الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من يطفئ النار السورية؟

من يطفئ النار السورية؟

28.02.2016
د.باسم الطويسي


الغد الاردنية
السبت 27-2-2016
من المفترض أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار في سورية قد دخل حيز التنفيذ فجر هذا اليوم. ورغم التراشق السياسي الذي وصل أوجه عشية ذلك بين الولايات المتحدة وروسيا؛ إذ اتهمت الأخيرة الولايات لمتحدة بأنها تسعى إلى إفساد الهدنة، علاوة على الوصف الذي يتفق عليه الفرقاء كافة بأن الاتفاق هش ولن يصمد، إلا أن هناك مؤشرات عديدة تدل على أن هذه الخطوة وإن لم تصمد، فإنها ستشكل البداية الحقيقية للحلول السورية.
الولايات المتحدة تعلن عن خطة بديلة إذا ما فشل وقف إطلاق النار، في الوقت الذي تحدثت فيه الأنباء عن وصول طائرات وقوات سعودية وخليجية إلى القاعدة التركية "إنجيرليك". وكل هذا لا يخيف؛ إذ ثمة تفاهم غير معلن بين الولايات المتحدة وروسيا على تفاصيل أكثر دقة فيما يتعلق برسم خرائط المنطقة بأكملها بعد نحو خمس سنوات من التحولات والفوضى. ولا يحتاج أحد إلى مزيد من الذكاء للوصول إلى استنتاج بأن الولايات المتحدة فقدت الكثير من إرادتها وليس قدرتها على الاشتباك على الأرض مع ملفات المنطقة، فيما تتنامي الإرادة الروسية التي قد لا تتوفر لها قدرات مرنة للتحرك في المنطقة سياسيا وعسكريا. فالروس ضمنوا دعما أميركيا غير واضح للهدنة، وموافقة سعودية، وأخرى إيرانية، في حين تتكفل السعودية بضمان الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض. ويبقى مصدر القلق والدعاية المضادة يأتي من أنقرة؛ فالأتراك لا يرون في الاتفاق وفي مآلات الصراع ما يخدم مصالحهم.
الذين حطبوا تحت نار الحرب كل هذه السنوات، هم من يتباكى اليوم على وحدة سورية، زعما بأن نضال الأكراد يقود إلى تقسيمها، فيما القوى المتصارعة في سورية وحولها هي التي لا تريد لا وقف إطلاق النار ولا عملية سياسية قد تقود للحل. حتى الرئيس السوري الذي يفترض أن وقف إطلاق النار يخدمه في هذه اللحظات، شكك في الأمر ويبدو أنه ماض في استثمار نشوة الانتصارات الأخيرة.
ما هو غير معلن أن التفاهمات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الاتفاق الأميركي الروسي، سوف تمضي في فرض الهدنة وتحويلها إلى نمط من وقف إطلاق النار. وربما هذا أحد أكثر التعبيرات وضوحا عن الدخول في مرحلة تصفية صراعات "الربيع العربي"، والتي تسير في خطوط شبه متوازية في كل من سورية واليمن وليبيا.
استفاد الأسد من الدعم الخارجي الإيراني والروسي، كما استفاد من تطرف المعارضة. ورغم أن المشهد العسكري الآن لصالحه، إلا أنه لا يمكن أن نتصور أن تعود الأمور إلى ماضي ما قبل أحدات درعا. سورية لن تتقسم إلى دويلات أو جيوب، والأسد سيدخل عملية انتقالية شرسة وغير هادئة، وسيخرج من المعادلة، ولن تحكم سورية من قوة موالية مباشرة للغرب والخليج.
من يطفئ النار السورية هم السوريون أنفسهم لا غيرهم. وعلى الرغم من التجربة المريرة في خلق التوافق الوطني بين أطراف المعارضة السورية وفصائلها ونخبها السياسية، فإن هناك الكثير من المؤشرات التي تدل على أن نمطا جديدا من المعارضة السورية لا بد أن يولد؛ فما عجز عنه السوريون بالسلاح هناك فرص لتحقيقه في لحظة ما بالسياسة.