الرئيسة \  تقارير  \  من الذي يكسب حرب العقوبات؟

من الذي يكسب حرب العقوبات؟

01.09.2022
بروس دبليو جينتلسون


بروس دبليو جينتلسون* – (فورين بوليسي) 18/8/2022
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الغد الاردنية
الاربعاء 31/8/2022
* *
سوف يواجه اقتصادكم عواقب “مدمرة”. هكذا حذر الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين من العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا. وعندما غزا بوتين أوكرانيا على أي حال، ضربت العقوبات بلده بقوة حقاً. لكن بوتين لم ينسحب. وعادل الكفة بالعقوبات المضادة التي تفرضها روسيا من جهتها. والآن، بعد ما يقرب من ستة أشهر من بدئها، ودخولها مرحلتها الثالثة -الردع أولاً، ثم القهر، والآن الاستنزاف- من الذي يربح حرب العقوبات؟
المرحلة الأولى، التي كان عنوانها العقوبات كعنصر رئيسي للردع، لم تنجح. وربما كانت رؤية بوتين لـ”روسيا الكبرى” وإيمانه بأن النصر في متناول اليد -تذكروا أن الجنود الروس كانوا يحملون زي المواكب العسكرية في معداتهم- قد جعلاه غير قابل للردع. ولكن، حتى لو أنه لم يكن عازمًا تمامًا على الغزو، فإننا نعلم من حالات أخرى أنه في حين أن التهديدات بالعقوبات حققت بعض النجاح لأهداف إحداث تغيير محدود في السياسة، فإنها لم تكن قادرة على ردع مُعتدٍ مصمم على الذهاب إلى الحرب. لم تردع الدكتاتور الإيطالي السابق بينيتو موسوليني عن غزو إثيوبيا والحبشة في العام 1935، ولا الرئيس العراقي السابق صدام حسين عن غزو الكويت في العام 1990، ولا الاتحاد السوفياتي عن غزو أفغانستان في العام 1979.
سعت المرحلة الثانية؛ العقوبات الشاملة فُرضت على روسيا بمجرد تنفيذ الغزو، إلى فرض تكاليف كافية يكون من شأنها -إلى جانب دعم حلف الناتو للمقاومة الأوكرانية- إجبار بوتين على الانسحاب. عملت العقوبات المالية على قطع روسيا عن جزء كبير من النظام المالي الدولي، بما في ذلك تجميد ما يقرب من نصف احتياطيات روسيا من العملة الصعبة المحفوظة في الخارج، والتي تبلغ قيمتها 640 مليار دولار. وتم فرض حظر على تزويد روسيا بتقنيات مثل أشباه الموصلات، الحيوية لكل من المعدات العسكرية والمنتجات التجارية مثل الهواتف المحمولة والسيارات. وفي اختلاف عن الحلول النهائية المتبعة في العديد من حالات العقوبات الأخرى، أنهت أكثر من 1000 شركة متعددة الجنسيات -أو أنها خفضت على الأقل- أعمالها في روسيا أو معها. وتمت معاقبة أكثر من 600 شخص من الأوليغارشيين وأعضاء النخب الروسية النافذة، بما في ذلك بوتين وعائلته. وحاول الحظر الرياضي والثقافي -المنع من المشاركة في مسابقات فيفا لكأس العالم (للرجال والنساء)، والاتحاد الدولي لهوكي الجليد، والفورمولا 1، ومسابقة الأغنية الأوروبية- تعزيز الشعور بالعزلة لدى المواطن الروسي العادي. وعلى الرغم من أن النفط والغاز الطبيعي يمثلان قيمة استراتيجية خاصة للاقتصاد الروسي؛ حيث كان إنتاج ما قبل الحرب يوفر حوالي نصف الميزانية الفيدرالية وثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إلا أن العقوبات في هذه القطاعات كانت أبطأ تأثيراً عند دخولها حيز التنفيذ وأكثر محدودية، نظرًا لاعتماد الذي يفرضون العقوبات أنفسهم على الطاقة الروسية.
كان لحزمة العقوبات بأكملها تأثير اقتصادي كبير. فقد شهدت توقعات الناتج المحلي الإجمالي الروسي أسوأ انكماش منذ التسعينيات الفوضوية. وفي آذار (مارس)، خسر الروبل ما يقرب من نصف قيمته، مسجلاً هبوطاً في سعر الصرف من 84 روبلاً إلى 154 روبلاً للدولار. وفي منتصف نيسان (أبريل)، حذر رئيس بلدية موسكو من أن 200 ألف وظيفة أصبحت معرضة لخطر الفقدان. واقترب معدل التضخم على مستوى الاقتصاد من 18 في المائة، ووصل إلى أعلى من ذلك في القطاعات الأكثر اعتمادًا على سلاسل التوريد الدولية. ومع تمكن المقاومة الأوكرانية من تدمير الكثير من المعدات القتالية، والعقوبات التي أعاقت جهود إعادة الإمداد، أصبحت القوات في الخطوط الأمامية الروسية تعاني نقصًا في الإمداد.
لكن روسيا لجأت، كما تفعل الدول التي تخضع للعقوبات في كثير من الأحيان، إلى ثلاث استراتيجيات دفاعية رئيسية ضد العقوبات لاحتواء تلك التكاليف: العثور على شركاء تجاريين بديلين، وخرق العقوبات، والتعويضات المحلية.
على الرغم من انضمام العديد من الدول إلى العقوبات، إلا أن بعض الدول الرئيسية لم تنضم إليها. زادت الصين وارداتها من النفط الروسي وقدمت لروسيا بعض السلع العسكرية، وأسهمت وتوافقت مع البيانات الداعمة، على الرغم من أنها لم تكن داعمة بشكل كامل وفق طريقة الشراكة “بلا حدود” بين روسيا والصين قبل الغزو. ومدفوعة بتخفيضات الأسعار، وكذلك بالعلاقات العسكرية الثنائية، زادت الهند بدورها وارداتها من النفط الروسي من 1 في المائة إلى 20 في المائة. ومع رفض المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة زيادة الإنتاج النفطي بشكل كبير، ارتفعت الأسعار العالمية أكثر من تعويض التخفيضات التي لجأت إليها روسيا، مما أبقى الأرباح، وفقًا لبعض التقديرات، أعلى من العام السابق.
ولا تتضمن أرقام عائدات النفط هذه حتى تضاعف عدد ناقلات النفط ثلاث مرات التي تغير قنوات اتصالها فجأة لتكون “في الظلام” وتتجنب اكتشافها، والشاحنين والمصافي الذين يخبئون النفط الروسي ممزوجاً بنفط آخر. وثمة مئات الآلاف من الأطنان المترية من الحبوب الأوكرانية التي سُرقت وشُحنت إلى حلفاء روسيا. وكان هناك الكثير من خرق العقوبات الأخرى، بما في ذلك عثور الأوليغارشية وأعوان بوتين على ملاذات ضريبية ومصرفية خارجية، وموانئ آمنة يرسون فيها يخوتهم الفاخرة.
للتعامل مع التكاليف التي ظل يتكبدها، لجأ الكرملين إلى مزيج من التدابير الاقتصادية التعويضية والقمع السياسي. وساعدت الزيادات في أسعار الفائدة بالبنك المركزي والقيود المفروضة على رأس المال على إعادة الروبل من انخفاضه الحاد المبكر إلى أعلى مستوى له في سبع سنوات في أواخر حزيران (يونيو). وساعدت زيادات معاشات التقاعد وعمليات إنقاذ الشركات على حماية المواطن الروسي العادي. وأدت الاعتقالات وغيرها من أشكال القمع السياسي إلى إخماد الموجة الأولى من الاحتجاجات الداخلية. ودفعت القلة القليلة من الأوليغارشية الذين تجرأوا على الجهر بالنقد ثمناً.
المرحلة الثالثة، التي نحن فيها الآن، هي مرحلة الاستنزاف. فمَن الذي سيضعف ويتراجع أولاً؟
للعقوبات المضادة الروسية، وأهمها قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن الاتحاد الأوروبي، عضتها الموجعة الخاصة. اعتبارًا من 31 تموز (يوليو)، انخفضت الكميات القادمة عبر الأنابيب -أكثر من 400 مليون متر مكعب يوميًا قبل عام- إلى ما يقرب من 100 مليون متر مكعب في اليوم. وتضاعفت تكاليف الطاقة الكهربائية في ألمانيا تقريبًا في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى حزيران (يونيو)، مرتفعة من 140 إلى 260 يورو لكل ميغاواط/ ساعة. وتسبب النقص في إمدادات الغاز فعلياً في توقف صناعات رئيسية عن الإنتاج. وقد ساعدت إجراءات التخزين، وكذلك إجراءات تبديل الوقود والمورِّد، ولكن إلى حد قليل فقط. وتحتوي اتفاقية الاتحاد الأوروبي الأخيرة لتقاسم الغاز على ثغرات كافية تجعل من شبح التقنين الشتوي يلوح في الأفق. وفي واقع الأمر، بدأ بالفعل بعض هذا التقنين. في خضم أحد أكثر فصول الصيف حرارة على الإطلاق، تطلب إسبانيا أن يتم ضبط تكييف الهواء التجاري بما لا يقل عن 27 درجة مئوية (أو 80 درجة فهرنهايت)، وتشجع هولندا وضع حد للاستحمام ليكون لمدة 5 دقائق فقط. وفي فرنسا، تقوم فرق “حرب العصابات الحضرية” بإطفاء أضواء واجهات المحلات.
ثم هناك التداعيات العالمية الأوسع. مرة أخرى، تجري المقايضة بالتغير المناخي، فتتراجع الولايات المتحدة عن القيود المفروضة على التنقيب عن النفط والغاز محليًا، وتتحول أوروبا مرة أخرى إلى استخدام الفحم. وأصبح من المتوقع لنمو إجمالي الناتج المحلي العالمي، الذي كان عند 5.7 في المائة في العام 2021 وأقل من 4.1 في المائة وفي كانون الثاني (يناير)، أن يقف الآن عند 2.9 في المائة. وبينما انخفضت أسعار النفط العالمية مؤخرًا، ما تزال هناك مخاوف من أنه مع تشديد العقوبات النفطية الروسية، يمكن أن تقترب الأسعار العالمية من 200 دولار للبرميل. وقد تضررت البلدان الفقيرة والنامية بشكل خاص من كل هذا، مع دفع ما لا يقل عن 40 مليون شخص إلى هوة الفقر. وعلى الرغم من أن تكتيكات الحرب الروسية مسؤولة بشكل أساسي عن مواجهة ما يقرب من نصف سكان العالم نقصًا في الغذاء، فإن جزءًا كبيرًا من جنوب الكرة الأرضية يلقي باللوم عن ذلك أيضًا على العقوبات الغربية.
تشير بعض التحليلات، بما في ذلك في هذه المجلة، إلى أن العقوبات تلحق ضرراً بنيوياً متزايداً بالاقتصاد الروسي. قد يتم دعم الروبل، لكن أسعار الصرف في السوق السوداء تُظهر ضعفه. وهوت أسهم “غازبروم” للمرة الأولى منذ العام 1998 لأنها لم تعد تجلب أرباحًا. وتأخر استبدال الواردات في قطاع تلو الآخر. وفي ما يقول الكثير، حذرت إلفيرا نابيولينا، رئيسة البنك المركزي الروسي، من أن “الفترة التي يمكن للاقتصاد أن يعيش خلالها على الاحتياطيات محدودة”. وثمة ما يقدر بنحو 500.000 من العاملين، العديد منهم على درجة عالية من التعليم ولديهم خبرة في قطاع التكنولوجيا إضافة إلى كونهم جزءًا مهمًا من قاعدة المواهب في أي اقتصاد، فروا من البلاد. ومع خسارة القوات الروسية لما يقدر بنحو 2.600 عربة مدرعة، وإطلاق ما يقرب من 70 في المائة من صواريخها الموجهة بدقة، تفرض العقوبات بذل جهود مبتكرة ومؤقتة لإعادة الإمداد، مثل أخذ أشباه الموصلات من الثلاجات وغسالات الصحون.
إذا لم يبدأ إجهاد العقوبات الغربية في الظهور واستمرت المقاومة الأوكرانية التي يدعمها حلف شمال الأطلسي في فرض تكاليف باهظة على الأرض، فإن الكماشة الاقتصادية والعسكرية على روسيا قد تصبح أكثر ضغطاً وإحكامًا. ومع ذلك، لا ينبغي توقُّع أن بوتين سوف يستسلم. إن الادعاءات عن العقوبات التي ستدفع روسيا إلى “النسيان الاقتصادي” و”تدمير آلة بوتين الحربية” لا تعكس الصورة الكاملة.
كما أن هذا ليس مجرد “بوتينولوجيا” -شيئاً خاصاً ببوتين وحده. إن سجل العقوبات مليء بحالات التأثير الاقتصادي واسع النطاق الذي لا يؤدي إلى تغيير السياسة: على سبيل المثال، كان هناك أكثر من 60 عامًا من العقوبات ضد كوبا، لكن النظام فيها ما يزال قائمًا؛ وهناك عقود من العقوبات ضد كوريا الشمالية، لكن الزعيم كيم جونغ أون يواصل توسيع ترسانته النووية؛ كما أدت حملة “الضغط الأقصى” التي شنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضد إيران إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10 في المائة، وارتفاع التضخم إلى 40 في المائة، ورفع معدل بطالة الشباب إلى ما يقرب من 30 في المائة، لكن أي مؤشر لم يظهر على استسلام طهران أيضًا.
عندما تمكنت العقوبات من تحويل التأثير الاقتصادي إلى امتثال سياسي، ثمة عاملان أساسيان كانا هناك.
الأول هو ما إذا كانت النخب الداخلية والجهات الفاعلة السياسية الرئيسية الأخرى تلعب دور”قاطع الدائرة الكهربائية” أو “الحزام الناقل”، بحيث تخفف ضغط العقوبات أو تعززه ضد النظام، بناءً على ما إذا كانت المقاومة هي التي تخدم مصالحها أم الامتثال. كان أحد الأسباب التي جعلت عقوبات الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، على إيران تحقق هدفها السياسي بينما لم تفعل سياسة ترامب ذلك، هي أنها استفادت، من خلال ممارسة الضغط الاقتصادي من دون عداء سياسي، من التحولات الداخلية في السياسة الإيرانية. وكان الشيء نفسه ينطبق على ليبيا في العام 2003 عندما تدهورت صناعة النفط بسبب نقص التكنولوجيا والاستثمارات الدولية الخاضعة لعقوبات الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة، بحيث أصبح التكنوقراط البراغماتيون حول الزعيم الليبي السابق معمر القذافي أكثر قدرة على إقامة القضية لإثبات أن مصالح الرئيس ومصالحهم ستُخدم أفضل بتقديم تنازلات في مواضيع الإرهاب وبرامج أسلحة الدمار الشامل.
مع وصول تقديرات عدد القتلى والجرحى من القوات الروسية إلى ما بين 70.000 إلى 80.000 شخص، وهي نسبة أعلى بكثير مما كانت عليه في حرب روسيا التي استمرت لثماني سنوات في أفغانستان، فإن التقارير التي تفيد بتزايد المعارضة الداخلية من العائلات الروسية والمنشقين لا يجب أن أن تؤخَذ على علاتها وبكثير من المبالغة -ولكن لا يمكن تجاهلها أيضاً. وكذلك السيناريوهات التي تمارس فيها بعض نخب سماسرة السلطة، لأسباب قومية -تضرُّر الكبرياء من خلال الاضطرار اللجوء إلى “متطوعين” كوريين شماليين أو حماية الجيش من المزيد من الضرر- ضغطًا لإيجاد مخرج مقبول.
أما العامل الرئيسي الآخر فهو استراتيجية دبلوماسية تزود اليد التي تقويها العقوبات بشروط مواتية، ولكنها تظل شروطاً متبادلة إلى حد ما. وهنا أيضًا ستكون حالتا إيران وليبيا، على الرغم من الفروقات المختلفة، مفيدتين. لقد ألحقت عقوبات أوباما على إيران ما يكفي من الألم الاقتصادي لحمل إيران على التفاوض بجدية بشأن حظر انتشار الأسلحة النووية، وعندما تم التوصل إلى اتفاق “خطة العمل الشاملة المشتركة”، تم رفع الكثير من العقوبات عنها. لكن تجنب ترامب أي شيء قريب من عملية دبلوماسية جادة أزال أي قواعد ذات مصداقية للمعاملة بالمثل. وبطريقة مماثلة في ليبيا، قدمت الصفقة التي أبرمها المفاوضون الأميركيون والبريطانيون (بقيادة مساعد وزير الخارجية الأميركي آنذاك، ويليام بيرنز، الذي يشغل الآن منصب مدير وكالة المخابرات المركزية) تخفيفًا للعقوبات مقابل تنازلات من ليبيا في مجال الإرهاب وتفكيك أسلحة الدمار الشامل، وهو ما أصبحت أهميته واضحة بشكل خاص وسط فوضى الربيع العربي في العام 2011 وعدم الاستقرار السائد منذ ذلك الحين.
على الرغم من صعوبة إقامة شروط مناسبة موضوعياً وقابلة للحياة سياسياً مع إيران وليبيا في حد ذاتهما، فإن الأمور أصعب أكثر مع روسيا. ما العقوبات التي يتم رفعها، ولقاء ماذا في المقابل؟ هل يبقى البعض منها قائماً بشكل مستمر؟ فيما يتعلق بهذه الأسئلة وغيرها، المفتاح هو أن تكون الشروط عقابية بما يكفي للحصول على دعم أميركي وأوروبي وأوكراني، مع توفير أساس لبوتين أو أي زعيم روسي آخر للموافقة عليها. وهو توازن يصعب تحقيقه، لكنه ضروري مع ذلك.
*بروس دبليو جينتلسون Bruce W. Jentleson: أستاذ بجامعة ديوك وزميل في مركز ويلسون ومجلس شيكاغو للشؤون العالمية. وهو مؤلف كتاب “العقوبات: ما يحتاج الجميع إلى معرفته” Sanctions: What Everyone Needs to Know.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Who’s Winning the Sanctions War?