذلك من منطلق أنه لا يؤمن بشيء اسمه القرار الفلسطيني المستقلّ. ذهب حافظ الاسد الى حد اعتبار "القرار الفلسطيني المستقل" مجرد "بدعة". هل هنك من يريد ان يتذكّر ذلك؟
كذلك، لو كان النظام السوري حريصا على الفلسطينيين وقضيتهم، كما يقول ويردّد السيّد حسن، لما كان ساعد في زجهم في حروب لبنان عن طريق مدّهم بالاسلحة والمقاتلين حين كانوا في حاجة الى ذلك من اجل المشاركة في تدمير الوطن الصغير...ولما دعم خصومهم، من مسيحيين وغير مسيحيين، في احيان اخرى، كي يغرقوا أكثر، هم وقضيتهم في المستنقع اللبناني.
بلغة الارقام، قتل النظام السوري من الفلسطينيين اكثر بكثير مما قتلت اسرائيل، تحت شعار "المقاومة" و"الممانعة". والحقيقة أنّه لم يكن يوما من هدف للنظام السوري سوى استخدام الفلسطينيين وفلسطين ورقة في المزايدة على العرب الاخرين...أو للتوصل الى صفقات على حسابهم وحساب لبنان مع الغرب، على رأسه الولايات المتحدة.
أن يستفيق النظام السوري، بعدالضربة الاسرائيلية الاخيرة، على وجود جبهة في الجولان امر جيّد. حبّذا لو كان فعل ذلك قبل العام 1967 عندما خسرت سوريا الهضبة المحتلة، في وقت كان حافظ الاسد في موقع وزير الدفاع. خسرت سوريا الجولان في ظروف ما زالت الى يومنا هذا غامضة.
أمّا بالنسبة الى لبنان وادخال مزيد من الاسلحة اليه، من الواضح أن "حزب الله" وامينه العام، لم يقرآ القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة صيف العام 2006. هذا القرار الذي وافق الحزب على كلّ حرف فيه يغلق جبهة الجنوب اللبناني. جاء القرار نتيجة حرب خسرها "حزب الله" عسكريا، لكنّه ربحها سياسيا. ربح الحرب بمعنى أنه انتصر على اللبنانيين وتوصّل الى صيغة جعلت سلاحه للاستخدام الداخلي فقط. كان هذا السلاح موجها في السنوات الاخيرة الى صدور اللبنانيين، فصار الآن موجها الى صدور السوريين ايضا. هذا كلّ ما في الامر.
كان الاجدر بنصرالله، مصارحة اللبنانيين، خصوصا ابناء الطائفة الشيعية الكريمة، بدل شتم العرب وأهل الخليج الذين دعموا القضية الفلسطينية دائما، ودعموا للاسف الشديد النظام السوري، كما دعموا اهل الجنوب اللبناني وأهل لبنان بعد كل عدوان اسرائيلي.
كان الاجدر بالامين العام لـ"حزب الله" أن يقول للبنانيين والسوريين أنه يعتذر سلفا عما يقوم به في البلدين نظرا الى أنّ لاخيار آخر لديه. ليس أمامه سوى تنفيذ ما تطلبه ايران، لا لشيء سوى لأنّ الحزب ميليشيا ايرانية، او على الاصح، لواء في "الحرس الثوري الايراني".
مثل هذا الصراحة كانت كافية ليفهم الناس العاديون ما يفعله لبنانيون يقاتلون شعبا لا يطمح سوى الى الخروج من العبودية...