الرئيسة \  تقارير  \  ناشونال إنترست: قمة بايدن للديمقراطية خانت مصالح الولايات المتحدة

ناشونال إنترست: قمة بايدن للديمقراطية خانت مصالح الولايات المتحدة

19.12.2021
السياق


ترجمات - السياق
السبت 18/12/2021
سلَّطت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية، الضوء على قمة الديمقراطية التي عقدها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي، قائلة إن إدارته جمعت مشاركين مما يزيد على 100 دولة، في قمة من أجل الديمقراطية للحديث في ثلاثة مواضيع: الدفاع ضد الاستبداد، ومحاربة الفساد، وتعزيز احترام حقوق الإنسان.
وأشارت المجلة، في تقرير، إلى تحذير بايدن في الخطاب الافتتاحي للقمة، من خطورة التراجع الديمقراطي وسط تهديد الاستبداد المتزايد، ونقلت عنه قوله: "نحن نقف عند نقطة انعطاف في تاريخنا، فهل نسمح بانزلاق الحقوق والديمقراطية إلى الوراء من دون رادع؟ هل تكون لدينا رؤية ونتحلى بالشجاعة لقيادة مسيرة التقدم البشري وحرية الإنسان مرة أخرى؟".
وأكد الرئيس الأمريكي أن "الديمقراطية لا تحدث مصادفة، لكن يجب تجديدها مع كل جيل".
غضب بكين
وقالت "ناشونال إنترست": "بايدن أدلى بهذه الكلمات، من دون الإشارة صراحةً إلى سياسة واشنطن الخاصة بالمواجهة القائمة على القيم مع الصين وروسيا، لكنه ندد بالضغط الخارجي من الحكام المستبدين، الذين يسعون إلى تعزيز سلطتهم، وتصدير وتوسيع نفوذهم في جميع أنحاء العالم، وكذلك تبرير سياساتهم وممارساتهم القمعية، باعتبارها أكثر فعالية لمواجهة تحديات اليوم".
وأشارت المجلة، إلى أن قرار إدارة بايدن بدعوة تايوان كمشارك أثارت غضب بكين، حيث اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، واشنطن باستخدام الديمقراطية "كغطاء وأداة لتعزيز أهدافها الجيوسياسية، ولقمع الدول الأخرى، وتقسيم العالم وخدمة مصالحها".
ووفقاً للمجلة، فإن القمة تُعقد في سياق الحملة التي تقودها الولايات المتحدة، لفرض مقاطعة دبلوماسية للألعاب الأولمبية الشتوية المقبلة في بكين، مستشهدة بـ"الإبادة الجماعية المستمرة والجرائم ضد الإنسانية في شينجيانج وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى"، وهي المقاطعة التي انضمت إليها حتى الآن كندا وأستراليا وبريطانيا.
الحرب الباردة
ولفتت المجلة، إلى مقال رأي مشترك نُشر في موقعها الإلكتروني، شجب فيه سفيرا روسيا والصين لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنتونوف وكين جانج، القمة باعتبارها تجسيداً لـ"عقلية الحرب الباردة"، قائلة إن المقال دعا الولايات المتحدة إلى التوقف عن استخدام "الدبلوماسية القائمة على القيم" كأداة للانقسام والمواجهة، وتابع المقال: "لا داعي للقلق بشأن الديمقراطية في موسكو وبكين، ومن الأفضل لبعض الحكومات الأجنبية أن تفكر في نفسها وما يحدث داخلها".
وتابعت المجلة: "بخلاف هذه الصدمة المتوقعة من الخصوم الجيوسياسيين الرئيسيين لواشنطن، أثارت القمة الجدل بين الحلفاء الأمريكيين أنفسهم، إذ لم تتلق المجر، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، دعوة، الأمر الذي قوبل بشكل سلبي من بعض النقاد المجريين لرئيس الوزراء فيكتور أوربان، ويجادلون بأن عدم دعوة البلاد، لن يؤدي إلا إلى عزل بودابست عن الغرب، وتفاقم الاتجاهات الاستبدادية التي كان المقصود من استبعاد المجر التصدي لها".
توترات جيوسياسية
وأضافت "ناشونال إنترست": رغم اعتبار أن سلوك أوربان الاستبدادي المزعوم، جعله غير مؤهل لحضور القمة، فقد تلقت كييف دعوة للحضور، رغم الرقابة المستمرة التي يمارسها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على وسائل الإعلام المعارضة، وملاحقة السياسيين المعارضين، والقيود المفروضة على الصحفيين الأجانب.
ونقلت المجلة عن وكيلة وزارة الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان عزرا زيا قولها: "هذه القمة لا تتعلق بالانحياز إلى أي طرف، ولا يُقصد منها أن تكون مثيرة للانقسام أو معاداة أي جهة، لكنها تتعلق بجدول أعمال إيجابي لدى الديمقراطيات الأخرى للقيادة باعتبارها قدوة، وللتعلم من بعضنا، ولإظهار كيف ولماذا تعمل الديمقراطيات على تحقيق مصالح شعوبها".
ورأت المجلة أنه رغم ذلك، فإن الخبراء يشعرون بالقلق من أن تصنيف البلدان حسب العلامات القائمة على القيم، يمكن أن يؤدي إلى توترات جيوسياسية، وفي حالة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنه يعرِّض بلادًا مثل إندونيسيا وكوريا الجنوبية، للانتقام الاقتصادي أو السياسي الصيني.
 غير ديمقراطية
وقالت المجلة، إن النقاد والمعلقين ومراكز الأبحاث، التي تتفق بخلاف ذلك مع مفهوم تعزيز القمة للقضية العالمية للديمقراطية، انتقدت طريقة تنظيمها، إذ أشارت مديرة التحالف من أجل ضمان الديمقراطية في صندوق مارشال الألماني، لورا ثورنتون، إلى أن عملية اختيار المشاركين في القمة من أجل الديمقراطية كانت غير ديمقراطية على الإطلاق، ووصفتها بـ"المفارقة"، لأنه لم يكن هناك أي شكل من أشكال الشفافية في الإجراءات.
ورصدت ثورنتون عدداً من الدعوات التي رأت أنها محل شكوك، إذ دُعيت جمهورية الكونغو الديمقراطية الاستبدادية، بينما لم تُدع حكومة بوليفيا الديمقراطية، كما تساءل آخرون عن المنطق الكامن وراء دعوة باكستان، التي لم تحضر، وعدم دعوة سريلانكا أو سنغافورة، رغم أن سجلهما أعلى بكثير في مؤشر الحرية العالمية التابع لمؤسسة فريدوم هاوس.
ولفتت المجلة، إلى أن المراقبين يرون اتجاهاً مقلقاً في عمليات الاستبعاد هذه، إذ صُنِّف أكثر من 30% من المدعوين للقمة البالغ عددهم 110 من قبل "فريدوم هاوس" بأنهم "دول حرة بشكل جزئي فقط".
من جانبه، حذر الأستاذ في الجامعة الأمريكية جيمس جولدجير، الأستاذ بجامعة ديوك بروس جينتلسون، من أن إرسال الدعوات إلى الأنظمة الاستبدادية بشكل جزئي، قد يؤدي إلى تعزيز التصور بأن فريق بايدن لا يهتم باتجاهاتهم غير الديمقراطية، ما يسهل، عن غير قصد، التراجع الديمقراطي الذي تهدف القمة إلى التصدي له.
وفي المقابل، يجادل النقاد المؤيدون للمهمة الأساسية للقمة، بأنه كان من الممكن تقديمها بشكل أفضل، من خلال نهج أقل تمحوراً حول الدول، وبدلاً من ذلك، تنظيم الحدث عن قادة المجتمع المدني والنشطاء من الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية.
وحسب المجلة، فإن إدارة بايدن وصفت القمة بأنها فرصة للحشد العالمي للديمقراطيات المتحدة حول قيم ورؤى مشتركة للمستقبل، لكن ما ظهر بدلاً من ذلك كان كعلاقة خاطئة من الناحية الاستراتيجية، كما أنها مشكوك فيها على المستوى الأخلاقي.
ونهاية تقريرها، قالت المجلة إن مؤتمر القمة من أجل الديمقراطية، أخرج أسوأ ما في عالم السياسة، ما أدى إلى التشويش على القيم الأمريكية وإظهار تناقضاتها الصارخة، فضلاً عن خيانة المصالح الوطنية الأساسية للبلاد، بسبب العديد من الاستفزازات التي لم يكن هناك داعٍ لها.