الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من نحن؟

من نحن؟

26.08.2013
عبدالله بن بخيت

الرياض
الاثنين 26/8/2013
    لا تحتاج سورية إلى أدلة جديدة لكي تثبت بشاعة جرائم بشار الأسد. منذ أن قفز والده إلى سدة الحكم وهو يقدم الأدلة تلو الأدلة على ذلك. ما يحتاجه الشعب السوري أن تعرف المعارضة السورية ما الذي عليها أن تفعله بعد إسقاطه. سورية دولة على ملتقى طرق الشرق الأوسط كله. دول كثيرة في العالم لها مصالح فيها وستعمل على مراعاتها والدفاع عنها. الأسد يعرف هذا الأمر ويوظفه في صراع بقائه كما وظف كل شيء آخر بميكافيلية غير مسبوقة.
لكن ما الذي علينا أن نفعله لنوقف الجرائم الكبرى التي ترتكب. لكن السؤال الأهم من نحن؟ المسلمون أم العرب أم العالم. إذا كنا ننتظر الغرب أن يتدخل لإنقاذ الشعب السوري وهو أهم جزء في العالم فالأمر يحيطه كثير من الشكوك. مشكلتنا مع الغرب أننا نقرأ المشكل السوري من زاويتنا. نقرأ المشكلة السورية في صورتها الإنسانية. شعب كامل يذبح بآلة جهنمية بلا رحمة. هذا صحيح ولكن هذه ليست مشكلة سياسية بالنسبة للغرب. هذه مشكلة إنسانية ملتبسة مع مشكلة سياسية. من منا يتذكر رواندا في التسعينات. كان باستطاعة الغرب انقاذ ملايين الأرواح البريئة. تردد الغرب جعل التطهير العرقي في ذلك البلد امرا واقعا. رغم ان الصراع في رواندا كان أقل تعقيداً من نظيره في سورية. كان صراعاً عرقياً قبلياً لا يوجد فيه أي تعقيدات توجب التردد أو الحذر. ولكن المذابح أنجزت والغرب يصرح ويداول القضية كما يفعل اليوم مع القضية السورية. نعرف ونؤمن أن الغرب لا يشتغل على القضايا الإنسانية وحدها. الغرب ينظر إلى مآلات الأمور من الزاوية التي تخصه وهذا اسمه سياسة. الغرب ليس دولة واحدة ولا يتعاونون في عمل جماعي إلا إذا التقت المصالح الفردية مع المصلحة الجماعية. المسألة اليوغوسلافية خير مثال. افترقت المصالح الغربية فتحملت الولايات المتحدة عبء التدخل لأن مصلحتها اقتضت ذلك وليس لأن الشفقة ملأت قلب كلنتون فأمر جيشه لإنقاذ المسلمين من المذابح الصربية. بالمقابل هب الغرب بأسره هبة رجل واحد في صورة من أروع صور التعاون الدولي البناء والإنساني لإنقاذ الشعب الليبي من مجازر كان يعدها الدكتاتور. كلنا متفقون أن هذه الهبة لا تستند على أي بعد إنساني بقدر ما أن القدر قرر أن تلتقي مصالح الغرب في إسقاط القذافي. هذا يحتم علينا أن نقرأ مأساة الشعب السوري من وجهة نظر غربية لنعرف ما هي مصلحة الغرب من إسقاط النظام في سورية. سورية منطقة بالنسبة للغرب وليست شعباً. يزيد الأمر تعقيداً أن إسرائيل تقف على الأبواب. كل شيء سيحدث في سورية سينعكس على إسرائيل. الغرب لن يقبل المساس بأمن إسرائيل مهما كان حجم الضحايا الأبرياء. القضية السورية قضيتنا نحن الذين نرى أن جزءاً منا يتحطم ويتفكك. ما يحدث في سورية سوف ينعكس علينا جميعاً. نعود إلى السؤال الذي نرفض الاعتراف به والبحث فيه ونتحدث باستمرار بأوهام وجوده. من نحن؟ إذا اتفقنا على إجابة هذا السؤال نستطيع أن نحل المشكل السوري والعراقي وقبله السوداني الخ. لكن قبل كل ذلك من نحن؟