الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو تعلّم واشنطن الجغرافيا؟

موسكو تعلّم واشنطن الجغرافيا؟

21.08.2016
راجح الخوري


النهار
السبت 20/8/2016
اذا كان لصحافي ان يقدم اقتراحاً الى رئيس دولة كبرى مثل روسيا، فلن أتردد في ان أقترح على فلاديمير بوتين ان يستبدل سيرغي لافروف وزير الخارجية باللواء إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية .
ليس لأن لافروف العبوس الذي لا يضحك إلا مع جون كيري أو ربما منه وعليه، لا ينجح في قيادة الديبلوماسية الروسية، بل لأن كوناشينكوف يملك موهبة ساخرة ومقذعة ومقنعة في الوقت عينه، وهو ما لم نلمسه في كل التراشق بالتصريحات بين لافروف وكيري، وأعتقد ان مخاطبة موسكو لواشنطن على خلفية التطورات في سوريا ، باتت تحتاج الى شيء من ذلك الذي سمعناه من كوناشينكوف.
عندما وصف الناطق باسم الخارجية الاميركية مارك تونر إستخدام روسيا قاعدة همدان الإيرانية لقصف اهداف في سوريا بأنه خطوة مؤسفة، وان واشنطن تبحث في ما اذا كانت موسكو تنتهك قرار مجلس الأمن رقم 2231 ، رد لافروف بالقول إن ليس هناك أي أساس لإعتبار قرار موسكو يمثل إنتهاكاً لقرار مجلس الأمن .
لكن الرد الصاعق في سخريته وخبثه السياسي جاء من كوناشينكوف الذي قال : ليس من عادتنا تقديم المشورة الى وزارة الخارجية الاميركية، ولكن من الصعب الإمتناع عن اعطائهم نصائح للتحقق من وجود المنطق والمعرفة بالوثائق الأساسية للقانون الدولي، والبدء بإختبار هذه المعرفة في قرار مجلس الأمن 2231 الذي يتحدث عن ضرورة الحصول على موافقة مجلس الأمن على "بيع" أو "نقل" أو "إستخدام" الطائرات المقاتلة داخل ايران. واذا كان هذا يعني وفقاً للنص ان ايران لم تخالف القرار الدولي، فإن كوناشينكوف مضى في مزيد من السخرية بقوله: كنا قد نصحنا في مرة سابقة ممثلي وزارة الخارجية الاميركية بأنه يتعين عليهم معرفة الجغرافيا جيداً، لإكتشاف ان سوريا دولة ذات سيادة وليست بينها وبين أميركا ترتيبات أو معاهدات ثنائية تسمح بقصف الاميركيين الاراضي السورية بالطائرات وبطائرات من دون طيار تقلع من قاعدة أنجرليك التركية!
منتهى السخرية في الرد على الخارجية الاميركية التي تعرف جيداً مستلزمات القرار 2231 ولكن يبدو انها تنهمك على سبيل التعمية في التراشق البياني مع الروس، على رغم ان الصورة تأخذ بعداً أعمق من ذلك بكثير، عندما يتكشف المشهد مثلاً عن ان باراك أوباما تعمّد منذ البداية دفع فلاديمير بوتين الى الوحول الدموية السورية، مراهناً على جعله يثير عليه العالم الإسلامي كله بدعمه النظام السوري.
روبرت مالي مستشار اوباما لشؤون الشرق الأوسط يقول في "فورين بوليسي" ما معناه ان جهود روسيا في سوريا تصب في الأهداف الأميركية، لكن موسكو هي التي تتحمل في النهاية أوزار أعمالها هناك!