الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو .. تورط في المسألة السورية

موسكو .. تورط في المسألة السورية

05.06.2013
اليوم السعودية


اليوم السعودية
الاربعاء 5/6/2013
أشياء كثيرة في الصراعات السياسية مبررة، لكن في المسألة الروسية السورية، تأخذ الأمور بعداً أكثر مأساوية إلى درجة التورط الروسي المتهور في المسألة السورية والولوغ المتعمد في الدم السوري.
كان يمكن أن تعالج روسيا المسألة السورية من منطلق علاقات التحالف السياسي مع نظام بشار الأسد، لكنها الآن تتمادى إلى درجة الالتحام العضوي مع النظام والدفاع عن جرائمه باستماتة وتهور، حتى بدت موسكو وكأنها المخطط للمذابح التي نفذها الأسد وميلشيات إيران ضد السوريين، وحتى يتساءل المرء: ما المبرر لهذا الحقد الروسي ضد الشعب السوري؟ وما السر في أن تجعل موسكو نظام الأسد قدراً روسياً، ويشغل المسئولون الروس أنفسهم، ويصابون بالحمى وتنتباهم لوثات حينما يتطرقون للمسألة السورية، ويفقدون القدرة على التحكم في ألسنتهم؟ وكأن بقاء موسكو نفسها مرتبط بحياة نظام الأسد، وهو أمر لم يفعله حكام موسكو حتى حينما كانت إمبراطوريتهم تتهاوى، في نهاية القرن الماضي، وحتى حينما كانت الاضطرابات تهز روسيا نفسها. أمس اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثوار السوريين بأنهم يقطعون الرؤوس ويأكلون لحوم البشر، وطبعاً هذا المستوى من اتهام الشعب السوري لا يليق بأن يتلفظ به رئيس شركة وليس رئيس دولة، رغم أن الوقائع التي يقصدها وتحدث عنها الرئيس بوتين كثير منها من اختراعات وتأليفات نظام الأسد ورعاته في طهران، وربما تشارك موسكو في صناعتها كي يستشهد بها الرئيس بوتين في مؤتمراته، وحتى لو كانت صحيحة، فإنها حتماً فردية، ولا يليق بالرئيس الروسي أن يصم الملايين الثائرة من الشعب السوري بهذه الاتهامات الخرقاء المتهورة، وإذا كان يليق أن تصم شعوب بتصرفات فردية شاذة، فإن لدى الأفغان ولدى الشيشانيين الكثير من القصص المقززة عن ارتكابات الجنود الروس، لكننا لا نعاني لوثات الحقد والانتقام، لنصم الشعب الروسي بسلوكيات فردية شاذة يمكن أن تحدث في أي مكان من العالم، وسجلات الشرطة الروسية لابد أنها توثق كثيرا من الأعمال الإجرامية الشاذة ارتكبت في شوارع موسكو، وحينما يتحدث الروس عن عنف المعارضة السورية، وينسجون منها قصصاً مهولة في المنتديات والتلفزيونات، ربما يستلهمون شكوكهم من شخصيات قادة روس مثل إيفان الرهيب، وستالين وغيره، ارتكبوا الفظائع بحق شعوبهم ومعارضيهم، ملأوا صفحات التاريخ والمنافي وبالدم والجثث والنواحات، ومع ذلك من غير اللائق تحميل الشعب الروسي أوزار هؤلاء رغم أنهم من قادة ويتصرفون باسم روسيا وشرفها، والاستماتة الروسية في الدفاع عن نظام بشار الأسد وتبرير جرائمه والدفاع عن فظائعه، جعلت الشعوب العربية تشك في قدرة القيادة الروسية على التصرف الحكيم، وإدارة الأزمة بروح الرشد لا بسوداوية الحقد والانتقام، مع أن الشعب السوري لم يمس سوريا بأي سوء، وبقي عقوداً طويلة من الزمن يظن أن روسيا صديقة للسوريين وملاذاً لهم، قبل أن تنحاز موسكو إلى عصابات القتلة وميلشيات التطهير العرقي في سوريا.