الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من هم الذين دمّروا سوريا وخدموا نتنياهو؟

من هم الذين دمّروا سوريا وخدموا نتنياهو؟

13.10.2013
ياسر الزعاترة


الدستور
السبت 12/10/2013
تعالوا نسأل السؤال التالي بعد كل تلك التداعيات التي أصابت سوريا، ومعظم فصول ربيع العرب، وما يمكن أن يترتب بعد ذلك من تطورات تبدو واضحة في أكثر تفاصيلها القريبة في أقل تقدير. تعالوا نسأل: ماذا لو انتصرت الثورة السورية كما انتصرت الثورة التونسية والمصرية، وبدرجة ما الليبية، مع نصف أو ربع انتصار للثورة اليمنية؟ ولا نعني هنا بالانتصار غير سقوط النظام، حتى لو كان سقوطا جزئيا كما تم في مصر وتونس، وليس سقوطا كاملا كما تم في ليبيا؟
الموتورون وحدهم هم الذين سيقولون إن تيار المقاومة والممانعة كان سيخسر أحد أهم أركانه، ليس لأن الشعب السوري لن يسمح بذلك، بل أيضا لأن الموقف الآن يبدو أكثر وضوحا، فقد خرجت سوريا عمليا من المشهد بعد تدميرها الذي سيستمر -كما يبدو واضحا- فيما سلمت سلاحها الردعي للعدو، وها هي الراعية العملية لتيار المقاومة والممانعة بحسب أصحاب ذلك الخطاب تستجدي بدورها صفقة مع الغرب سيترتب عليها ترك المقاومة والممانعة، فضلا عن التخلي عن المشروع النووي.
الأسوأ من ذلك كله هو أن عدم نجاح الثورة في سوريا قد ترتب عليه تعثر واضح في مسيرة الربيع العربي، فلو نجحت كما كان مأمولا، لانتقل الحراك الشعبي إلى دول قادت وتقود الآن الثورة المضادة، ونجحت في مصر، وهي الآن تطارد تونس، وتعد العدة للانقضاض على قطاع غزة الذي يشكل قاعدة للمقاومة، بل إنها بصدد رعاية اتفاق “تاريخي” للقضية الفلسطينية لن يكون سوى تصفية عملية لها، فيما لن يكون بوسع أي أحد أن يقول لذلك لا، اللهم سوى بعض الجماهير والقوى الحية في الأمة. والخلاصة لو انتصرت ثورة سوريا، لاستمرت مسيرة الربيع العربي بدل هذا التعثر الكبير الذي أصابها.
بوسع المسكونين بالأحقاد الحزبية والطائفية أن يقولوا إن مرسي في مصر والنهضة في تونس، وربما النظام الجديد في سوريا (لو نجحت الثورة)، فضلا عن ليبيا واليمن لن يكونوا إلا في صف الغرب، وهو قول لا يستحق غير الازدراء، ليس لأن الخطاب الإسلامي لا يسمح بذلك، بل لأن أية ديمقراطية لن تسمح بالبقاء في السلطة لمن يتبنى هذا اللون من الخطاب، والنتيجة أن القادمين الجديد سيضطرون إلى السير وفق ما تريده الشعوب، والشعوب لا تقبل بوجود الكيان الصهيوني، ولا بالتطبيع مع أو تسوية مشوهة في أقل تقدير. ومن تابع كيف انتصرت الدبلوماسية الأمريكية والصهيونية للانقلابيين في مصر يدرك أين هو الخيار الحقيقي للغرب والكيان الصهيوني؟
من هنا يمكن القول إن من قدموا الخدمة الأكبر لنتنياهو، وتآمروا مع أمريكا والصهاينة ضد ربيع العرب وضد فلسطين هم: بشار وإيران والمتحالفون معها من دول وحركات، وها هم الآن يشترون رؤوسهم ويتخلصون من العقوبات المفروضة عليهم بتلبية المتطلبات الصهيونية.
لقد اشترى هؤلاء وأولئك بشار الأسد، بينما باعوا مصير الأمة ومصير فلسطين، وها هي الأيام تثبت أن صاحبهم لم يتردد في بيع سلاحه الكيماوي من أجل الحفاظ على نفسه، بينما كف عن الحديث عن الكيان الصهيوني (راقبوا حواراته الأخيرة وانظروا عم يتحدث؟ إنه لا يتحدث سوى عن الإرهابيين الذين سيضرون بأمن الغرب والكيان الصهيوني، وتركيا أيضا)، مع العلم أن القوى الإسلامية التي توصف اليوم بالإرهابية هي ذاتها التي ساهمت بقوة في إفشال مشروع الغزو  الأمريكي للعراق، وكان أولئك القوم يطبلون لها، بل كان نظام بشار نفسه يتعاون معها بشكل لافت حتى اتهمه نوري المالكي بكل صراحة ووضوح بدعم الإرهاب الذي يتسلل من سوريا لقتل العراقيين كما قال حينها.
هكذا أيها السادة وضع نظام بشار ومِن ورائه إيران وحلفاؤها الحب صافيا في طاحونة العدو، وها هم يعيدون ترميم محور الاعتدال، بينما ينتهي ما يسمى محور المقاومة والممانعة مستجديا الصفقة مع الغرب والكيان الصهيوني، وكل ذلك من أجل تنفيس أحقاد حزبية وطائفية لا أكثر، مع علمهم بأن شعب سوريا إنما خرج ضد نظام ديكتاتوري فاسد، وليس خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني.
تاريخ يكتب في هذه المنطقة، وفيه سيجرى الفصل بين من وقفوا إلى جانب الشعوب (الشعوب الأكثر وفاء للمقاومة والممانعة)، وبين من وقفوا إلى جانب أنظمة ثبت للجميع أنها على استعداد لبيع كل شيء من أجل بقائها كما فعل بشار.