الرئيسة \  مشاركات  \  من وحي مؤتمر مونترو حول سورية .. السبب الحقيقي لانقسام المعارضة

من وحي مؤتمر مونترو حول سورية .. السبب الحقيقي لانقسام المعارضة

25.01.2014
د. محمد أحمد الزعبي




لقد تابعت مؤتمر مونترو – جنيف في سويسرا حول سورية ، الذي بدأ أعماله يوم 22 يناير 2014 ( يوم أمس ) ، برعاية الأمم المتحدة ، وحضرته أكثر من 40 دولة ومنظمة عربية وإقليمية ودولية ، وعلى رأسها الدولتان راعيتا المؤتمر ( إلى جانب الأمم المتحدة ) : روسيا الاتحادية ممثلة بوزير خارجيتها السيد لافروف والولايات المتحدة الأمريكية ممثلة أيضاً بوزير خارجيتها السيد كيري . كنت أطرح على نفسي وأنا أستمع إلى كلمات رؤساء الوفود المعنية بالأزمة السورية ، والتي كانت إلى حد ما كلها تصب في طاحونة المعارضة ، وأيضا إلى كلمتي المعارضة (السيد أحمد الجربا ) والنظام (السيد وليد المعلم ) التساؤل التالي حول تشرذم المعارضة وانقسامها المؤسف على نفسها ، وبالذات حول مؤتمر جنيف 2 : ترى ، ماهي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الانقسام ؟ ! .
عادة ماتكمن وراء الظواهر الاجتماعية ( ومؤتمر مونترو – جنيف واحداً منها ) ، مجموعة من الأسباب ، بعضها ظاهر وبعضها باطن ، بعضها مباشر وبعضها غير ىمباشر ، بعضها رئيسي وبعضها ثانوي ، بعضها بعيد وبعضها قريب ، بعضها بسيط وبعضها معقد ، بعضها متواز وبعضها متداخل وبعضها متتال ، بعضها ذو اتجاه واحد وبعضها ذو اتجاهين ( تبادل التأثير والتأثر أفقياً وعمودياً ) ...الخ . وبعيدا عن الركض وراء هذه الشبكة من الأسباب الذاتية والموضوعية ،في تفسير الظواهر الاجتماعية ، فإن مارأيناه يمثل السبب الأساسي والجوهري لانقسام المعارضة السورية ، ولاسيما ، بين " الائتلاف " و " المجلس ""من جهة ، وداخل كل منهما من جهة أخرى ، هو السببان الرئيسيان التاليان:
1.غياب الثقة المتبادلة بين الاتجاهين الرئيسيين داخل كل من المجلس والائتلاف ، ألا وهما : الإسلاميون عامة ،(بمن فيهم الإخوان المسلمين )، والعلمانيون عامة (بمن فيهم قسم من القوميين والناصريينواليساريين وقسم من الأقليات) هذا مع العلم أنه جرى تهميش الإسلاميين في سورية وملاحقتهم ، منذ انقلاب الثامن من آذار 1963 بصورة عامة ، ومنذ حركة حافظ الأسد التصحيحية (!) في 16/11/ 1970 بصورة خاصة . إن الكاتب يعرف ، ومن خلال معايشته لأحداث تلك الفترة ، أن بعض الفصائل الإسلامية قد ارتكبت أخطاء كبيرة في لجوئهم إلى العنف ، ولاسيما فيحدث مدرسة المدفعية ( 16.06.1979 ) ، بيد أنه يعرف أيضاً أن رد النظام على هذه الأخطاء كان رداً موغلاً في الوحشية والهمجية واللاأخلاقية ، ولاسيما مجزرتي سجن تدمر ( 27.06.1980 ) وحماه ( 1982 ) .
2.عدم ثقة غالبية قوى وعناصر المعارضة السورية بالموقف الأورو- أمريكي ، الذي قدم نفسه كنصير لثورة آذار 2011 ( ثورة أطفال درعا ) ، في مقابل مساندة روسيا والصين وإيران لنظام بشار الأسد . وإن حالة عدم ثقة المعارضة السورية بالموقف الأورو – أمريكي ، تعود ، إلى أن روسيا وإيران كانا وما يزالان يدعما ن نظام الأسد الديكتاتوري واللاديموقراطي بالمال والسلاح والرجال ، بينما لم يزد دعم الطرف الآخر ( أصدقاء الشعب السوري ) للثورة السورية عن الكلام المعسول ، وبعض المساعدات المدنية والعسكرية ، التي كانت وظيفتها الأساسية أن تحول دون هزيمة الثورة أمام النظام وميليشيات حزب الله وإيران ، وتجعلها قادرة على الإستمرار في لعبة الكر والفر لأطول مدة ممكنة ،استناداً إلى سياسة مسك العصا من منتصفها ، والتحكم في درجة ميلانها .
أعرف أن كثيرين يخالفوني هذا الرأي ، ولا سيما بعد سماعهم لكلمات الوفود التي دعيت لحضور مراسم افتتاح مؤتمر جنيف2 ، وخاصة كلمة السيد كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ، وجوابي لهم ، إنها قناعتي ، وأتمنى أن أكون مخطئاً .