الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من الأسير... إلى الضاحية

من الأسير... إلى الضاحية

10.07.2013
ميشيل تويني

النهار
الاربعاء 10/7/2013
انفجار ... ذعر وخوف وهلع أصاب المواطنين في منطقة بئر العبد المستهدفة وجوارها. شلل حلّ في البلد كله بسرعة العصف الناجم عن الانفجار... ثم بعد ذلك، وفي خلال لحظات، عاد المشهد المتكررّ اياه: استنكارات، وتصريحات تندد بالحادثة ، ودعوات للتهدئة وللوحدة في الاوقات الاليمة! وبالسرعة القصوى إياها ايضاً، تهافت السياسيون وزراء ونواباً وطامحين الى الزعامة، الى مكان الانفجار، وكل منهم يطلق خطاباً انتخابياً فوق الضحايا ثم تكرّ سبحة التحليلات والاتهامات، والدعوات الى التهدئة لتخفيف احتقان الشارع! لكن السؤال الذي يطرح هنا هو الآتي: اليس سبب الانفجارات بأجمعها ناتجاً سياسات تدخلنا في متاهات خارجية تكشفنا امنياً؟ هؤلاء السياسيون والزعماء والنواب ورؤساء الطوائف والمذاهب، وقادة المحاور، أليسوا هم مَن قرّروا الدخول في معارك اقليمية وأدخلونا اليها رغماً عنا بلا شورى ولا دستور؟ اليس كل شهيد يسقط، أكان جندياً أم صحافياً ام اي مواطن، هو شهيد سياساتهم ومواقفهم وشحنهم للشارع؟ في كلمة الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله الاخيرة قالها بوضوح: لنذهب الى سوريا ونتحارب هناك. واعتبر انه ينأى بلبنان ولا يريد زجه في الصراع السوري... وكأن القتال هناك والاقتتال سيظلان بلا ثمن هنا. يبدو انهم جميعاً لا يعلمون ان تدخلهم في الازمة السورية لن يرحم لبنان، ولم يرحمه منذ البداية، وانفجار الضاحية كان دفعة من الضريبة نأمل الا تكون "على الحساب"! ولسوء الحظ نخشى الا يكون الامر كما نتمنى، ما دمنا ربطنا انفسنا في مسلسل الدماء الخارجي. والمؤسف عندنا ان المواطن الذي يموت ذووه في كل مرة، لا يريد ان يقر بالواقع، فيحمل صورة زعيم طائفته ويستميت في الولاء له، غير مدرك ان سبب الانفجارات والقتل هو بطريقة او بأخرى نتاج سياسة هذا الزعيم التي لا توفر الحماية لشعبه ولأرضه، بل على العكس تغامر بالشعب والوطن، وتقامر تحت عناوين مقدسة ومبادئ سامية وواقع مرير، لأن حياتنا ومستقبلنا وأمننا باتت سلعة رخيصة لدى هؤلاء المغامرين بمصيرنا. في كل العالم الشعب ينتخب مَن يوفر له الامن والاستقرار اولاً، والازدهار الاقتصادي والاجتماعي ثانياً، الا في الدول المتخلفة ينتخبون الزعيم الذي يموتون من اجله، والذي لا يهمه الامن والاستقرار او الاقتصاد، لأنه يؤدي وظيفة أداة في لعبة الأمم.
ما حصل في الضاحية الجنوبية امس لا ريب في انه نتيجة الصراع في سوريا وعلى سوريا والمنطقة، وورقة ضمن اوراق الصراع السني - الشيعي المتنقل في هذه المنطقة، وخوفنا من ان يكون التفجير البداية! فمن الشيخ أحمد الاسير، مروراً بصواريخ الضاحية والكحالة، وصولاً الى انفجار الأمس، كلها ضريبة صراع اقليمي طائفي في المنطقة لم يتورع البعض عن إدخالنا فيه وإهدار مزيد من الدماء اللبنانية... من أجل لا شيء.