الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مهزلة في مجلس الأمن !

مهزلة في مجلس الأمن !

16.10.2016
أسامة عجاج


العرب
السبت 15/10/2016
إذن هي المرة الأولى التي تخرج فيها أزمة العلاقات المصرية السعودية إلى العلن، بعد أن ظلت فترات طي الكتمان، في الغرف المغلقة، ولم تجدِ محاولات عديدة لنزع فتيلها، لعدم تفجرها. فهي المرة الأولى التي نسمع فيها انتقادا شديدا من مسؤول سعودي على مستوى مندوب السعودية في الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي للموقف المزري للوفد المصري في تصويت مجلس الأمن، على مشروعي قرار حول الأزمة السورية، ويقولها بكل وضوح لا لبس فيه: "إن التصويت المصري يعبر عن نفسه لا عن العرب، وإن موقف دول مثل السنغال وماليزيا، كان أقرب للإجماع العربي، منه من الموقف المصري"، الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، فوفقا لوكالة رويترز، فإن مساعدات السعودية البترولية لمصر المتفق عليها بين البلدين لشهر أكتوبر لم تصل، فيما يمكن فهمه على أنه إعادة نظر في مجمل اتفاقيات سابقة للدعم والتعاون بين البلدين.
خطورة التصويت المصري أنه تورط في دعم مشروع القرار الروسي، الذي لم يجمع سوى ثلاثة أصوات فقط: الصين وفنزويلا وبالطبع روسيا، ما يعني أن المشروع الروسي كان يسقط من تلقاء نفسه، بتصويت مصر أو بغيره، لأنه لم يحصل على أغلبية الأصوات التسعة، وكان يمكن للقاهرة في مثل هذه الحالة على الأقل الامتناع عن التصويت، بينما اضطرت روسيا لاستخدام الفيتو لمنع تمرير المشروع الفرنسي، والذي شهد تضامنا كبيرا ودعما من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وموقفا صينيا جديدا بعدم الوقوف مع روسيا، أو استخدام الفيتو، وهي المرة الأولى من بداية تصدي مجلس الأمن للأزمة السورية منذ عام ٢٠١١.
حقيقة الأمر أن الموقف المصري من الأزمة السورية في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، يتطور بسرعة شديدة، للاصطفاف مع النظام السوري، والوقوف في خانة دعم نظام بشار الأسد، بعد أن مر بمرحلتين سابقتين: الأولى في زمن المجلس العسكري، الذي منعته ظروف مصر بعد ثورة ٢٥ يناير من الخوض بجدية في اتخاذ أي موقف من الثورة السورية، وإن كان الشارع المصري أكثر وضوحا في الانحياز إلى مطالب وتطلعات الشعب السوري، وجاء حكم الدكتور محمد مرسي –وهي المرحلة الثانية- ليمثل التطابق بين الموقفين الرسمي والشعبي ضد نظام بشار، لدرجة أن اتخاذ قرار بقطع العلاقات، وتقديم اقتراح مهم كان كفيلا لو تم تفعليه بإيجاد حل للأزمة، من خلال تشكيل لجنة رباعية تضم مصر والسعودية وتركيا وإيران، والمؤتمر الشهير بالدعوة إلى نصرة سوريا، كان أوضح مثال على الموقف الداعم لتطلعات الشعب السوري، وفي عهد النظام الحالي اختلفت الأوضاع تماماً، حيث ظهرت شعارات براقة، وتمثل "كلمة حق يراد بها باطل" تمثل الموقف الرسمي المصري، مثل الحرص على وحدة الأراضي السورية، والحفاظ على مؤسسات الدولة، دون إدراك إلى مسؤولية نظام بشار الأسد عن خلق حالة من التهديد الحقيقي لوحدة الأراضي السورية، من خلال السماح للإيرانيين وأنصار حزب الله وروسيا بالدفاع عن وجوده، والنهج الطائفي الذي يمارس به عملياته ضد المعارضة، كما أن المؤسسات التي يطالب النظام المصري بالحفاظ عليها، تحمل نفس البصمات وتعزز فكرة غلبة الطائفة، بعيدا عن المواطنة، أما "الباطل في الموقف المصري" فهو الدفاع عن وجود شخص بشار ونظامه، وسط مخاوف وهمية من النظام، بأن الإخوان المسلمين قد يكونون هم البديل إذا سقط النظام، دون إدراك لتنوع حجم المعارضة السورية.
سوريا هي عنوان من عناوين أخرى للأزمة المصرية السورية، ومن ذلك ميوعة الموقف المصري من تطورات الصراع في اليمن، رغم مشاركتها المحدودة في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والذي يخوض معارك عسكرية ضارية، والتلويح بورقة تطوير العلاقات مع إيران، وأخيرا عدم الوفاء بتنفيذ اتفاق ترسيم الحدود البحرية.;