الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو أقرب إلى الرياض

موسكو أقرب إلى الرياض

28.08.2013
جهاد المومني



الرأي الاردنية
الثلاثاء 27/8/2013
لن تذهب الولايات المتحدة الى خيار القيام بضربات عسكرية ضد القوات السورية الا اذا اتفقت مع روسيا على حدود واهداف هذه الضربات، ولن يحدث مثل هذا الاتفاق قبل ان تتحسن العلاقات الروسية الاميركية لتنهي سوء تفاهم بات مستفحلا منذ عودة الرئيس بوتين الى الكرملن وانتهاجه سياسة الوجه العبوس بوجه الولايات المتحدة.
خلال لقاءات القمم الاخيرة بين بوتين والزعماء الغربيين ومنهم باراك اوباما اظهر بوتين خلال هذا الوجه العبوس وتخلى عن المجاملة لدرجة لفتت انتباه المراقبين، وكانت تلك طريقته في ايصال رسالة للغربيين مفادها ان بلاده على دراية بما يخطط لها في الدوائر الغربية، ومنذ تلك اللقاءات ساءت العلاقات الروسية الغربية عموما والروسية الاميركية بشكل خاص الى ان بدأت ملامح الحرب الباردة بالظهور مؤخرا على شكل مناكفات تصاعدت باستضافة روسيا المنشق سنودين ورد واشنطن بالغاء لقاء القمة بين اوباما وبوتين، لكن هذه المناكفات ليست سوى البداية ومن المرجح ان تتصاعد حدة التوتر بين البلدين كلما تطورت الاوضاع في العالم العربي,ففي سوريا تتجلى الحرب الباردة في قتال دام يحصد ارواح السوريين فيما العالم لا يزال منشغلا في توصيف الحرب السورية لاعطاء المتقاتلين الوقت الكافي، بينما تعمل الدول الكبرى على رسم سيناريوهات ونهايات مختلفة للحرب الدموية هناك وفيما الولايات المتحدة تنتظر الفجوة المناسبة كي تفعل شيئا يتفق مع اخلاقيات الدولة العظمى واستراتيجيتها الجديدة القائمة على نصرة الشعوب والتخلي عن الانظمة الجامدة بما فيها الحليفة لها,وعلى الرغم من التوافق الروسي الاميركي على بقاء الاسد في هذه المرحلة الا ان مستقبل سوريا وتبعيتها اللاحقة هي ما يعني جميع الاطراف بغض النظر عمن سيكسب الحرب في نهاية المطاف.
روسيا تعرف قواعد اللعبة الاميركية تماما وتحدد خياراتها وكأن الحرب الباردة قد بدأت بالفعل,ولاول مرة في تاريخها تقترب روسيا من الانظمة العربية المعادية للتشدد والتطرف الديني أكثر من الولايات المتحدة، فالرياض اليوم اقرب لموسكو من واشنطن حين يتعلق الامر بالموقف من الجماعات التكفيرية والمتشددين الاسلاميين وخاصة في مصر، هذه الجماعات التي تريدها الولايات المتحدة ضمن قائمة عملاء السي اي ايه لتنفيذ اخطر مشروع يتهدد المنطقة,وروسيا تقرأ المزاج الرسمي العربي أكثر مما تكترث بردود الفعل الاميركية والغربية والميل الاوروبي الاميركي نحو مشروع تشغيل الاسلاميين كجنود وموظفين في الحرب الباردة المتوقعة مع روسيا
روسيا ستمنع انهيار سوريا بدوافع قومية أمنية واستراتيجية لا حرصا منها على نظام الاسد، ولن تسلم للغرب بقرار التدخل عسكريا ضد قوات الاسد ما لم تحصل بالمقابل على ضمانات مقنعة بان مكانتها السياسية في المنطقة لن تتزعزع، وبأن دورها الكامل لن يمس,والاهم من هذا وذاك حرصها على ان لا تنجح الولايات المتحدة في تجنيد الحركات الاسلامية والانظمة الاسلامية الصاعدة ضد الطموحات الروسية، فاذا كانت واشنطن نجحت في ثمانينات القرن الماضي واستخدمت الاسلاميين مقاتلين نيابة عنها في افغانستان لمواجهة الاتحاد السوفيتي في حرب استمرت لعشر سنوات وشكلت بداية سقوط النظام السوفيتي ومنظموته، فان موسكو ستفعل المستحيل هذه المرة حتى لا يتكرر التاريخ من جديد وتنجح واسنطن في تشغيل الاسلاميين ضدها في دول الثورات العربية.