الرئيسة \  مشاركات  \  من نطيع من قادة الثورة ؟

من نطيع من قادة الثورة ؟

11.03.2014
أسامة الخراط


أخوكم الناصح أسامة الخراط المدرب في مشروع نصر قريب

أخوتي الأحبة كتبت من أيام مقالة بعنوان : قيادة الثورة أم قيادة الطائرة
ولاقت ولله الحمد استحسانا كبيرا ولكن وردتني عدة أسئلة تحتاج الإجابة عليها
من أهمها سؤال: قيادة الثورة أمر لا تعلِّمه مدرسة ولا تخرِّجه كلية فكيف نعرف القادة ومن يجب أن نطيعهم في الثورة ؟
وهنا لابد من وضع معيار واضح ودقيق لنعرف من يملك شرطي القيادة التي تحدثنا عنهم سابقا وحددناهم بـ:
امتلاك المهارات أو التقنيات حتى يعلم هذا القائد كيف تقاد الطائرة + الأخلاقيات مثل الأمانة والعدل والتقوى حتى لا يقودنا لهدف خاطئ
وفكرت كثيرا في البحث عن إجابة مختصرة فلم أجد أفضل من ألجأ لسيدنا عمر بن الخطاب فهو قائد فذ تميز بالعدل والقوة وأيضا له خبرة طويلة في الإدارة والحكم والنجاحات من أهمها إزالة دولة الفرس من الوجود بإمكانيات بسيطة جدا
فوجدت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لخَّص الأمر في ثلاثة أسطر وشرح كيفية معرفة القائد وشروطه وأيضا وصف كيف يجب أن يكون أتباع هذا القائد وصفاتهم:
يقول خليفة رسول الله .... الرجال ثلاثة:
1- رجل عفيف مسلم عاقل، يأتمر في الأمور إذا أقبلت ويسهب. فإذا وقعت يخرج منها برأيه.
2- ورجل عفيف مسلم ليس له رأي. فإذا وقع الأمر أتى ذا الرأي والمشورة فشاوره واستأمره ثم نزل عند أمره.
3- ورجل جائر حائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا.
كلام في منتهى الروعة والدقة والاختصار ولكنه يحتاج إسقاطا على واقعنا المعاصر ومصطلحاته فنقول:
الرجل الأول (وهو يصف هنا القائد الذي يجب أن يطاع فيعطينا معاييره):
"رجل عفيف مسلم عاقل" .. فرتب لنا الصفات حسب أهميتها ... رجل عفيف أي أنه يعف عن المغنم ولا يطمع بأي مكسب أو مصلحة شخصية، وأيضا عاقل وذو حكمة تتجلى في منطقه وكلامه ...
"يأتمر في الأمور إذا أقبلت" .. وهذا يعني أنه عندما تقبل الأمور العظيمة من بعيد وقبل أن تبدأ ... يلاحظها فورا ويأتمر الناس حولها أي يسأل ويستشير ويطلب الأمر والمشورة من الناس .. ثم يقول:
"فإذا وقعت يخرج منها برأيه" ... يعني أنه قد جهز نفسه لهذا الأمر الجلل وعندما يقع فعلا يكون تصرفه تجاهه جاهزا، ويخرج برأيه للناس كلهم واضحا وحكيما،
ولو أردنا أن نشرح هذا حسب مصطلحات العلوم الإدارية الحديثة فنقول:
الرجل القائد يتميز بالعفة والحكمة ويتميز أيضا أنه يقرأ الساحة جيدا وما هي الأمور المقبلة علينا فيضع لها كل السيناريوهات المحتملة ويناقشها مع المختصين ويشاور أهل العقول ... وفورا يضع لها الحلول اللازمة وخطة العمل المدروسة حسب قواعد التخطيط العلمي، وبعد ذلك إذا وقع أحد هؤلاء السيناريوهات (وهو لا بد واقع أحدها لأنه درس كل الاحتمالات)، ساعتها مباشرة يسبق الحدث ويتخذ القرار المناسب وينفذه.
إذن ليس من المفروض أن يكون القائد معه شهادة فلانية أو علانية (مع أهميتها) المهم أنه يعرف كل السيناريوهات ووضع لها الخطط الواضحة والمؤقتة بزمن محدد للوصول لنتائج محددة، ولو فشل بعد انتهاء زمن خطته، ساعتها فورا يستقيل ويبحث عن شخص أفضل منه وأقدر على تنفيذ هذه المهمة
ولنقيس هذا الكلام على واقع الثورة اليوم ...
من يملك اليوم كل السيناريوهات التي يمكن أن تحدث خلال ست شهور أو السنة القادمة ؟؟؟
 من درسها وشاور العقلاء بها ثم وضع الخطة الكاملة لها بعد دراسة الحلول الممكنة والمتاحة ثم طرحها للناس ؟؟
أخيرا وهو الأهممن بعد أن فعل كل هذا هل قال لنا أنا هذه خطتي لست شهور ولو فشلت ساعتها سأستقيل فورا وابحثوا عن أحد غيري ؟؟
هذا ما يجب أن يفعله قائد الجبهة واللواء والفصيل والقائد العسكري والسياسي والإغاثي والطبي ...
يا سادة من يملك القرار اليوم في الثورة وهو فعلا مؤثر (أي أنه من الكتلة الحرجة في الثورة التي لو غيرت مسارها تغيرت كل الثورة) لا يتجاوز عددهم 200 شخص حسب أغلب الدراسات
فمتى يمكن لهؤلاء أن يرتقوا لمستوى دمائنا وأشلائنا ؟؟ و متى يصبح أحدهم ممن يأتمر في الأمور إذا أقبلت و يسهب؟؟ أو متى يفسح المجال لغيره
فإذا كانت تلك مواصفات القائد وهو من يجب أن نطيعه في الثورة. ثم
نرجع مرة أخرى لسيدنا عمر لنكمل كلامه الرائع عن الصنف الثاني من الرجال وهو هنا يصف واجب بقية الناس:
"ورجل عفيف مسلم ليس له رأي" .. وهذه صفة أغلب الثوار والمجاهدين فهم صادقون مخلصون يريدون إنهاء المأساة وإسقاط النظام الإجرامي التي قتل أولادنا وهتك أعراضنا ولكن ليس عندهم مواصفات القادة ...
فكيف تنصحهم يا عمر بن الخطاب ؟؟؟
 فيقول: "فإذا وقع الأمر أتى ذا الرأي والمشورة فشاوره واستأمره ثم نزل عند أمره" ... إذن يا أيها الرجل المسلم الذي ليس له رأي وتصور شامل وخطط إلجأ للرجل القائد من الصنف الأول فشاوره واطلب أمره واقتنع منه ثم فورا انزل على رأيه لأنه يريد لك الخير والنصيحة، وحتى تتجنب التصنيف الثالث الذي قال عنه سيدنا عمر:
"ورجل جائر حائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا" .... إياك يا أخي أن تكون حائرا وبالتالي ستكون جائرا ظالما لأنك متمسك برأيك وعقلك القاصر فلا أنت راشد ولا تأخذ رأي القادة المرشدين لك
وبذلك ستكون شريكا للمجرم بشار من خلال استمرار الفوضى التي تعيش فيها اليوم كل هياكل الثورة، فكل يوم يكلفنا أنفسا وأرواحا وأموالا فاتق الله فينا واتق الله في سورية وفي مستقبلها وكن كما ينصحك سيدنا عمر
أذهب إلى ذا الرأي والمشورة فشاوره ثم اسمع أمره وأطع وانسى حظ نفسك.
يا أهلي يا أهل سورية ... والله لا خلاص لنا إلا بذلك ... لنبحث عن القادة وقد علمنا شروطهم ولننزل على رأيهم ولتقلع الطائرة وتصل بنا إلى هدفها قبل أن نهلك جميعا وإيانا أن ننسى أننا في مركب واحد ومصيرنا واحد من يقف مع الثورة وحتى من هو واقف يتفرج والسفينة تغرق
هذه المقالة مأخوذة من الحلقة السابعة من مشروع تدريب (نصر قريب)