الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من جنيف إلى الحكومة... فالمفْتَرق!

من جنيف إلى الحكومة... فالمفْتَرق!

01.02.2014
الياس الديري


السفير
الجمعة 31/1/2014
لم يكن متوقّعاً لا في جنيف، ولا في واشنطن، ولا في موسكو، ولا حتى في بيروت، توصّل فريق المعارضة السوريّة ووفد النظام إلى أيّ نوع من الاتفاقات، أو التفاهمات الأوليّة.
فالمطلوب بالنسبة إلى المعارضة هو النظام برمّته والبحث في كيفيّة إدارة المرحلة الانتقاليّة، فيما كان همّ ممثّلي النظام تبشير المؤتمر، والمعارضة بصورة خاصّة، والأمم المتحدة، وأمم الأرض بأن مصير الرئيس بشار الأسد "يقرّره الشعب السوري"... لا مؤتمرات جنيف.
الأخضر الإبرهيمي كان بدوره يُلامس هذه "الحقيقة" التي يتمسّك بها فريق الرئيس السوري، والتي تجعل مؤتمر جنيف أقرب إلى الملْهاة، وأبعد من أن يُحرز أي تقدّم في المدى المنظور.
أما أساطين السياسة ومتابعو التطوّرات السوريّة الكارثيّة، فإنهم يعتقدون أن أوان الحلّ في سوريا لا يزال بعيداً، وليس في إمكان مؤتمرات كهذه تحقيق أي إنجاز... فيما براميل الموت والدمار تواصل "نشاطها" الذي تحوّلت "بفضله" مدن تاريخيّة أثراً بعد عين.
ويكاد هذا الواقع المأسوي يقول لجنيف، ولنيويورك وواشنطن وموسكو وعواصم الأرض، إن الحوار الوحيد الذي يعتمد عليه النظام السوري هو حوار البراميل.
فضلاً عن ذلك، إن التشكيك متبادل بين فريقي المؤتمر. ومن كل النواحي. والتباعد يتزايد أكثر فأكثر. وكلما تحدّث المعارضون عن العنف والبراميل والدمار والجثث والتشرّد، يطرح فريق النظام ملف "الإرهاب". ومن منطلق أن جيش النظام وطائراته وبراميله تحاول ردع الإرهاب وتنظيماته المتعدّدة الاسم والهدف. ناهيك بالأصوليين والتكفيريين وسواهم.
هذا على صعيد جنيف و"حرب البراميل" الناشطة على امتداد الجغرافيا السوريّة، فماذا عن التداعيات والذيول والانعكاسات "الأخويّة" على الوضع اللبناني؟
لأن لبنان صغير في مساحته، ومتعدّد الانتماء والطائفة والولاء والارتباط، "أنعمت" عليه الحرب السوريّة بالكثير من المستجدّات و"المواد" التي من شأنها مضاعفة القلاقل والفوضى والأخطار والمحاذير التي تُحاصره من الجهات الأربع.
من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، التطلّع إلى مرحلة انفراج أو تغيير، أو استعادة أي معْلَم من معالم الحياة الطبيعيّة، ما لم يحصل في سوريا شيء يُقارب بتأثيراته حجم الأعاجيب.
… بما في ذلك تأليف حكومة جديدة يناضل الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلّف تمّام سلام في سبيلها منذ عشرة أشهر.
وإذا ما بقي توزيع الأدوار على النحو المشهود، الذي لا يختلف عن المخمَّس مردود، فقد يُدركنا الاستحقاق الرئاسي الذي يُعتبر المفترق التاريخي للوضع اللبناني، الواقف على شفير الهاوية.
إنها ِ"الارتباطات" التي تجرّد لبنان من إرادته واستقلاله وسيادته.