الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موافقة الكونغرس تضمن "الضربة" وتدفُّق السلاح

موافقة الكونغرس تضمن "الضربة" وتدفُّق السلاح

07.09.2013
سركيس نعوم



النهار
5/9/2013
لم يكن الرئيس الأميركي باراك أوباما يفكّر في توجيه ضربة عسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وذلك لأسباب كثيرة أهمها الخوف من التورط في صراع عسكري واسع لا يريده شعبه. ولم يكن يفكّر أيضاً في تزويد المعارضة السورية السلاح الذي تحتاج إليه للاستمرار في مواجهة الآلة العسكرية المتفوقة للأسد. وسبب ذلك كان الخوف من وصول الأسلحة الى مقاتلي "النصرة" و"القاعدة" وأمثالهم الذين تخوض ضدهم بلاده حرباً ضروساً منذ عقود. لكن الأسد باستعماله الأسلحة الكيماوية المحرَّمة دولياً ضد شعبه دفع أوباما إلى القيام بالأمرين، يؤكد خبير أميركي في شؤون سوريا والمنطقة. ولم يعكس قرار أوباما الحصول على موافقة الكونغرس أي رغبة دفينة عنده في الامتناع عن تنفيذ الضربة. لكنه عكس حرصه، بعد خذلان مجلس العموم البريطاني رئيس الوزراء كاميرون برفض اقتراحه الإشتراك مع أميركا في ضربتها العسكرية، المحدودة والموجعة لنظام الأسد، على التسلّح بموافقة الكونغرس وعلى تعبئة الشعب حيال الضربة بعدما كانت غالبيته ترفض أي تورُّط عسكري في سوريا والخارج عموماً. وبموقفه هذا أظهر أوباما أنه لاعب سياسي ماهر. فهو من جهة ضمن تقريباً موافقة ممثلي شعبه على الضربة العسكرية ولكن في مقابل إرضاء صقورهم الجمهوريين بتزويد المعارضة السورية السلاح الذي تحتاج اليه لمواجهة جيش الأسد وحلفائه. علماً أن هذا المقابل يريح حلفاءه العرب والأتراك الذين يخوضون المعركة ضد الأسد. وبذلك سيتمكن الثوار السوريون من تعديل الميزان لمصلحتهم وخصوصاً بعد "إنتصارات" الأسد في الأشهر الأخيرة. وبذلك أيضاً سيتمكنون ومع الوقت الذي قد يطول كثيراً من حصره (أي الأسد) في بقعة جغرافية محدّدة. وبالموافقة الكونغرسية على الضربة ومقابلها يستطيع أوباما المشاركة في اجتماع قمة "مجموعة الدول العشرين" في روسيا وهو مرتاح وشاعر بشيء من القوة، في حين أن الحليف الروسي الرئيس بوتين قد يجد نفسه مُواجِهاً في القمة خيارات صعبة عدة. ذلك انه يعرف، إستناداً الى الخبير الأميركي نفسه، أن تنفيذ الضربة العسكرية المحدودة ولكن الكاسحة والموجعة سيقلص قدرة الأسد على تسليم الصواريخ ذات الرؤوس الكيماوية إلى وحداته. ويعرف أيضاً أن الوحدات العسكرية التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر ستستهدفها الضربة ليس فقط لقمعها اللاإنساني للثوار وقتلهم، بل أيضاً لأنها هي التي استعملت "الكيماوي" ضد الشعب السوري. ومن شأن ذلك بدوره أن يساعد في إمالة ميزان القوى لمصلحة المعارضين الثوار. هل يحاول الرئيس الروسي إتمام "بازار" أي صفقة مع الرئيس الأميركي تشمل أطراف الحرب السورية كلهم؟ يتساءل الخبير الأميركي إياه. لكنه لا يمتلك جواباً عن ذلك. ويكتفي بالتأكيد أن السلاح الكيماوي أستُعمِل، وأن شقيق الرئيس هو الذي أمر بذلك سواء بموافقة منه (أي بشار) أو لا. كما يؤكد أيضاً أن موقع الشقيق ووحداته صار أمراً معروفاً للعسكر الأميركي. ويضيف أن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة ستؤكد استعمال الكيماوي من دون التطرُّق الى مُستعمِلها. لكن بمجرد إعلانها ذلك فإن أوباما سيبادر إلى نشر التسجيلات والمعلومات وبعضها بالصوت التي تثبت مسؤولية الشقيق ومساعديه عن العمل غير الإنساني الذي قاموا به.
هل ينجو الأسد من الضربة؟
قد ينجو ويبقى. لكنه سيفقد المبادرة التي استرجعها قبل أشهر. وإسرائيل ستكون مستعدة لضربه إذا وجّه ردّه للضربة الأميركية عليها، ولضرب "حزب الله" إذا شارك في الرد. علماً ان موقف "الحزب" من هذا الشأن يرتبط بإيران. وهناك شك في أن قيادتها ترغب حالياً في إعطاء أميركا وإسرائيل ذريعة لتوجيه ضربة عسكرية كبيرة لمنشآتها النووية بل لبرنامجها النووي كله. أما بقاء الأسد طويلاً في السلطة فيتوقف على روسيا. ذلك أنها تستطيع مع إيران هندسة تغيير في القيادة السورية الرسمية يطيحها كلها تقريباً ويستبدلها بقيادة تنتمي إلى طائفة الأسد. لكن هذا الأمر الأخير الذي يشير إليه الخبير الأميركي ليس واقعياً في رأي متابعين أميركيين وعرب وأوروبيين. فهو كان ممكناً مع إصلاحات قبل سنتين. أما الآن، وبعد مذهبية الصراع داخل سوريا وتمذهب العالم الإسلامي، فأن أحداً في "الغالبية" السنّية لن يقبل ذلك سواء في سوريا أو العالم العربي.