الرئيسة \  مشاركات  \  من المسؤول عما يجري في سوريا ؟

من المسؤول عما يجري في سوريا ؟

24.04.2013
د. أبو الضاد سالم السالم


منذ الأيام الأولى للثورة والنظام يتحدث عن المؤامرة التي تحاك ضد سوريا ، وعلى امتداد الستة أشهر الأولى التي أصر فيها الشعب السوري على سلمية الثورة رغم استشهاد قرابة الثمانية آلاف واعتقال أكثر من عشرين ألف ، لم يستطيع النظام تقديم أي دليل على هذه المؤامرة ، والأعتى من ذلك المدن التي كان يخرج بها مئات الآلاف من المتظاهرين بدون حدوث اي مشكل يذكر ، تتحول بقدرة قادر الى مدن مليئة بالإرهابيين و المأجورين بمجرد دخول الجيش والشبيحة اليها ؟ لماذا هؤلاء الإرهابيين حسب النظام السوري لم يطلقوا ولو رصاصة واحدة على مئات الآلاف من المحتجين السلميين ؟
من هنا نقول أن النظام السوري حول ثورة سلمية تطالب بالكرامة والحرية الى معركة مسلحة بين نظام وشعب ، ليثبت للجميع بوجود مؤامرة تحاك ضده
ـ لنطرح الأمور بشكل مخالف
هل كان المواطن السوري يتمتع بحقوقه المشروعة قبل الثورة ؟ هل كانت كرامة الانسان تصان في هذا البلد ؟ هل كان السوري حر في بلده ؟
هذا النظام الديكتاتوري الشمولي الذي أرتكب أبشع المجازر في مدينة حماه وفي تدمر في الثمانينات ، الذي نشر الفساد والرشوة في سوريا ، الذي محق شخصية المواطن السوري ، هو نفسه الذي يريد أن يحرر فلسطين ويقود محور الممانعة ضد الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو نفسه الذي فرقَ بين الاخوة الفلسطينيين وأضعفهم ، والذي لم يطلق أي رصاصة في الجولان منذ أكثر من ثلاثين عام وهو الذي قضى على المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان ( مجزرة مخيم اللاجئين الفلسطينيين بتل الزعتر ) وقام بتسليح حزب الله لتمثيل دولة الملالي في إيران ، وهو نفسه الذي حارب أخوته العراقيين في حفر الباطن ، وهو الذي كان الضامن الأساسي لأمن إسرائيل في المنطقة
إذاً سواء المعسكر الشرقي أو الغربي لهم مصلحة كبيرة ببقاء هذا النظام ولا يمكن أن يتآمروا عليه ، فأين هي المؤامرة ؟
بكل بساطة المؤامرة هي ضد سوريا، لماذا ؟
نعرف أن سوريا الآن يعد البلد العربي الوحيد في الشرق الاوسط الذي يملك جيشاً قوياً ومنظماً وأسلحة وصواريخ تصل بسهولة لإسرائيل
ونعرف أيضاً أن الثورة السورية فاجأت الجميع ، ولم يكن مخطط لها كما يدعي النظام ، ماذا حدث ؟
الإدارة الأمريكية أعطت أكثر من فرصة للنظام السوري للقضاء على هذه الانتفاضة ، وطالبته بإصلاحات سياسية ولكن عنجهية هذا النظام وتركيبته الأمنية جعلته يرتكب أخطاء بالجملة ويحول هذه الانتفاضة الى ثورة حقيقة ، ثورة الحرية والكرامة ( لو أرادت أمريكا مساعدة الشعب السوري لبادرت بذلك منذ أشهر وقد فعلت في ذلك في ليبيا )
أدركت الإدارة الأمريكية أن الشعب السوري لن يتراجع عن مطالبه ، وأنه ماضٍ في ثورته الى النهاية ، ولكن هل تقبل الإدارة الأمريكية وحلفائها بنظام ديمقراطي في سوريا يشكل خطر حقيقي على إسرائيل ؟
الحل الوحيد هو إطالة أمد الحرب وعدم ترجيح كفة طرف ضد أخر ، وهذا سيؤدي حتمياً الى تحطيم البنية التحتية في سوريا ، وقد يؤدي حتى لتقسيم البلد أو لحرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس ، وبالنتيجة الخاسر الأكبر هو الشعب السوري ، هذه هي المؤامرة الحقيقية
ماذا فعل النظام للتصدي لهذه المؤامرة ضد كيان البلد ؟
ـ انتهاج الحل الأمني البحت، ورفض أي حل سياسي
ـ دفع الثورة الى العسكرة بالقوة
ـ أي أنه شريك غير مباشر بالمؤامرة وبالتالي يتحمل المسؤولية الأكبر عن خراب البلد
بالنسبة للمعارضة السورية ، فهي تتحمل جزء من المسؤولية نتيجة أخطائها المتكررة وأدائها المسيء ، ولكن بكل الأحوال لا يمكن مقارنة الجزار بالضحية
الآن لا خيار للثورة السورية إلا المضي قدماً لنهاية الطريق مهما كانت العوائق ، طريق الحرية والكرامة ، لا توجد حرية بدون ثمن أو كرامة بدون ثمن ، ولكي لا يكون هذا الثمن هو البلد وكيانها ، لا خيار للثورة إلا التفوق العسكري لفرض الحل السياسي الذي ينتهي لتغيير هذا النظام الذي لم يعد له مكان بين السوريين ، وهو الحل الوحيد الذي يضمن الوحدة الوطنية ويصونها ويؤدي للمصالحة الوطنية بين كل مكونات الشعب السوري ، وهو الذي نتمناه ويجب أن نسعى اليه ، والذي لن يتم إلا بتوحيد الجهود بين كل أطياف المعارضة