الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مواجهة "داعش" بين التحالف الدولي والغياب العربي

مواجهة "داعش" بين التحالف الدولي والغياب العربي

31.08.2014
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي
السبت 30-8-2014
بعد اجتماعه مع كبار المسؤولين عن الامن القومي، قال الرئيس الامريكي في مؤتمر صحافي مساء الخميس انه لا يريد ان يضع "العربة امام الحصان"، واعترف بعدم امتلاكه استراتيجية جاهزة لمواجهة التنظيم المعروف اعلاميا بـ "الدولة الاسلامية" او "داعش"، الا انه طلب من وزير دفاعه تحضير "خيارات عسكرية" لدراستها، بينما تحدثت مصادر متطابقة عن جهود حثيثة تبذلها واشنطن حاليا لبناء "تحالف دولي" وهو ما قد يتطلب وقتا.
ومن المفارقة ان تتحدث الولايات المتحدة اليوم عن اهمية وجود "تحالف دولي"، بينما كان قرارها الاحادي بغزو العراق في 2003 السبب الرئيسي في دخول التنظيمات التكفيرية والارهابية الى العراق، وهو ما أدى في النهاية الى وجود "داعش" وتحولها الى "اكبر تهديد للامن والاستقرار" كما وصفها البنتاغون مؤخرا.
ولم يسأل احد اوباما عن عدم انتظاره "التحالف الدولي" لدى قيامه مؤخرا بشن غارات في شمال العراق لانقاذ اربيل من السقوط، وهو ما كان يهدد بضياع احد اهم محطات التجسس الامريكية في العالم.
وبالطبع فقد شهدت المعطيات الاستراتيجية والاقليمية تغييرا كبيرا منذ غزو العراق، فقد دفعت واشنطن ثمنا باهظا للغزو على كافة المستويات، وتعلمت الدرس جيدا، ما يثير الشكوك حول امكانية ارسالها قوات عسكرية ضخمة لخوض معارك برية مع داعش، وان كان من غير المستبعد اللجوء الى قصف جوي مركز متزامن مع عمليات لقوات خاصة، يكون اساسها الجهد الاستخباراتي، وهو ما يفسر قيام طائرات استطلاع بدون طيار برحلات مكثفة فوق سوريا حاليا.
الا ان التوجه الامريكي هذه المرة يشير الى ضرورة قيام الدول العربية بدور يتجاوز التمويل، وهو ما اكدته ضمنيا الدعوة الفرنسية لعدد من الدول العربية لحضور اجتماع غربي موسع الشهر المقبل للاتفاق على استراتيجية لمواجهة داعش، فيما اشار مسؤولون امريكيون الى انهم حصلوا بالفعل على تعهدات من نحو ثلاثين دولة بدعم التحالف المقترح بالمساعدات المالية والعسكرية والانسانية.
الا ان هذا التحالف المقترح سيحتاج الى غطاء شرعي من مجلس الامن للقيام باي تدخل عسكري واسع، وهو ما لا يوفره حاليا القرار رقم 1270 بشأن "داعش".
كما ان اوباما نفسه قد يحتاج الى تفويض من الكونغرس لاعلان الحرب، وهو موضوع لا يشعر نواب كثيرون بحماس كاف لمناقشته اصلا.
واذا كان عند اوباما ما يكفي من الاسباب للتردد في ارسال قوات على الارض فانه ليس وحيدا في هذا الموقف، خاصة مع تهديدات "داعش" بشن هجمات انتقامية، بل وظهور رايتها السوداء فعلا في عواصم اوروبية.
ومن الانصاف الاقرار بأن اوباما يواجه خيارات صعبة، بل انه يسير في حقل الغام، خاصة ان رئيس اركانه الجنرال ديمبسي نفسه قال في تصريحات الاسبوع الماضي ان الغارات الجوية وحدها لن تكفي للقضاء على داعش.
واذا شنت واشنطن غارات واسعة في سوريا دون تنسيق مسبق مع نظام الاسد فانها قد تغامر بمواجهة الدفاعات الجوية السورية، وهي مازالت فاعلة رغم ضعف امكانياتها. وربما تخاطر ايضا بفقدان دعم روسيا وايران وجهودهما الحاسمة بالنسبة لنجاح التحالف. اما اذا وافقت على التنسيق الامني مع نظام الاسد، فستخاطر بفقدان دعم بعض حلفائها الاوروبيين والخليجيين ايضا الذين اعلنوا رفضهم اي محاولة لاعادة ترميم شرعية النظام السوري.
اما الحاضر الغائب عن هذا المشهد المعقد فهم العرب الذين يواجهون الخطر الاكبر، ويدفعون يوميا ثمنا باهظا من امنهم القومي، فيما تواصل قوات داعش تقدمها على جبهات عدة، ضمن مخطط للسيطرة على نهر الفرات ودير الزور والحدود مع تركيا، لتوسيع "خارطتها" بما يضمن التواصل الجغرافي بين ما احتلته من اراض في سوريا والعراق، ويعزز "الرقة" كـ "عاصمة" لدولتها المزعومة.
بل ان الاجتماع العربي الوحيد الذي ناقش هذه القضية، لم ينعقد في مقر الجامعة العربية التي تحولت الى "شاهد زور" فيما تواجه دول عربية خطرا وجوديا غير مسبوق.
فهل يستفيد داعش من هذا المشهد البائس؟ وهل سينجح التحالف المزعوم في "استئصال السرطان" حسب تعبير اوباما؟ ام ان التدخل "الجراحي" سيؤدي الى تفاقم الخطر، وقتل المريض بدلا من انقاذه؟