الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو وقنبلة الفيديراليّة السوريّة

موسكو وقنبلة الفيديراليّة السوريّة

06.03.2016
سميح صعب


النهار
السبت 5-3-2016
لأن روسيا تدرك ان اتفاق وقف الأعمال العدائية وحده لن يكفي لنقل سوريا من مرحلة الحرب الى مرحلة البحث عن حلول سياسية واقعية لأزمة تدخل عامها السادس بعد أيام، ذهبت موسكو الى حدود الاعلان انها لا تمانع في قيام "جمهورية فيديرالية" في سوريا اذا ما قرر السوريون أنفسهم ذلك.
وتطرح روسيا الفيديرالية وهي متيقنة من أن المعارضة السورية وداعميها من تركيا الى السعودية سيرفضون ذلك، لأن الفيديرالية اذا ما طبقت في سوريا لن تقف عند الحدود السورية. فكل دول المنطقة التي تضم أقليات دينية أو عرقية ستكون مرشحة لتطبيق هذا النموذج لديها. ومع ذلك فإن الغاية من الاعلان الروسي تبدو كأنها اعلان عن المدى الذي يمكن ان تذهب اليه موسكو في البحث عن حلول للأزمة السورية وللتأكيد ان العمليات العسكرية الروسية لن تكون السياسة الوحيدة المعتمدة للانتقال بسوريا الى مرحلة البحث عن حلول.
وقبل ان تطرح روسيا الفيديرالية زادت أوراق القوة لديها في سوريا. فهي التي أقنعت واشنطن بالذهاب الى اتفاق وقف الأعمال العدائية باعتباره الاختبار الحقيقي الاول للأطراف السوريين الراغبين في الخروج من الحرب، وباعتبارة يحصن المواجهة مع التنظيمات الجهادية التي صارت الأولوية لمحاربتها في سوريا بعدما كانت أولوية واشنطن في الاعوام الماضية اسقاط النظام السوري. وهنا يبرز الخلاف منذ فترة بين أولويات واشنطن من جهة وأولويات السعودية وتركيا من جهة أخرى.
هذا المسار الجديد للأزمة السورية كان لروسيا اليد الطولى في ارسائه واقناع واشنطن به على رغم كل الحديث عن البدائل من الهدنة الحالية والتهديدات باجتياح بري لسوريا بقيادة أميركية ومشاركة الدول السنّية المنضوية في التحالف ضد الارهاب الذي أعلنته الرياض.
ومثلما قادت روسيا سوريا الى الهدنة، فإنها هي التي تتولى الان عملية المصالحات على الأرض وتشجع النظام على اتخاذ خطوات من شأنها دفع سوريين كثيرين خرجوا على الدولة، الى العودة بالمصالحة وليس بالنار. لكن الدور الروسي الناشط عسكرياً وديبلوماسياً لا يلقى قبولاً من أطراف اقليميين يرون أنهم سيخرجون خاسرين من سوريا وفي مقدمهم تركيا والسعودية ومعهما أطياف المعارضة المدعومة من هاتين الدولتين. وهذا ما يجعل المهمة الروسية - الأميركية أصعب من غير ان يوقفها.
ففي جعبة روسيا الكثير من الخيارات العسكرية والسياسية للحفاظ على مصالحها في سوريا حتى لو اقتضى الأمر الدخول في حرب أوسع. وآخذة في الاعتبار مثل هذا التصميم الروسي، تجد أميركا نفسها أمام خيار مجاراة الدور الروسي وليس مواجهته. أما الذين لا يريدون حلاً سياسياً في سوريا، فإن موسكو ألقت في وجوههم القنبلة الفيديرالية.