الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو ودمشق تفتحان النار جواً وبراً على إدلب السورية… واتفاق بوتين – اردوغان أمام اختبار جديد

موسكو ودمشق تفتحان النار جواً وبراً على إدلب السورية… واتفاق بوتين – اردوغان أمام اختبار جديد

18.07.2020
هبة محمد



القدس العربي
الخميس 16/7/2020
دمشق – "القدس العربي" : بين رسائل التصعيد والصواريخ، عاشت محافظة إدلب شمال غربي سوريا خلال الساعات الماضية أجواء حرب أشاعها تصعيد النظام السوري وحليفه الروسي، ورغم القصف المتقطع والهدوء الحذر ضمن منطقة خفض التصعيد المعمول به برعاية واتفاق روسي- تركي منذ الخامس من شهر آذار/مارس الماضي، إلا أن 25 غارة جوية نفذها سلاح الجو الروسي مناصفة على محور "كبانة" في جبل الأكراد وريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى عشرات القذائف المدفعية والصواريخ تعيد فرضية التصعيد إلى الواجهة مجدداً، وتضع اتفاق الرئيسين بوتين- اردوغان حول الشمال السوري على محك الاختبار.
عمليات القصف الجوية والبرية المنفذة من قبل روسيا والنظام السوري على الشمال السوري، تركت أثرها مباشرة على مدنيي تلك المناطق، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومركزه لندن، إلى عودة حركة نزوح الأهالي مجدداً من مناطق وقرى جبل الزاوية في ريف إدلب جراء التصعيد الأخير، وذلك بعد مقتل رجل وطفله وإصابة ثلاثة آخرين في مدينة أريحا بقصف للنظام.
ويأتي التصعيد الروسي على ريف إدلب في جبل الزاوية في ريف إدلب، وكذلك على جبل الأكراد بعد انفجار استهدف دورية روسية- تركية مشتركة على الطريق الدولي إم- 4، أول أمس، من جانبه، دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية جديدة نحو الشمال السوري، وذلك بعد ساعات من تأكيد وزارة الدفاع التركية على استمرارية تسيير الدوريات المشتركة مع روسيا على الطريق الدولي في المحافظة، في إطار تعليقها على استهداف الدورية "21" بواسطة سيارة مفخخة.
في حين تحدثت مصادر محلية لـ "القدس العربي"، بأن الرتل العسكري التركي الجديد ضم عربات مدرعة وجرافتين، إضافة إلى معدات لوجستية، حيث من المتوقع توجه تلك التعزيزات نحو الريف الجنوبي من محافظة إدلب حيث تتواجد نقاط المراقبة التركية. وبذلك يصل عدد الآليات والشاحنات العسكرية التركية الواصلة إلى مناطق خفض التصعيد في الشمال السوري منذ شهر شباط/فبراير من العام الحالي إلى أكثر من 8020 شاحنة وآلية عسكرية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر 11 ألف جندي تركي.
الباحث في مركز جسور للدارسات عبد الوهاب عاصي، يرى أن استمرار عمليات استهداف الدوريات الروسية على الطريق الدولي إم-4، يرمي إلى زعزعة الثقة بالتعاون المشترك بين روسيا وتركيا، ويبدو أن الطرف المسؤول عن التفجير، يُعوّل على عودة التصعيد، كون وقف إطلاق النار المؤقت أو المستدام يؤثر على مصالحه في المنطقة. وبناء عليه يُمكن القول إن مسؤولية تنفيذ الهجمات تقع إما على خلايا تنظيم داعش أو التنظيمات الجهادية أو خلايا النظام السوري. وغالباً ما يعكس تصعيد روسيا عدم وجود هامش كبير يتيح لها انتظار تركيا لتنفيذ التزاماتها المتعلقة بتأمين منطقة الممر الأمني، فهي لم ترد على الهجوم الذي استهدف عربة روسية منتصف حزيران/ يونيو الماضي، على أمل أن تتمكن تركيا من تقويض هذه الأنشطة.
لكن التصعيد الأخير، وفق ما قاله "عاصي" لـ "القدس العربي"، ليس بالضرورة أن يؤدي لانزلاق نحو التصعيد وانهيار تفاهم موسكو، بقدر ما يُمكن أن تستخدمه روسيا كآلية جديدة للضغط على تركيا من أجل تقديم تنازلات والوصول إلى تصور نهائي حول مستقبل المنطقة. ويُمكن الاعتقاد بأن يتم تجميد عمل الدوريات مؤقتاً لحين اتخاذ تركيا الإجراءات اللازمة والبيئة الملائمة لاستئنافها، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون ضمن مدة زمنية طويلة، فروسيا مستعجلة لاستئناف الحركة التجارية على الطرق الدولية، وهذا لا يعني أيضاً تخفيض روسيا للتصعيد أثناء تلك المدة.
وطالب فريق "منسقو الاستجابة" الذي أدان قصف موسكو ودمشق لإدلب، الجهات المعنية بالشأن السوري كافة، العمل على إيقاف التصعيد شمال غربي البلاد، والسماح للمدنيين بالعودة إلى مناطقهم والاستقرار فيها، محذراً من عودة العمليات العسكرية إلى المنطقة وزيادة معاناة المدنيين. كما حذر "منسقو الاستجابة"، من عودة العمليات العسكرية وزيادة معاناة المدنيين، مؤكداً أن المنطقة غير قادرة على استيعاب أي حركة نزوح جديدة، خاصة في ظل تسارع انتشار فيروس كورونا المستجد- كوفيد 19، وعدم قدرة المخيمات على مواجهة تفشي الوباء.
ويندرج التصعيد العسكري من قبل النظام السوري وروسيا على إدلب، وفق ما قاله الباحث السياسي "رشيد الحوراني" لـ "القدس العربي"، ضمن السلوك الروسي الضاغط على الأطراف كافة في آن واحد، فموسكو التي تنظم لقاءات مع سوريين من أطياف مختلفة علويين وسنة تضغط على النظام الذي تحميه، وترسل له برسالة أنه بالإمكان الاستغناء وإيجاد البديل عنه.
كذلك تمارس ضغوطها على إيران والتلويح بورقة فتح الأجواء لاستهداف ميليشياتها المتمركزة في سوريا، ولي ذراعها في درعا جنوبي سوريا على يد الفيلق الخامس المدعوم مباشرة من قبل قاعدة حميميم الروسية، وتعتقد روسيا في الوقت ذاته، أن الضغط على الجانب التركي يماثل الضغط على الطرفين السابقين، إذ أن موسكو غير قادرة على فتح معركة في شمال غربي سوريا في الوقت الراهن لأسباب عسكرية واقتصادية.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول، بأن روسيا تعتمد خيار التصعيد للحصول على تنازل من الجانب التركي خاصة أن السياسة التركية نجحت في كبح جماحها في ليبيا وتخشى خوض معركة واسعة معها في إدلب، وأيضاً وجهت تركيا صفعة قوية للجانب الروسي بإقرار القضاء التركي إعادة متحف آيا صوفيا كـ "مسجد"، كونه كان كنيسة للرعية الأرثوذكسية التي تعتبر روسيا ممثلاً ومرجعاً لها.