الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من الذي ورّط بان كي مون؟

من الذي ورّط بان كي مون؟

23.01.2014
فهد الخيطان


الغد الاردنية
الاربعاء 22/1/2014
نجحت الجهود "الضغوط" الدبلوماسية المكثفة في احتواء الأزمة، لكن سؤالا ظل يحير الدبلوماسيين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك: من الذي ورّط الأمين العام، بان كي مون، بدعوة إيران في اللحظة الأخيرة لحضور مؤتمر "جنيف2"؟
حتى مساء يوم الأحد، كانت وفود عديدة، عربية وغربية، تستعد للتوجه من نيويورك إلى جنيف لحضور جلسة افتتاح المؤتمر، بعد أن أعلنت المعارضة السورية موافقتها على المشاركة. لكن وعلى نحو مفاجئ، أعلن متحدث باسم المعارضة تعليق مشاركتها في المؤتمر، بعد أن علمت بتوجيه دعوة لإيران، على خلاف ما تم الاتفاق عليه مع الإدارة الأميركية.
في ساعات الظهيرة من يوم الإثنين، بدا أن مؤتمر "جنيف2" على موعد مع تأجيل جديد. وبينما كان وزير الخارجية ناصر جودة، يهم بترؤس جلسة مناقشة عامة لمجلس الأمن حول حالة الشرق الأوسط، كانت الاتصالات الدبلوماسية في المكاتب الخلفية لمقر المجلس قد بلغت أوجها. دخل بان كي مون مع جودة إلى قاعة الاجتماع، لكنه بدا شارد الذهن. وقدّر دبلوماسي عربي أن بيان الخارجية الأميركية المعارض لدعوة إيران كان شديد الوقع على المسؤول الأممي.
ألقى بان كي مون كلمة مقتضبة في بداية الجلسة، وغادر مسرعا للرد على هواتف وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا. وقال دبلوماسيون إن الأمين العام كان تحت ضغط كبير من الإدارة الأميركية لسحب دعوته لإيران. وبالفعل حصل ذلك. فعند ساعات الظهيرة، صدرت أولى الإشارات من المتحدث باسم الأمين العام، والذي أعلن أن بان كي مون "قد" يعلق دعوة إيران، لأنها لم تعلن صراحة موافقتها على بيان "جنيف1". لكن ذلك في الواقع لم يكن سوى محاولة لإخراج الأمين العام من المأزق، وإنقاذ المؤتمر من الفشل.
بعد فترة وجيزة، أُعلن رسميا عن التراجع عن دعوة إيران. وكان على عديد الوفود التي علقت سفرها إلى جنيف، أن تعيد تأكيد حجوزات الطيران.
اجتهد الدبلوماسيون العرب في تفسير الخطوة المستغربة من طرف الأمين العام للأمم المتحدة؛ بدعوة إيران من دون التنسيق مع الجانب الأميركي على وجه التحديد. دبلوماسي عربي رفيع المستوى قال جازما إن طرفا دوليا مهما غرّر بالأمين العام، وشجعه على توجيه الدعوة لإيران، مستغلا التوجه بتوسيع دائرة المدعوين التي شملت أربعين دولة.
لم يكن مؤتمر "جنيف2" يحتاج إلى من يضيف عقبة في طريق انعقاده، أو يختلق سببا لفشله في تحقيق اختراق ملموس؛ فكل التوقعات حيال فرص نجاح الجولة الأولى تبدو متواضعة جدا. وقد ظهر ذلك جليا على سلوك الوفود العربية التي غادرت نيويورك متوجهة إلى جنيف، وهي تقدم قدما وتؤخر الثانية.
ويُعتقد أن أقصى ما يمكن توقعه من المؤتمر في هذه المرحلة، هو جلوس الطرفين على طاولة واحدة لحوار قد يمتد أشهرا من دون أن يتوصل لنتائج حاسمة.
بداية صعبة لا بد منها بحسب مراقبين، وتتطلب من الأطراف الدولية رعاية مستمرة كي تبلغ غايتها النهائية.
سحب دعوة إيران لا يعني احتواء دورها في الأزمة السورية؛ فكل الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة، تدرك أن إيران حاضرة بقوة في المشهد السوري، سواء حضرت في جنيف أم لم تحضر، وستظل هناك حاجة للتشاور معها، والسعي للحصول على دعمها لأي خطة للحل.