الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من يمنح العفو في سوريا ؟

من يمنح العفو في سوريا ؟

18.04.2013
أنور صالح الخطيب

الراية
الخميس 18/4/2013
مثير ولافت للانتباه إصدار الرئيس السوري بشار الأسد ما يصفه “عفوا يشمل عددا من الجرائم تستثني تلك المتعلقة بتنفيذ الأعمال الإرهابية، ويمنع العقوبة عن العسكريين الفارين وحاملي السلاح في حال تسليم أنفسهم وسلاحهم خلال مهلة محددة”.العفو جاء بمناسبة عيد الجلاء (جلاء آخر جندي فرنسي عن سوريا في 1946) .
في رقبة الرئيس دماء أكثر من 70 ألف مواطن -حسب أرقام الأمم المتحدة وأكثر من مائة ألف في روايات أخرى وفي رقبة الرئيس عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين وملايين المهجرين داخل سوريا وخارجها وهو بهذه الصورة من يحتاج لعفو الشعب السوري الذي تحمله وتحمل عائلته أكثر من أربعين عاما عنه.
تفاصيل المرسوم الرئاسي مملة وكثيرة يقصد بها أن يشعر المتلقي أن النظام مازال قويا وأن الرئيس يمسك بكلتا يديه على السلطة من جميع جوانبها وزواياها وهو يتعامل مع فئة من الشعب السوري حادت عن جادة الصواب وهو بصبره و حلمه واحتفالا بعيد الجلاء يريد أن يمنح هؤلاء فرصة أخرى فخفف أحكام الإعدام في بعض القضايا إلى السجن المؤبد..!!
رئيس الوزراء وائل الحلقي ادعى أن المرسوم “سيؤدي إلى إطلاق سراح نحو سبعة آلاف مواطن ممن ارتكبوا جنايات مختلفة”. فيما اعتبر وزير العدل أن صدور المرسوم “يأتي في إطار التسامح الاجتماعي واللحمة الوطنية والعيش المشترك والتصريحان بالمناسبة تم الإدلاء بهما إلى وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا”.
المرسوم الجديد يظهر أن النظام مازال يعيش خارج المكان وخارج الزمان ورئيس الوزراء الذي يتحدث عن سبعة آلاف معتقل سيجري الإفراج عنهم ينسى في المقابل أن هناك عشرات الآلاف من المعتقلين من معتقلي الرأي والضمير في أقبية المخابرات في السجون السورية.
لم يعد يسمع عنهم أحد منذ اعتقالهم وغيابهم خلف الشمس وبالضرورة لن يسمع عنهم أحد إلا في حالة واحدة اذا خرج أحدهم على فضائية النظام للحديث عن المؤامرة التي دبرت بليل لنظام الممانعة والمقاومة ويعبر عن ندمه لانضمامه الى عصابات الأشرار!! عندها قد يكون له نصيب في المرسوم الرئاسي.
ما يجب أن يدركه أركان النظام السوري أن تأثير مراسيم رئيسهم لم تعد تتجاوز باب القصر الجمهوري وأن لا أحد يلتفت إليها أو يعتبرها حدثا مهما وأن هذه المراسيم ليست الطريقة والأسلوب الذي يجري من خلالها مخاطبة الشعب السوري أو الحديث معه.
أما تهديد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية انه لن يعود هناك سوريا إذا استقال الأسد وإذا انسحب الآن قبل توصل السوريين الى اتفاق حول عملية سياسية، ستختفي سوريا عن الخارطة”. فهو يدخل أيضا في باب “البروبجندا” الدعاية السوداء التي تريد أن توهم الناس أن الحياة ستتوقف إذا مس القائد الضرورة ضررا ولو كان بسيطا وأن البلاد بما فيها وما عليها وجدت لخدمة القائد الضرورة الذي لا يوجد على الأرض مثله.
سوريا كانت قبل الأسد وستبقى بعده وهو من يحتاج إلى حلم ورحمة وغفران وعفو الشعب السوري الذي لا يستحق منه ومن عائلته وهو الذي صبر عليهم طويلا رغم قسوتهم وفسادهم أن يقتلوه بالطائرات والصواريخ وبراميل الموت لأنه طالب بالحرية.
من يحتاج إلى مرسوم عفو يصدره أطفال درعا ومن قبلهم أطفال حماة وأطفال حلب ومن بعدهم أطفال دمشق بل أطفال سوريا جميعا هو النظام بكل أركانه السياسيون منهم والعسكريون ممن امتهنوا قتل الشعب وممن اعتقدوا أن سوريا هي ملك خاص لعائلاتهم فهي كنزهم الذي لا ينضب ولا ينازعهم عليه أحد .
لا أدري إن كان أطفال سوريا وخاصة الشهداء منهم الذين بلغ تعدادهم خلال عامين من الثورة خمسة عشر ألف طفل في مزاج للعفو عن رأس النظام وأركانه بمناسبة عيد الجلاء لكن ما أعرفه أنهم يقولون في سرهم الآن إن المستعمر الذي رحل عن بلادهم يجر أذيال الخيبة كان أرحم بأجدادهم من رئيس نظامهم طبيب العيون الذي ثبت أنه لا يرى أبعد من شباك قصره..!!
كاتب وصحفي أردني