الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من غرائب ما تشهده المنطقة: الحدود الإسرائيلية هادئة... والسورية مشتعلة!

من غرائب ما تشهده المنطقة: الحدود الإسرائيلية هادئة... والسورية مشتعلة!

26.04.2013
اميل خوري

النهار
الجمعة 26/4/2013
هل كُتب للبنان أن يظل رهينة الأزمات في المنطقة بحيث لا يفرج عنه إلا بعد التوصل إلى حل لها؟ في الماضي كان لبنان رهينة أزمة الشرق الأوسط وتحديداً القضية الفلسطينية، وحاول لبنان الرسمي جاهداً فكّ ارتباطه بها من خلال القرار 425 الذي كان لعميد "النهار" الراحل غسان تويني كسفير لبنان لدى الأمم المتحدة اليد الطولى في صدوره. لكن هذا القرار بقي من دون تنفيذ فظلت الازمة اللبنانية مرتبطة بحل أزمة الشرق الاوسط وقضية فلسطين، فكان هذا من أسباب تحوّل المخيمات الفلسطينية في لبنان ثكناً مكتظة بالاسلحة تنطلق منها الفصائل الفلسطينية الفدائية للقيام بأعمال عنف ضد إٍسرائيل، فدفع لبنان ثمن ذلك سلسلة احتياجات اسرائيلية للجنوب شردت ابناءه ودمرت منازلهم وقضت على موارد رزقهم. وعندما أخذت التنظيمات الفلسطينية تعتدي على سلطة الدولة اللبنانية وسيادتها وتوقف لبنانيين على حواجز أقامتها في مناطق عدة اشتعلت حرب السنتين بين فئة لبنانية وهذه التنظيمات، ووجدت سوريا الفرصة سانحة للتدخل المباشر حيناً وغير المباشر حيناً آخر موزعة أدوارها بين الاطراف المتقاتلين، تساند هذا الطرف تارة وذاك طوراً لتحول دون انتصار احدهما على الآخر، استعداداً لعقد صفقة مع الولايات المتحدة الاميركية على رغم تحالفها يومئذ مع الاتحاد السوفياتي. وعند عقد هذه الصفقة تولى الجيش السوري بدخوله لبنان وقف الاقتتال، ودفع لبنان ثمن ذلك وصاية سورية عليه دامت 30 عاماً، وبات حل الأزمة اللبنانية مرتبطاً ليس بحل القضية الفلسطينية فقط، بل بحل الصراع السوري مع اسرائيل وبات ما يسمى "وحدة المسار والمصير" شعار تلك المرحلة.
وإذا كانت جبهة الجولان هدأت بموجب اتفاق فك الاشتباك مع اسرائيل، فإن جبهة الجنوب ظلت مشتعلة بسبب قيام مقاومة لبنانية للاحتلال الاسرائيلي بقيادة "حزب الله". وقد نجحت هذه المقاومة في ازالة هذا الاحتلال تنفيذا للقرار 425 لكنه ظل مسيطراً على جزء من ارض الجنوب وتحديداً على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وعلى جزء من قرية الغجر.
وهكذا ظل لبنان يعاني مما تبقى من الاحتلال الاسرائيلي ويعيش في الداخل وضعاً شاذاً، لا سيطرة للدولة اللبنانية عليه انما لسلاح المقاومة الذي فاجأ الدولة واللبنانيين بحرب عام 2006 على اسرائيل وقد انتصرت فيها المقاومة بصمودها اذ حالت دون تمكين الجيش الاسرائيلي من تحقيق اهدافه، واهمها القضاء على المقاومة اللبنانية الاسلامية ولكن بعد إلحاق الدمار والخراب ببنى لبنان التحتية والفوقية وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، وانهيار الوضع الاقتصادي والمالي، وقد احتاج لبنان الى مساعدات دول شقيقة وصديقة لاعادة النهوض به وإعمار ما تهدم. ومنذ تلك الحرب بات سلاح المقاومة مقدساً لا يمس حتى وإن ارتكب تجاوزات في الداخل، وهو ما حصل غير مرة وكان أخطرها احداث 7 ايار 2008، وبات هذا السلاح من وقتها يقرر مصير الحكم في لبنان وشكل الحكومات ويفرض على الاكثرية النيابية التي فازت بها قوى 14 آذار رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة، والا كان الفراغ الذي يخافه اللبنانيون ولا سيما جمهور 14 آذار. وظلت قوى 8 آذار بجناحها العسكري قادرة بدعم سوري على فرض ما تريد وتتحكم بقرارات الاكثرية الوزارية والنيابية من خلال ما عرف بـ"الثلث المعطل" من جهة وهيمنة السلاح من جهة اخرى. وبعدما انحسر الدور السوري في لبنان بفعل ما يجري في الداخل تحاول ايران لعب دور بديل من سوريا في لبنان.
والسؤال المطروح هو: هل لإيران مصلحة في زعزعة الامن والاستقرار في لبنان، وهذا ما لا يريده المجتمع الدولي وتحديداً أميركا وروسيا، وكلاهما متفقتان للمرة الاولى على ذلك رغم صراع النفوذ بينهما؟
الواقع ان اعطاء ايران الامر لمقاتلي "حزب الله" بالاشتراك في الحرب الى جانب الجيش النظامي السوري ومواجهة "الجيش السوري الحر" ومن معه، يعرض بلا شك لبنان لخطر كبير ويجعل النار السورية تمتد اليه خصوصاً بعدما رد الطرف اللبناني المناهض للنظام السوري بإرسال مقاتلين يساندون "الجيش السوري الحر"، وقد اعتبر الرئيس الاسد ذلك خروجا على سياسة تلازم المسار والمصير بين البلدين وسخر من سياسة النأي بالنفس. فهل تحاول ايران ان تلعب في لبنان دور سوريا حافظ الاسد الذي عرف كيف يقطف ثمار الحرب فيه فتقطف هي بدورها ثمار الحرب في سوريا بعرض حل للأزمتين اللبنانية والسورية عندما يعجز الغير عن ذلك او عن فك الترابط بينهما وتجد ان الولايات المتحدة الاميركية مستعدة لبيع حلفائها واصدقائها عندما تقضي مصالحها بذلك وعملا بالسياسة الواقعية والبراغماتية التي تتقنها؟