الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من انتصر في القصير؟

من انتصر في القصير؟

08.06.2013
محمد الأمين ولد الفاضل

القدس العربي
السبت 8/6/2013
سارع الحزب ـ الذي لن أضيف له من الآن اسم الجلالة، كما أني لن أطلق عليه حزب اللات، كما يفعل البعض، إلى تنظيم احتفالات بالضاحية الجنوبية من بيروت، وزع خلالها الحلوى على المارة، بمناسبة انتصاره في القصير، وسارعت إيران إلى تهنئة النظام السوري بذلك الانتصار.
ولقد فات الحزب أن الانتصار في القصير لن يكون إلا نذير شؤم له، حتى إن التحف ذلك النذير، ولفترة لن تطول قطعا، بغطاء براق وفاتن، لكي يبدو وكأنه بشارة نصر، من قبل أن تظهر تلك البشارة على حقيقتها المفجعة، فيتضح بأنها لم تكن إلا بشارة مغشوشة وزائفة.
فليسارع الحزب بتوزيع الحلوى، فعمر البشارة بسقوط القصير سيكون قصيرا، وليقم الأفراح، وليحيي الليالي الملاح في الضاحية الجنوبية من بيروت، ولكن على الحزب أن يعلم أن أيامه القادمة ستكون حبلى بالفواجع، وبالأحزان، وبالهزائم المريرة. وعلى الحزب أن يُبدل، ومن الآن، شعاره الشهير الذي يقول ‘بأن زمن الهزائم قد ولى’، بشعار جديد يتناسب مع المرحلة، يقول ‘بأن زمن انتصارات الحزب قد ولى’.
لن يكون هناك أي نصر بعد القصير يا سماحة السيد حسن نصرالله، إطلاقا لن يكون هناك أي نصر، لن يكون هناك يا سماحة السيد إلا الصراخ والعويل. ستهزمون هزيمة نكراء، هزيمة ما كنا نتمناها لكم، وما كنا نريدها لكم، ولكنكم رغما عنا أردتموها، فليكن ما أردتم يا سماحة السيد. ستهزمون يا حسن لأن الغازي كثيرا ما يهزم، خاصة إذا ما كان هذا الغازي بحجمكم. وإذا ما كان من يتعرض للغزو هو بحجم الشعب السوري العظيم. ستهزمون لأن نقطة قوتكم الوحيدة، التي جلبت لكم كل الانتصارات الماضية، هي أنكم جعلتم من العدو الصهيوني عدوكم الأول، وهي أنكم كنتم تحاولون دائما ألا تنجروا إلى معارك جانبية مع أعداء موسميين، أو وهميين. أما أنكم الآن قد أمطتم اللثام، وقررتم أن تشاركوا النظام السوري الزائل بطشه ووحشيته، فأعلموا أن مصيركم لن يختلف عن مصيره.
ستهزمون لأنكم لم تتركوا لعلماء الأمة، ولا لمفكريها ولا لعقلائها أي حجة، حتى لو كانت واهية، للدفاع عنكم، وللوقوف في وجه ما يراد بكم، وما يُراد بنا، وكم هو مخيف ما يراد بكم، وما يراد بنا. صحيح لقد سقطت القصير في أيدي مقاتليكم، ولكن الصحيح أيضا هو أنكم سقطتم من قلوب العقلاء، وسقطتم من قلوب بقية من العلماء ظلت تُدافع عنكم وإلى وقت قريب، ولكنها اليوم أصبحت تتحدث عنكم بما لا يُطاق سماعه.
ستهزمون لأن الأمر لم يعد بيد العقلاء من الأمة، وأنتم هم من أراد ذلك، بعدما تصرفتم تصرفا لا يُقدم عليه أي عاقل. فغدا ستجمع الأموال الطائلة من الخليج، وستنفق هذه المرة بكرم، وسيتطوع الآلاف من الشباب المتطرفين او ربما من المعتدلين، لينتقموا لأهل القصير.. هذه هي الحرب المذهبية التي ستجبرون الملايين على أن يخوضوها ضدكم.
المنتصر الوحيد سيكون هو العدو الصهيوني الذي شارككم فرحكم يوم أمس، وَلم لا يفرح هذا العدو، وهو يرى الحلوى توزع بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للنكبة، أو بمناسبة سقوط القصير في أيديكم، لا فرق، فكلاهما ـ أي النكبة وسقوط القصير ـ يُعد نكبة عظيمة للأمة.
وربما تكون نكبة سقوط القصير أعظم، لأنها قد تكون شرارة لحرب طائفية مخيفة، لن يضيع فيها الجولان لوحده، بل ستضيع فيها الأمة بكاملها.