الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من سيفوز في الانتخابات الرئاسية السورية؟

من سيفوز في الانتخابات الرئاسية السورية؟

06.05.2014
د. خليل قطاطو


القدس العربي
الاثنين 5/5/2014
تضاربت الانباء بشأن عدد الذين تقدموا كمرشحين للرئاسة السورية، هل هم 17، 21، أم 24، لا يهم. نشرت الاسماء مع مدنهم وسنوات ميلادهم. عدا الرئيس بشار الأسد، فالأسماء غير معروفة، وبينـــــهم امرأتان ومسيحي. القائمة التي أعلن عنها رئيس مجلس الشعب السوري ونشرتها وكالة الأنباء الســـورية الرسمية وضعت اسم بشار حافظ الأسد بين الاسماء، ومن دون ان تسبقه كلمة رئيس، في اشارة الى الحيادية منذ اليوم الأول، قمة الديمقراطية!
مجلس الشعب السوري يتكون من 250 عضوا، 161 منهم من حزب البعث، أما الـ89 الباقون فمن أحزاب أخرى، حواش، أي تكملة عدد، لا نعرف الكثير عن مبادئ ومرتكزات أحزابهم، ولكن الثابت فيها كلها انها لا تحتوي كلمه ديمقراطية ـ مهمة جدا، لا. وافق الأعضاء بالأجماع، بعثيين وغيرهم، على الا ينطقوا بلا’طيلة بقائهم في المجلس، وبعد خروجهم منه! حفظوا بروتوكولات المجلس منذ اليوم الاول وطبقوها بحذافيرها لأنها بسيطة’ كمهمة وطنية، حفظ اللسان، فالسكوت من ذهب، والوقوف عندما يدخل الرئيس ويخرج وعندما يتفوه بالدرر، والتصفيق الحاد طبعا عندما تنهمر العبر من فمه.
ينص الدستور السوري على أن على المرشح ان يحصل على تأييد 35 عضوا، على الأقل، من مجلس الشعب، ولا يحق لأي عضو بالمجلس أن يؤيد غير مرشح واحد. أعضاء البعث الـ161 حسموا امرهم ، للرئيس طبعا. أما الاخون الـ89 فيتمتعون بكامل حريتهم التي كفلها لهم الدستور وسيوافقون على ترشيح واحد أو اثنين فقط، اذا ارادوا، وبذلك سنشهد معركة انتخابية حامية الوطيس بين الرئيس الاسد الابن، الاسد الوالد كان المرشح الاوحد دائما (معا الى الابد يا حافظ الأسد) ومنافس أو منافسين اثنين، مثل المعركة الاخرى التي نتلهف لمعرفة نتائجها عندما ينشق عنها الغبار، بين السيسي وصباحي، يقتلنا الفضول، وسننتظر على احّر من الجمر هذين العرسين الديمقراطيين. ستمر الايام القادمة علينا ثقيلة وبطيئة كالسنين، أو قل القرون، ولكنه انتظار الولهان الذي لا يمل.
الاعلام الرسمي السوري أعلن أنه سيقف على مسافة واحدة من كل المرشحين. المعروف ان سوريا بلد عريق في أصول الديمقراطية، فسوريا بلد لم تعرف الانقلابات العسكرية قط.
في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لم يكد السوريون يحفظون اسم رئيسهم الجديد حتى يصحوا في اليوم الثاني على بيان رقم واحد جديد ورئيس جديد، وهكذا الى أن أنعم الله على الشعب السوري المسكين بالثورة التصحيحية على يد الاسد الاب، أراحهم من الانقلابات بعد ان نشر العدل وسمح بتعدد الاحزاب وأرسى قواعد الديمقراطية! وجثم على صدورهم 29 عاما فقط! كان رؤوفا بشعبه ولم يشأ أن يتركهم يتامى لا يتدبرون أمرهم، فورّثهم لابنه الذي سبق والده أميالا في نشر العدل بين الناس.
ان كان الرئيس حافظ الاسد عرف بما فعله في حماة، فان بشار الأسد أبى الا أن يعمّ خيره كل أنحاء البلاد فلم يترك مدينة أو قرية أو بلدة مهما صغرت على الخريطة ألا وصب عليها حمم براميله وصواريخه وشبيحته
الحكومة السورية’(والرئيس ومجلس الشعب والاعلام).
يتكلمون عن انتخابات والبلاد أصبحت كجسد الصحابي خالد بن الوليد،
الراقد في حمص، ليس فيها موضع الا وفيه ضربة لسيف أو طعنة لرمح. فلتقم الانتخابات اذا وجد سيادة الرئيس موطئا لصناديق الانتخابات على الارض السورية التي تنزف. فلتجر الانتخابات ان وجد الناخبون خبزا وماء ودواء لآلامهم قبل أن يدلوا بأصواتهم.’وليتقدم سيادة الرئيس ويقدم للشعب قائمة بانجازاته (ضحاياه) في السنوات الثلاث الماضية. ماذا لو تجرأ الرئيس السوري ونزل الى ساحة الامويين او ساحة العباسيين وقال: ‘أيها الناس ان رأيتم فيّ أعوجاجا فقوموني’،’ترى كم من الرعية سيقومونه بسيوفهم؟
التجارب العربية الديمقراطية مبكية مضحكة.. مرشح واحد أو استفتاء بنعم ولا، أو بالأصح بنعم أو نعم، وتزوير، والرئيس الذي يترشح ولا يكف عن الترشح حتى لحظة التقاطه أنفاسه الأخيرة أو حتى على كرسي متحرك.
أما في المشهد السوري فالأمر أكثر سوداوية، يترشح الرئيس ويطلب من الضحايا أن ينتخبوه لولايه ثانية، حتى يكمّل عليهم، عفوا يكمّل المهمة. انه ببساطة يطلب منهم أن يصنعوا له كرسي الرئاسة، من جماجمهم.
من سيفوز بالرئاسة السورية؟ سيكون الجواب سهلا عندما ينعدم الخوف والتزوير وينقرض المنتفعون وجوقة الاعلام المضلل. قامت الثورات العربية على السلطات الفاسدة. لم يغادر أي رئيس أو ملك أو أمير عربي كرسي الرئاسة الا وورّثنا ابنه أو اخاه أو أحدا على شاكلته، من حاشيته، أو كاد، حتى رفعنا أيادينا بالدعاء ‘اللهم أنّي داع فأمّنوا: اللهم ارزقنا حاكما عقيما أو مقطوعا من شجرة.
كاتب فلسطيني