الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو وطهران: أيّ الاحتلالين يفضّل المسيحيون والعلويون؟

موسكو وطهران: أيّ الاحتلالين يفضّل المسيحيون والعلويون؟

14.11.2015
حسان القالش



الحياة
الخميس 12/11/2015
يبدو أن الروس سيتفوقون على الإيرانيين في مستوى قبولهم وشعبيتهم بين الأوساط المؤيدة للاحتلال. فالبُعد الديني - المسيحي الذي تعمدت روسيا إضافته في شكل واضح ومباشر إلى تدخّلها، والذي لا يقتصر على مخاطبة الداخل الروسي فقط، بل مخاطبـــة الحساسية الغربيّة تجاه قضايا المسيحيين ومصيرهم في المشرق، يكتسب طابعاً شبه دوليّ، يختلف عن البُعد المذهبي للتدخل الإيراني.
الأمر الذي يجعل مسيحيي المنطقة الخائفين والمؤيدين للأسد يفضّلون روسيا على إيران، بخاصة أن الادعاء الروسي حماية المسيحيين أكثر قبـــولاً وتصديقاً من الادعاء الإيراني الخجول وغير المباشر.
في المقابل، يلوح أنّ شكلاً من أشكال الصّدام سيحصل بين الروس والإيرانيين في الداخل السوري، ما سيؤدّي إلى إعادة التفكير بـ "العُقدة العلويّة" في سورية من جديد. فعلى رغم رضا معظم العلويين عن نجاحات إيران وحزب الله، فإنهم لا يخفون خشيتهم على هويّتهم الاجتماعية والدينيّة من نشاط التبشير الشيعي الإيراني الذي بدأ منذ ما قبل الثورة السوريّة بكثير. فعدا الاختلاف الكبير بين البيئتين الاجتماعيتين، هناك الاختلاف في العقيدة بين الشيعة والعلويّين، والذي يصل عند بعض علمائهم إلى مستوى يقارب التكفير والتبرّؤ، وهذا ما لا يدركه كثر من السوريين وكثر من مدّعي المعرفة بالشأن السوري.
وواقع كهذا لا يؤهّل إيران لتنصيب نفسها حامية للعلويّين. ذاك أنّ من شروط حماية الجماعات، لا سيّما الأقليّات، أن يتمّ ضمان استمرار وجودها كما هي، واحترام عقائدها ومجتمعاتها. وهذا ما ليس في وارد إيران تجاه العلويّين، الذين قد يجدون أنفسهم في مرحلة ما مضطرين لمقاومة الإيرانيين، كما سبق لهم أن فعلوا في ظروف أقسى عندما قاوموا التبشير البروتستانتي نهاية القرن التاسع عشر، وأظهروا رغبة نسبيّة في اندماجهم ضمن الدولة العثمانيّة.
وبهذا، قد تكون روسيــا المؤهلة الوحيــدة اليوم لادّعاء حماية العلويين الذين لم يـسبق لهم في تاريخهم أن كانوا موضــوعــاً لأي حماية أجنبيّة، بخاصّة أنّ العلاقات الروسيّة الإسلاميّة التاريخيّة المعقّدة أظهرت في كثير من المناسبات تفضيل روسيا السماح للمسلمين التابعين لها بالإبقاء على معتقداتهم وعاداتهم والامتناع عن التبشير بينهم.
ولئن كان هذا خبراً ساراً ربّما للعلويين، كجماعة، إلاّ أنّه ليس كذلك بالنسبة الى السوريين كجماعة وطنيّة، خصوصاً أولئك الذين ترفّعوا عن إيجاد الحلول للعقدة العلويّة. بيد أنّ التفاؤل الحذر في هذا السياق يكمن في أنّ إيران لن تكون مرتاحة في احتلالها سورية في وجود شريكها الروسي. على أنّ التفاؤل ينتظر من يبني عليه، وإن كان الأمل بذلك أشبه بالسّراب.